أجرى وزير الخارجية الجزائري السيد عبدالعزيز بلخادم جولتين من المحادثات مع نظيره المغربي السيد محمد بن عيسى أمس في الرباط. وقالت مصادر متطابقة إنهما عرضا العلاقات الثنائية وبناء الاتحاد المغاربي والبحث في مقاربة جديدة لتطبيع علاقات البلدين الجارين. واجتمع رئيس الوزراء المغربي السيد ادريس جطو مع الوزير بلخادم، في خطوة تفيد بإمكان حصر نقاط الخلاف والاتفاق بين البلدين. في حين ان العاهل المغربي الملك محمد السادس سيجتمع اليوم مع المسؤول الجزائري، الذي قال إنه يحمل رسالة "ود وإخاء" من الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة إلى العاهل المغربي. وصرح بأن بلاده عازمة على توطيد العلاقات مع المغرب و"نتوقع كل خير". وأضاف ان الاتصالات جارية لتأمين عقد قمة بين زعيمي البلدين في وقت قريب، في اشارة إلى مساع يقودها الرئيس الفرنسي جاك شيراك لعقد قمة بين الملك محمد السادس والرئيس بوتفليقة على هامش القمة الفرنسية - الافريقية التي تستضيفها باريس في التاسع عشر من الشهر الجاري. لكن الوزير بلخادم أشار إلى وجود عوائق "لم نتمكن من حلها خلال العشرية الأخيرة". وسُئل عن مسار علاقات الرباطوالجزائر في ضوء اقتراح الوسيط الدولي جيمس بيكر لحل قضية الصحراء، فأجاب ان تمتين علاقات البلدين هاجس قائم "قبل بيكر وبعده". ووصف العلاقات بأنها إنسانية وتاريخية. لكن وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى قال: "نسعى إلى ايضاح القضايا كافة وما استطعنا حله أهلاً وسهلاً"، في اشارة إلى الإفادة من نقاط الاتفاق وترك القضايا العالقة إلى أجل آخر، لكنه شدد على التأكيد "اننا سنبقى على روح التشاور للبحث في القضايا كافة". وعبر عن تفهم بلاده لمناطق الظل في العلاقات المغربية - الجزائرية، في اشارة إلى قضية الصحراء وسريان مفعول اغلاق الحدود والموقف من الحركات الإسلامية والاتهامات المتبادلة حول استخدام أراضي البلدين. لكن الوزير بلخادم ترك الانطباع بإمكان تسوية قضية الحدود، حين قال إنها "ليست بالأهمية" التي تعطى لها، و"يكفي أن نتفق". إلى ذلك، رأت مصادر ديبلوماسية في حرص السفير الجزائري في الرباط السيد بوعلام بسايح على دعوة زعماء الأحزاب السياسية المغربية وفعاليات عدة إلى حفل عشاء أمس في حضور الوزير بلخادم بادرة انفتاح ازاء المغرب، بخاصة في ضوء المواقف المتشددة ازاء قضية الصحراء. لكن الجزائر تعول على فتح صفحة جديدة في العلاقات مع المغرب تبدأ من اعتبار فكرة تقسيم الصحراء حدث تجاوزه الزمن، خصوصاً أن الجزائر لم تلجأ هذه المرة إلى رفض اقتراح الوسيط الدولي جيمس بيكر كما في وقت سابق، وإن كانت جبهة "بوليساريو" التي تحظى بدعم جزائري رفضت الاقتراح. ويسود اعتقاد أن الوساطة الفرنسية في قضية الصحراء أثمرت بعض التفاهم، أقله البحث في معاودة تطبيع علاقات البلدين وترك قضية الصحراء جانباً طالما انها من اختصاص الأممالمتحدة. وكانت الرباط أبدت في وقت سابق مزيداً من التشدد حيال بدء معاودة الحوار المغاربي ما لم يتم الاتفاق على دعم جهود الأممالمتحدة لتسوية نزاع الصحراء. وكان ذلك سبباً في ارجاء القمة المغاربية التي كانت ستستضيفها الجزائر صيف العام الماضي، إذ رفض الملك محمد السادس حضور القمة. لكن وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى شارك في أعمال مؤتمر وزراء الخارجية المغاربيين في الجزائر قبل نهاية العام، وأكد الفرص المتاحة لمشاركة العاهل المغربي في القمة المغاربية المرتقبة. بيد أن هذه التطورات ستظل رهن نجاح المساعي الفرنسية بارتباط مع دخول الطرف الأميركي على خط الاهتمام بتوازنات منطقة الشمال الافريقي.