يعتقد رئيس الوفد التفاوضي الخليجي، نائب وزير المال السعودي، الدكتور جبارة الصريصري، ان قيام الاتحاد الجمركي الخليجي مطلع السنة الجارية، سيكون حافزاً لتعميق التجربة الاندماجية الاقليمية، ويعزز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب. يرى الدكتور جبارة الصريصري ان الاتحاد الجمركي يمثل "نقلة نوعية" في علاقات دول المجلس التي أرادت الاستفادة من تجربة الوحدة النقدية الأوروبية والاستعانة بها من أجل تحقيق وحدة نقدية خليجية. وتحدث الدكتور الصريصري الى "الحياة" على هامش اجتماعات اللجنة المشتركة الخليجية - الأوروبية منتصف الاسبوع الماضي في العاصمة البلجيكية، بروكسيل. وفي ما يأتي نص الحوار: ما هي فوائد الاتحاد الجمركي الخليجي بالنسبة لرجال الأعمال الخليجيين والأجانب؟ - يمثل الاتحاد الجمركي الخليجي نقلة نوعية في العلاقات الاقتصادية والتجارية، والسياسية أيضاً، بين دول مجلس التعاون الخليجي. كما يمكن اعتباره نقلة نوعية في العلاقات العربية - العربية، اذ انه سابقة في التعاون الجمركي وتجربة رائدة نأمل أن تستفيد منها الدول العربية. ويوفر الاتحاد الجمركي الخليجي، الذي بدأت دول المجلس تنفيذه مطلع السنة الجارية، فوائد كبيرة لأوساط الأعمال والمستثمرين، حيث انه يضع اقتصادات البلدان الست في بوتقة واحدة. فقد أصبحت الضريبة موحّدة على كل السلع التي تُستورد من الأسواق العالمية، لتتحول الى سلعة واحدة بمجرد ان تكون تجاوزت إحدى نقاط الجمارك الخليجية. لذلك فان الاتحاد سيكون عنصر اندماج إضافي ويزيد فرص الاستثمار، ويجعل كل رجل أعمال في أي دولة من دول مجلس التعاون، عندما ينتقل من دولة الى أخرى فيه، يشعر وكأنه ينتقل من مدينة الى أخرى داخل البلد الواحد. ويَعلم المستثمر الأجنبي والمصدّر الأجنبي الآن ان السلع والخدمات التي يصدّرها الى دول الخليج، سيتم نقلها بحرية عبر البلدان الأخرى أعضاء مجلس التعاون، ما يمثل حافزاً قوياً سيعزز ثقة المستثمر الأجنبي في البيئة الاقتصادية الخليجية. كذلك، ان الاتحاد الجمركي يقوي دول مجلس التعاون ويجعلها بمثابة الكتلة الموحدة في مفاوضاتها مع العالم. ما هي المراحل الاندماجية المقبلة بعد تحقيق الاتحاد الجمركي؟ وماذا عن هدف الوحدة النقدية؟ - ان قيام الاتحاد الجمركي يعكس وجود رغبة حقيقية تدفع المسار الاندماجي حتى تزول الفروقات بين مواطني بلدان مجلس التعاون. وهناك تطلع حقيقي في المنطقة لإنجاز هدف العملة الموحدة في 2010. ويقتضي هذا التحدي الكبير عملاً مشتركاً طويلاً. وكانت الأمانة العامة لمجلس التعاون استضافت خبراء البنك المركزي الأوروبي في الرياض لعرض تجربة الوحدة النقدية الأوروبية ومراحل ولادتها ونضجها وتحقيق هدف عملة اليورو. وقد أثرنا في اجتماع اللجنة المشتركة الخليجية - الأوروبية يومي 28 و29 كانون الثاني يناير في بروكسيل مجالات التعاون والاستفادة من تجربة الوحدة النقدية الأوروبية التي تمثل نموذجاً يُحتذى به. وسيُعد البنك المركزي الأوروبي ورقة عمل عن ظروف وشروط وآليات قيام الوحدة النقدية الخليجية. بصفتك خبير اقتصادي، هل تعتقد ان هدف العملة الخليجية صعب التحقيق، أم أنه حلم لن يتحقق نظراً الى الأوضاع في المنطقة؟ - هذا حلم صعب التحقيق وهدف ممكن في الوقت نفسه. فقد تحققت الوحدة النقدية في أوروبا وفي مناطق أخرى. وعلى رغم الفروقات في النمو وما هنالك من اعتبارات تميّز بين التجربتين الأوروبية والخليجية، إلا انه ليس هناك أي مبرر يجعل البلدان الخليجية غير قادرة على تحقيق وحدتها النقدية. فعدد دول مجلس التعاون واقتصاداتها متشابهة الى حد كبير، ما سيساعد على إنجاز هدف العملة الواحدة. ونحن متفائلون طالما الرغبة السياسية متوافرة. هل يساعد الاتحاد الجمركي، بعد قيامه مطلع السنة الجارية، مفاوضات التبادل التجاري الحر التي طال أمدها أكثر من عشرة أعوام. - أود التأكيد ان هدف تحقيق الوحدة النقدية تم برغبة صادقة وقوية من قبل قادة مجلس التعاون الخليجي وبمعزل عن الاتحاد الأوروبي أو أي جهة أخرى. ولكن من دون شك، ان الاتحاد الجمركي سيشجع على تقدم المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي. فمن المهم ان تكون لنا تعرفة جمركية موحدة إزاء العالم الخارجي. هذه المفاوضات طال أمدها أكثر من أي مفاوضات اخرى للاتحاد مع أي طرف خارجي آخر. فما هي القضايا المتبقية، ويبدو أنها لا تزال كثيرة؟ - اجتماعات هذه الدورة لم تكن تفاوضية، وانما للتحضير لاجتماع المجلس الوزاري المشترك في الثالث من آذار مارس المقبل. ومن جانبنا، نتمنى إنهاء المفاوضات التجارية في وقت قصير. لكن المفاوضات التجارية هي بطبيعتها صعبة ومعقدة وترتبط بعوامل عدة. والمهم اننا في العامين الأخيرين، أحرزنا تقدماً كبيراً. ونحن متفائلون بإنهائها في المستقبل القريب. الآن، أصبحت الظروف الاقتصادية صعبة والمنافسة مفتوحة. وقد غطّينا حتى الآن العديد من قوائم السلع، باستثناء عدد صغير منها له طابع حساس، وكذلك بعض المواد التي تحكم الاتفاقية وتتعلق بقضايا الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية وتحرير قطاع الخدمات وحل المنازعات. هل تتفق مع بعض الأوروبيين في تكهناتهم بان المفاوضات لن تنتهي العام الجاري؟ - التجربة تعلّم أنه من الصعب التكهن بالوقت المحدّد لإنهاء المفاوضات. وما أريد تأكيده هو اننا سنبذل ما في وسعنا لإحراز أكبر قدر من التقدم. وهناك اتفاق مع الأوروبيين لعقد جولة تفاوضية مرة كل ثمانية أسابيع. ولقاؤنا المقبل سيكون غداة اجتماعات المجلس المشترك لوزراء الخارجية في 3 آذار مارس في الدوحة.