أنشغل في يومي، أقابل الصحاب، أضحك وأناقش... بيد أنني في لحظة واحدة، لحظة شعوري بغيابك، أشعر بأن كل شيء يضيع. كل شيء يغدو عديم النفع عند إحساسي بأنني لن أستطيع رؤيتك والكلام معك. أستغرب ذلك من نفسي. لا أحب لها هذا الانشغال الشديد بك. ولا أنت تحبه كما أظن. لا أجد قيمة لشيء بغيابك، ولكل شيء قيمته حين تكون بجانبي. لم أخاطبك بحسب موعدنا. ولم أخاطبك طالما أنك معي طوال اليوم. لم آت لمقابلتك قبل رحيلك، ولم أجئ طالما أنني أراك في كل مكان. بعيدان أنت وأنا. تحمل قلبي وترحل. أصبح الشعور ببعادك ظلي الدائم... لا يمكن أحداً أن يقترب مني. بعيدة إلا عنك. تحيط بي زهور ووجوه وحركة وزحام ويحرك النسيم الأوراق الهشة، فتهتز تحت وطأته مسحورة ولا أرى ولا أسمع. بدأت علائم نسيانك تجتاحني. وها أنا أتناساك شيئاً فشيئاً، وقد تأتي وتكلمني فلا أتعرف إليك، وقد أشاهدك في الطريق فلا أستطيع تمييزك. فعد لتتدارك الأمر. أنتظر عودتك بصبر صاغر إجباري لا فضل لي فيه. هل أرغب حقاً في وجودك؟ أسير في زحام المدينة وتحت سياط شمسها، أتنشق غبارها ويتراكض من حولي المنتفعون ويحمر وجهي من الرفض وأشعر بالحرج من ضعفي وتقتلني مشاعري وأندم ولا أتوقف. يرافقني صديق تضيء عيناه عند رؤيتي، يدور حولي وأنساه ولا أكف عن الدوران حول ذاتي. لا أستأهلك ولا تستأهلني. لا أحبك ولا تحبني. فتابع رحيلك ولا تكذب علي من جديد. هل تقرأ يومياتي هذه؟ هل تصدق كذبي هذا؟ ملاحظة: "لا أحد يعرف أنها يوميات مزيفة. ما من أحد يستطيع أن يتصور إلى أي حد يمكن أن يكذب المرء عن مشاعره... ما من كائن بشري لا يستطيع أن يكون شريفاً كفاية لكي يصبح مزيفاً كلياً... من مذكرات إيتسوكو في رواية "عطش الحب" ليوكيو ميشيما.