تسارعت وتيرة التصعيد العسكري الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة مع اقتراب ساعة الصفر للحرب الاميركية على العراق. وارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في اقل من 12 ساعة الى 14 شهيدا، سقط 11 منهم في مدينة غزة وواحد في رفح واثنان في مدينة نابلس بالضفة الغربية في عمليتين عسكريتين واسعتي النطاق اسفرتا عن اصابة العشرات بجروح مختلفة واعتقال آخرين. وردت "حركة المقاومة الاسلامية" حماس التي فقدت عددا كبيرا من مقاتليها خلال اليومين الماضيين باطلاق اربعة صواريخ من طراز "القسام" على موقع داخل اسرائيل. تنفيذا لتهديدات وزير الدفاع الاسرائيلي شاؤول موفاز ارتكبت قوات الاحتلال الاسرائيلي مجزرة جديدة في مدينة غزة امس، راح ضحيتها 11 شهيدا ونحو 17 جريحا ودمر خلالها عدد من المنازل والورش الصناعية والسيارات والبنى التحتية. وجاء الهجوم، الذي شاركت فيه عشرات الدبابات والاليات العسكرية والطائرات المروحية، حلقة جديدة في سلسلة الهجمات والاعتداءات الاخيرة التي اعقبت تهديدات موفاز بتوجيه "ضربات قاسية" ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس في القطاع، في اعقاب تدمير دبابة اسرائيلية السبت الماضي ومقتل الجنود الاربعة الذين كانوا فيها. وسقط ثلاثة من الشهداء جراء اصابتهم بشظايا صاروخ اطلقته مروحية اسرائيلية من نوع "اباتشي" اميركية الصنع في اتجاهم، فيما سقط ثلاثة اخرون تحت انقاض منزل نسفته قوات الاحتلال فوق رؤوسهم، من بينهم شقيقان. والشهداء هم: الشقيقان علاء ناهض الحلو 20 عاما وسعيد ناهض الحلو 19 عاما، وتامر درويش القطاع 25 عاما، وعبدالرحيم ابو النجا 28 عاما، واياد عابد 27 عاما ، وعبد الرحمن القصاص 25عاما، وعمر الداية 23 عاما ومنذر الصفدي 25 عاما ومحمد سليم سحلوب 28 عاما، وعبد الكريم بكرون 25 عاما. وقالت مصادر طبية في مستشفى الشفاء ل"الحياة" ان جثث الشهداء الثلاثة الشقيقين الحلو والقطاع تحولت اشلاء بعد نسف منزل المواطن محمد محي الدين القطاع 59 عاما وورشة الخراطة الخاصة به الواقعة أسفله. وقال الباحث الميداني في الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن مصطفى ابراهيم ل"الحياة" ان الشهداء الثلاثة حاولوا الاحتماء بالمنزل بعد ان اعتقدوا ان جنود قوات الاحتلال غادروا المنطقة، في الوقت الذي كان هؤلاء الجنود قد زرعوا الورشة بالديناميت وابتعدوا عنها لتفجير المنزل عن بعد، ما ادى الى استشهادهم تحت انقاض المنزل وتحول اجسادهم الى اشلاء. واضاف ابراهيم ان الشهداء ابو الخير وابو النجا وعابد الذين يعملون في جهاز الاستخبارات العامة الفلسطينية استشهدوا جراء اصابتهم بشظايا صاروخ اطلقته مروحية اسرائيلية عليهم، في وقت كانوا يطاردون سيارة محلية يعتقد ان عددا من افراد "الوحدات الخاصة" المستعربين كانوا يستقلونها. واشار الى ان المروحية اطلقت الصاروخ في اتجاهم عندما اكتشفت أمرهم، لمنعهم من مواصلة مطاردة جنودها من "الوحدات الخاصة" ما ادى الى استشهاد الثلاثة واصابة عدد اخر بجروح. واوضح ابراهيم ان تدمير منزل القطاع الذي كان يقطن فيه نحو 30 فردا، ادى الى تدمير مغسلة لملابس الجينز ومحل تجاري للادوات الكهربائية، وثلاث سيارات خصوصية، والحق اضرارا جسيمة بمنزلين مجاورين. ولفت الى ان قوات الاحتلال اقتحمت مدرسة دار الارقم الخاصة، التابعة لحركة "حماس" ودمرتها. وكان اكثر من 40 دبابة وآلية وجرافة عسكرية اجتاحت المنطقتين الواقعتين شرقي مدينتي غزة وجباليا من محورين. وقال شهود ل"الحياة" ان عددا من الدبابات تقدمت من معبري المنطار و"ناحال عوز" شرق المدينة في اتجاه حي الشجاعية، في حين تقدم عدد اخر من الدبابات من المقبرة الشرقية في اتجاه مدينة جباليا. وقوبلت الدبابات والاليات العسكرية بمواجهات حامية من مقاومين ومسلحين فلسطينيين من مختلف الفصائل المقاتلة، قبل ان تبسط سيطرتها على المنطقة متوغلة حتى وسط مدينتي غزة وجباليا. وتصدى المقاومون بالاسلحة الخفيفة والعبوات الناسفة لدبابات الاحتلال وجرافاته والياته. ونعت "حماس" الشهيد بكرون الذي قالت انه فجر نفسه في دبابة اسرائيلية. ونعت كتائب الشهيد ابو علي مصطفى الذراع العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين اثنين من الشهداء، قالت انهما عضوان فيها وهما القصاص والصفدي. وقال الدكتور محمد سلامة المدير العام للاسعاف والطوارئ في وزارة الصحة ان قوات الاحتلال منعت اثناء ساعات الاجتياح سيارات الاسعاف والمسعفين من الوصول الى الجرحى والشهداء لانقاذهم. الى ذلك، عم مدينة غزة، والقطاع في شكل عام حزن وغضب شديدين على سقوط العدد الكبير من الشهداء وعمليات القصف والتدمير. وساد المدينة اضراب تجاري شامل، وشيع نحو 30 الف مواطن الشهداء العشرة الى مقبرتي الشهداء في حي الشيخ رضوان والشرقية، وسط هتافات تندد بالعدوان الاسرائيلي المتواصل، والصمت العربي المخزي. وتوعدت القوى المسلحة للفصائل الفلسطينية بالرد على هذه الاعتداءات والثأر لدماء الشهداء. وفي ساعات بعد ظهر امس، قصفت "كتائب القسام" بلدة "اجدوروت" اليهودية الجاثمة فوق اراضي قرية بيت جرجا المدمرة داخل الخط الاخضر شرق مدينة غزة بثلاثة صواريخ من نوع "قسام". واعلنت مصادر عسكرية اسرائيلية ان ثلاثة اسرائيليين اصيبوا بجروح جراء القصف. توغل وشهيدان في نابلس وفي الضفة الغربية، اغتالت قوات الاحتلال الاسرائيلي ثائر زكارنة من كوادر حركة "فتح" في بلدة قباطية. واستشهد الشاب جراء انفجار عبوة ناسفة في سيارة كان يقودها في البلدة فيما اصيب ثلاثة مواطنين كانوا برفقته بجروح خطيرة. وجاءت عملية الاغتيال في اعقاب تنفيذ جنود الجيش الاسرائيلي عملية اعدام ميداني لاحد مواطني مدينة نابلس ويدعى ناصر ابو صفية 32 عاما اثناء توجهه الى مخبزه في ساعات الفجر الاولى التي شهدت ايضا عملية اقتحام عسكرية اسرائيلية للبلدة القديمة حي القصبة بهدف اعتقال ناشطين فلسطينيين، حسب المصادر العسكرية الاسرائيلية. وقال والد الشهيد ان الجنود قتلوا ابنه بعدد كبير من العيارات النارية بعد اعتقاله. وبدأت العملية العسكرية الاسرائيلية الجديدة في نابلس التي تخضع لحصار مطبق منذ اكثر من ثمانية شهور بالاستيلاء على عدد من منازل المواطنين في حي القصبة ومدرستين. وشمل التوغل تنفيذ عمليات هدم وتفتيش من منزل الى اخر، واستشهد الفتى الفلسطيني محمد صابر 16 عاما برصاص الجنود الاسرائيليين فيما اصيب 12 اخرون بجروح مختلفة برصاص الجيش الاسرائيلي. وشاركت في العملية عشرات الدبابات والاليات العسكرية الاسرائيلية ومئات الجنود في اكبر عملية منذ نحو شهر. ونفذ هذا العدوان بعد وقت قصير من توصل وزير الداخلية الفلسطيني هاني الحسن الى اتفاق "تهدئة" مع ممثلي فصائل المقاومة في المدينة التي شهدت هدوءا نسبيا في الفترة الاخيرة وبعد يوم واحد من بدء انتشار افراد من اجهزة الشرطة الفلسطينية بالزي المدني ومن دون اسلحة في شوارع نابلس لضمان الهدوء فيها. واستنكرت القيادة الفلسطينية في بيان لها "الصمت الدولي المطبق" على الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين وتساءلت عن الازدواجية في المعايير الدولية والسكوت على حرب الابادة التي تشنها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. واشار البيان الى ان اسرائيل تستغل الوضع الراهن لارتكاب جرائم حرب مضيفة ان المجزرة التي ارتكبت في غزة والاقتحام الجديد لنابلس جاءت بعد ان تم الاعلان رسميا من قبل حركة حماس عن وقف اطلاق الصواريخ باتجاه اهداف اسرائيلية، وبعد اتخاذ القيادة الفلسطينية الاجراءات الامنية لمنع اطلاقها. وقال وزير الداخلية الفلسطيني هاني الحسن الذي اعلن قبل اسبوع في اعقاب اجتماعه مع مدير مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون عن "خطة" فلسطينية للتهدئة، ان العمليات العسكرية "لن تأتي بالامن للاسرائيليين". وقال الحسن للصحافيين امام مقر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في رام الله ان "الجيش الاسرائيلي يجب ان يقر انه لا يستطيع ان ينجز شيئا عبر هذه الحملات لانه دخل جنين 18 مرة ويفرض الحصار على نابلس منذ شهور. اسلوب الجيش الاسرائيلي يدفع الشعب الفلسطيني لمزيد من المقاومة". واعتبر الوزير الفلسطيني في رده على سؤال ان "لا علاقة" بين اللقاءات التي عقدها مع مدير مكتب شارون وما حدث في اليومين الاخيرين ووصف اللقاء الاخير بانه كان "جيدا"، وتابع: "بسبب حال الطوارئ التي تعيشها اسرائيل في الوقت الحاضر فان الجيش يقود الدولة وليس الدولة هي التي تدير الجيش والقرار الان ليس بيد السياسيين". انتخاب قائم باعمال البرغوثي وجاءت تصريحات الوزير الفلسطيني في اعقاب اجتماع ضم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات واعضاء اللجنة الحركية العليا لتنظيم "فتح" الذين انتخبوا "قائما بالاعمال" يؤدي المهمات التي كان يضطلع بها امين سر الحركة المعتقل في السجون الاسرائيلية مروان البرغوثي. وانتخب امين مقبول، احد كوارد الحركة من منطقة نابلس والذي كانت سلطات الاحتلال الاسرائيلي ابعدته الى خارج الوطن خلال الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الاولى في نهاية الثمانينات، بالاجماع خلال اجتماع عقد في رام الله الثلثاء وضم 26 عضوا من اصل 53. وقال عضو اللجنة الحركية قدورة فارس ل"الحياة" ان باقي اعضاء اللجنة بعثوا ببرقيات تأييد للقائم بالاعمال الجديد الذي ستكون مهمته تنسيق نشاطات اللجنة في غياب البرغوثي لاعادة ترتيب اوضاع اللجنة الحركية التي اصابها التشرذم في الفترة الاخيرة. واكدت اللجنة الحركية دعمها وتضامنها مع البرغوثي الذي قالت في بيان صدر عنها انه سيبقى امين سر اللجنة وشددت على ضرورة اطلاقه فورا. واكد فارس ان قرار انتخاب منسق لاعمال اللجنة الحركية اتخذ بالتشاور وبموافقة البرغوثي وانه بعث بتأييده لهذه الخطوة عبر محاميته. ويقبع البرغوثي منذ نيسان ابريل من العام الماضي في السجون الاسرائيلي ويواجه تهما بالقتل ونقل اخيرا الى قسم العزل في سجن "هدريم" الاسرائيلي حيث يعاني من اوضاع شديدة السوء. وكان بعض اوساط "فتح" شكك في "شرعية" الانتخاب واعتبرها التفافا على البرغوثي. وجاء التشكيك بشكل رئيس على لسان حسين الشيخ امين سر المرجعية العليا لحركة "فتح" الذي تردد غير مرة انه سيخلف البرغوثي في منصبه.