تلقت مدريد بارتياح موافقة السلطات المغربية على ترحيل قاصرين مغاربة من بين آلاف المهاجرين غير الشرعيين المقيمين في اسبانيا، فيما اعتبرت بادرة حسن نية لجهة تطبيع العلاقات بين الرباطومدريد على خلفية عودة سفيري البلدين الى مقر عملهما قبل حوالى عشرة أيام. وعرض السفير المغربي في مدريد عبدالسلام بركة الاقتراح على مسؤولين اسبان في سياق معالجة ملف الهجرة غير الشرعية الذي تسبب، الى جانب قضايا أخرى عالقة، في تأزيم علاقات البلدين، خصوصاً في ضوء تحميل الرباط لوبيات اسبانية المسؤولية عن تنامي الهجرة. علماً أن حكومة رئيس الوزراء الاسباني خوسيه ماريا اثنار تربط بين محاربة الهجرة غير الشرعية والارهاب وتجارة المخدرات والجريمة المنظمة. والأرجح، بحسب مصادر ديبلوماسية في الرباط، ان اقتراح المغرب البدء في ترحيل القاصرين يهدف الى الفصل بين التعاون رسمياً في قضايا الهجرة من منطلق حاجة اسبانيا الى مزيد من اليد العاملة وبين تزايد الهجرة غير الشرعية التي تشمل رعايا من المغرب وبلدان الشمال الافريقي ومنطقة الساحل. وللدلالة على ذلك نفذت السلطات المغربية في الآونة الأخيرة حملات لمحاربة الهجرة عبر تفكيك شبكات عدة حولت حدود المغرب الشرقية مع الجزائر والمناطق الساحلية قبالة اسبانيا الى مراكز لإيواء المهاجرين وتنظيم مغامراتهم على متن ما يعرف ب"قوارب الموت" التي أودت بحياة مئات المهاجرين غير الشرعيين في عرض الساحل المتوسطي. وتعود وقائع هجرة أعداد من القاصرين الى اسبانيا والذين يقدر عددهم بنحو ألفين يقيمون في مراكز المساعدة الاجتماعية في الاقاليم الجنوبيةلاسبانيا، خصوصاً في الاندلس وكتالونيا، الى رغبة المغامرين الأطفال في الافادة من قوانين الهجرة الجديدة، كونها ترهن ترحيل القاصرين بموافقة ذويهم، في حين أن نساء حوامل غامرن بالهجرة لوضع مواليدهن في اسبانيا. وكذلك الحال بالنسبة الى الأطفال الذين يتجمعون في مراكز عدة شمال البلاد لتحسين فرص الهجرة عبر حاويات تنقل السلع والبضائع عبر الموانئ أو من خلال الاختفاء في الشاحنات، مما تسبب في مقتل أعداد منهم في مغامرات قاسية عبر الاختناق أو في حوادث سير. وتنتمي غالبية المهاجرين الى المناطق الشمالية للبلاد التي تعرف بارتباطها باسبانيا منذ سنوات الاستعمار الاسباني لتلك الاقاليم. لكن اتساع نطاق الهجرة الذي شمل محافظات في وسط البلاد، خصوصاً في بني ملال والفقيه بن صالح جنوب غربي الدار البيضاء، حول الظاهرة الى مغامرات تشمل الأطفال والشباب والنساء بحثاً عن العمل والاقامة. وساعدت في تشجيع الظاهرة لوبيات اسبانية في قطاع الزراعة وتجارة المخدرات تحبذ تشغيل الأطفال في المزارع في غياب الرقابة القانونية. وأشارت احصائية اسبانية نشرت إثر اقتراح المغرب الى ان مراكز الاستقبال والمساعدة الاجتماعية في حوالى سبع بلديات تستقبل نحو ألفي قاصر بينهم 700 في اقليم الاندلس و360 في كتالونيا و230 في جزر لاس بالماس، اضافة الى 175 في المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية شمال البلاد. وانتقل الجدل حول الظاهرة الى جزر لاس بالماس المقابلة للساحل الاطلسي للمغرب جنوباً، وقال الناطق باسم حكومة الجزر بيدرو كويفيدو ان موقف الرباط يعكس الرغبة في التزام محاربة الهجرة غير الشرعية، في اشارة الى نزوح أعداد كبيرة من المهاجرين الأفارقة والمتحدرين من أصول صحراوية الى جزر لاس بالماس. ورأى ان مبادرة المغرب من شأنها ان تساعد في حل جزء من المشاكل الناجمة عن مراقبة المهاجرين القاصرين في الجزر.