توقعت مصادر ديبلوماسية أن يجد أنصار الحرب ومؤيدو مواصلة عملية التفتيش في العراق حججاً تدعم مساعيهم في التقريرين اللذين سيقدمهما رئيس لجنة التفتيش والمراقبة والتحقق انموفيك هانس بليكس ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إلى مجلس الأمن غداً، فيما توجه المفتشون أمس إلى أحد المواقع العراقية للتخلص من غاز الخردل وقذائف فشلت عمليات التفتيش السابقة في التخلص منها. وأعلن المستشار الألماني غيرهارد شرودر أمس أن باريس وبرلين ستتخذان موقفاً موحداً في مجلس الأمن، معرباً عن أمله بالتوصل إلى موقف أوروبي موحد من الأزمة العراقية، فيما اعتبر وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف أن البيان الفرنسي - الألماني، الذي وقعت عليه موسكو، ليس تحدياً للولايات المتحدة. وحذرت الرئاسة اليونانية للاتحاد الأوروبي من أن الاتحاد سيواجه "أزمة" إذا لم يتوصل إلى اتفاق خلال قمة الاثنين المقبل. قال ديبلوماسي رفيع المستوى في إحدى الدول الاعضاء في مجلس الأمن إن "بعضهم يريد ان يسمع من بليكس حججاً لإعلان الحرب، وبعضهم الآخر لتمديد اعمال التفتيش. اعتقد انه ستكون هناك عناصر لكل منهما". وأضاف انه "عدا اكتشاف مخبأ مواد كيماوية أو جرثومية أو مستودع للصواريخ، لن يكون من الممكن للمفتشين البرهنة على وجود تهديد مباشر وأي عنصر آخر ينبغي ان يخضع للتقويم". وقال ديبلوماسي آخر إن "بليكس محنك وقادر على تقديم تقريره بصورة متوازنة بحيث يسمع كل شخص ما يريد سماعه: سيقدم كأساً يمكن ان يراه بعضهم نصف فارغ وبعضهم الآخر نصف ممتلئ". ويردد بليكس انه "يخدم مجلس الأمن"، لكنه يدرك تماماً الخلافات التي تزداد حدة بين الدول الخمس الدائمة العضوية، أي الولاياتالمتحدة وبريطانيا من جهة وفرنسا والصين وروسيا من جهة ثانية. وهو لا يتردد، في تصريحاته عن "تصحيح" تصريحات سابقة أدلى بها وفسرت بأن موقفه بات جاهزاً. واللهجة القاسية التي كانت غير متوقعة في تقريره في 27 كانون الثاني يناير عن شهرين من أعمال التفتيش خدمت مؤيدي الحرب الذين لاحظوا مع ذلك ان بليكس لم يطلب تمديد اعمال التفتيش. أما زميله البرادعي، فاتبع منهجاً معاكساً. ففي 27 كانون الثاني، أعلن أمام مجلس الامن الدولي انه لم يتم الكشف عن أي نشاط نووي محظور خلال اعمال التفتيش، وطالب بتمديد فترة التفتيش. موسكو لا تسعى إلى تحدي الولاياتالمتحدة أكدت موسكو أنها لا تنوي اجلاء الرعاية الروس من العراق حالياً، ولمح ديبلوماسي رفيع المستوى ل"الحياة" إلى أن "نذر الحرب أخذت تتقلص"، وشدد على أهمية البيان الروسي - الفرنسي - الألماني الذي قال عنه وزير الخارجية ايغور ايفانوف إنه "ليس تحدياً" لواشنطن، بينما أشار السفير الأميركي في موسكو إلى إمكان تفادي الحرب إذا أصبحت قيادة العراق "شريكاً لا خصماً". وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي وقع البيان الثلاثي مع فرنساوالمانيا، رفض بشدة اعتباره "محوراً جديداً" معادياً للولايات المتحدة، وقال إنه "أول محاولة لتسوية تتم خارج نطاق الأحلاف" ولموضوع يتعلق بأزمة أمنية حادة. واعتبر البيان "أول لبنة في عمارة العالم المتعدد الأقطاب". وأشار بوتين في حديث إلى التلفزيون الفرنسي إلى أن غالبية أعضاء مجلس الأمن تؤيد "الحل الديبلوماسي". وسُئل عن إمكان استخدام موسكو حق النقض الفيتو إذا طرح الأميركيون قراراً يبارك الحرب، فقال إنه "لا يرى ضرورة" للفيتو حالياً، غير أنه زاد "إذا حصل عمل يمكن أن يقود إلى استخدام غير مبرر للقوة، فإننا سنفعل ذلك … مع فرنسا أو من دونها". ويرى ديبلوماسي رفيع المستوى تحدثت إليه "الحياة" أن التغيّر الأخير في الموقف الروسي مدفوع بأسباب عدة، بينها الخوف من انهيار النظام الدولي وعدم الرغبة في الوقوف ضد المانياوفرنسا، والطموح إلى لعب دور "الوسيط" بين أوروبا وأميركا. وأضاف ان موسكو "تلمس ان قرار الحرب قد يؤجل"، في ضوء تقريري بلكيس والبرادعي الذي توقع الديبلوماسي الروسي أن "يخلو من عبارات يمكن توظيفها أميركياً لاطلاق شراع الحرب". وشدد وزير الخارجية ايفانوف على أن البيان الثلاثي "ليس تحدياً … بل دعوة للعمل المشترك من أجل ايجاد مخرج سياسي من الأزمة". وأضاف ان روسيا "لا تعتبر الحرب حتمية". ودعماً لهذا الرأي، أكد الوزير أنه لا توجد حالياً نية لاخلاء الرعايا الروس من بغداد على رغم وجود خطط لاتخاذ مثل هذه الخطوة في حال الطوارئ. من جانبه، لمح السفير الأميركي في موسكو الكسندر فيرشبو إلى احتمال التفاهم مع بغداد، وأكد في حديث إلى صحيفة "فريميا نوفوستي" أن في وسع القيادة العراقية أن تتفادى الحرب "إذا عملت كشريك وليس كخصم". وأضاف انه "ما زال أمام الرئيس العراقي صدام حسين خيار، وهو أن يكف عن الخداع الذي مارسه منذ 12 سنة". ورداً على سؤال عما إذا كان عرض وثائق تثبت اتلاف أسلحة الدمار الشامل سيساعد الرئيس العراقي على البقاء في السلطة، أجاب: "نظرياً نعم"، لكنه أضاف ان هذا سيكون معناه انه "تخلى طوعاً عن السلاح، وهذا يعني تغيير النظام". شرودر يأمل في التوصل إلى موقف أوروبي مشترك أعرب المستشار الألماني غيرهارد شرودر أمس عن أمله ب"التوصل مجدداً إلى موقف أوروبي مشترك من الأزمة العراقية" خلال قمة الاتحاد الاوروبي الاثنين المقبل في بروكسيل. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه ماريا اثنار، الذي كان يتحدث في اليوم الثاني من القمة الاسبانية - الالمانية في لانساروتي جزر الكناري: "آمل بأن نتوصل الى موقف أوروبي مشترك" في القمة التي دعت اليها الرئاسة اليونانية للاتحاد الاوروبي. وأوضح: "أملي هو بالعودة الى موقف مشترك للدول الخمس عشرة" مثلما حصل في بروكسيل أواخر كانون الثاني، حين توصل وزراء الخارجية الى تبني نص مشترك حول الأزمة العراقية. وأضاف ان تبادل وجهات النظر مع أثنار بصراحة، لكنه أكد في الوقت نفسه وجود "خلافات". وفيما دعم اثنار أفكار الادارة الاميركية برئاسة جورج بوش، عارض شرودر من ناحيته أي تدخل عسكري في العراق وطالب، مثل فرنساوروسيا والصين، بتعزيز عمليات التفتيش التي تقوم بها الاممالمتحدة في العراق. وقال إن المانيا عملت مع فرنساوروسيا والصين للتوصل الى عرض موقف داخل مجلس الامن الجمعة يمكّن من ازالة اسلحة العراق سلماً. ودعا الى "بناء سياسة خارجية وأمنية أوروبية" مشتركة "داخل الحلف الاطلسي وليس ضد الحلف الاطلسي". وزاد: "اولي عناية خاصة لتطوير سياسة خارجية وأمنية اوروبية مشتركة لا تكون موجهة ضد احد… بل الامر يتعلق بإقامة هوية اوروبية خاصة داخل الحلف الاطلسي وليس ضد الحلف الاطلسي". واضاف ان "المانيا تسعى منذ زمن طويل الى تفعيل هذه العملية لوضع سياسة خارجية مشتركة". وعن أزمة الحلف الأطلسي قال شرودر: "ليست هناك مشكلات تتعلق بالمضمون. ما يجب على المانيا تقديمه ستقدمه"، مذكراً بأن بلاده وافقت على تسليم تركيا صواريخ مضادة لصواريخ "باتريوت"، بالاشتراك مع هولندا، كما وافقت على السماح للجنود الالمان بقيادة طائرات - رادار "أواكس" فوق الأراضي التركية ل"حماية أرض حليفة". فضلاً عن ذلك، ذكر المستشار الألماني بأن بلاده سمحت للقوات البريطانية والاميركية بحرية التنقل والتحليق فوق أراضيها في حال شن هجوم عسكري على العراق. وفي ما يتعلق بالعلاقات الاسبانية - الالمانية، قال شرودر: "لا توجد أي مشكلات"، مؤكداً "أنها طيبة وودية منذ زمن طويل". من جهته، أكد اثنار ان الأزمة العراقية ليست مشكلة تفتيش بل "رغبة" في نزع الأسلحة. وقال في هذا الصدد في المؤتمر الصحافي المشترك مع شرودر: "لسنا أمام مشكلة عمليات تفتيش بل امام مشكلة رغبة" في ازالة الاسلحة لدى بغداد. وأشار الى "عمليات نزع أسلحة جرت في بلدان أخرى يسيطر عليها المجتمع الدولي مثل كازاخستان وبيلاروسيا أو جنوب افريقيا. لكننا في العراق لا نتمكن لسوء الحظ من التحقق وهذا الأمر مشكلة ترافقنا منذ العام 1991". وشدد رئيس الحكومة الاسبانية أيضاً على ان الاطلسي مؤسسة "ضرورية بشكل قاطع من أجل استقرار أوروبا وحريتها وأمنها"، معبراً عن أمله بأن تحل الخلافات الراهنة. وأقر اثنار، مثل شرودر، بتباين مواقفهما من العراق، مع التأكيد في الوقت نفسه على التزامهما التام في مكافحة الارهاب. وقال إنه "أمر طبيعي ان تكون لدينا رؤى متباينة حول بعض النقاط"، مشيراً بدوره إلى العلاقات الثنائية الممتازة التي تربط البلدين. الاتحاد الأوروبي سيواجه "أزمة" ما لم يتوصل الى اتفاق وأعلنت الرئاسة اليونانية للاتحاد الأوروبي أمس أن الاتحاد سيواجه "أزمة" ما لم يتوصل الى موقف موحد من المسألة العراقية خلال قمته الاسبوع المقبل. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية اليونانية بانوس بيغليتيس: "إذا لم يتخذ موقف مشترك في هذا الاجتماع، فإن الرئاسة الاوروبية ستكون استنفدت كل الوسائل السياسية والمؤسساتية التي تملكها وسيشهد الاتحاد الاوروبي أزمة عميقة". وفي تصريحات أدلى بها في وقت لاحق قال وزير الخارجية اليوناني جورج باباندريو ان رئاسة الاتحاد تأمل بأن "تتحدث اوروبا بصوت واحد لتتمكن من اعطاء الاتحاد القوة اللازمة ليلعب دوراً دولياً، خصوصاً في الازمة العراقية والشرق الاوسط". لكن الوزير اليوناني لم يستخدم العبارات التي ذكرها الناطق باسمه. وأشار بيغليتيس الى ان تطوراً من هذا النوع سيأتي عند "منعطف حاسم" للاتحاد الاوروبي الذي يستعد لاصلاح مؤسساته ولعملية توسيع. وتابع ان "هدفنا هو توجيه رسالة تؤكد وحدة الاتحاد". وأضاف انه "يفضل" أن يؤدي الاجتماع غير الرسمي الى اعتماد نص. وقال: "سنحاول قدر الامكان ومع أخذ المشاكل في الاعتبار التوصل الى موقف واحد يصدر في نص". وأكد أن الرئاسة اليونانية تأمل في التوصل الى "تأكيد جديد جماعي بأن هناك بديلاً لتدخل عسكري في العراق ... يتمثل بالاحترام الكامل من العراق لقرارات الأممالمتحدة ومواصلة عمليات التفتيش". وقال باباندريو في ختام لقاء طويل مع رئيس الحكومة كوستاس سيميتيس إن الرئاسة اليونانية ستسعى الاثنين الى التوصل الى "طريق واحد لدفع الديبلوماسية الاوروبية المشتركة قدماً"، مشيراً إلى "رغبة مواطني أوروبا في صوت أقوى وواحد" للاتحاد. طوكيو: الموقف الروسي - الفرنسي لمصلحة بغداد اعتبرت اليابان أمس أن الاعلان الذي صدر الاثنين عن فرنساوالمانياوروسيا للتأكيد على انه "ما زال هناك بديل للحرب" قد يوجه رسالة خاطئة الى العراق بشأن عزم الاسرة الدولية على نزع اسلحته. وقال الناطق باسم الحكومة اليابانية ياسوا فوكودا: "إن بعضهم قلق من احتمال ان يرسل هذا الأمر رسالة خاطئة إلى العراق"، مؤكداً "من الضروري ان تتحرك الأسرة الدولية بحزم على أساس تفكير مشترك". وزاد ان لدى اليابان شكوكاً حول رغبة العراق الحقيقية في ازالة الأسلحة على رغم قبوله بلا شروط بتحليق طائرات التجسس "يو-2" بغية تعزيز عمليات التفتيش. واضاف: "انهم يوافقون عندما يطلب منهم، لكنّ لدينا شكوكاً في ان تكون لديهم نية حقيقية في الامتثال للقرار 1441" الذي يطلب من العراق التخلي عن كل برامج الاسلحة الكيماوية والبيولوجية أو النووية. ورأت وزيرة الخارجية يوريكو كواغوشي ان الانقسامات الراهنة حول دور عمليات التفتيش لا يمكن إلا أن تعود بالنفع على العراق. واضافت ان "الأمر المهم هو ان لا ينقسم المجتمع الدولي. فإذا انقسمت المواقف فإن العراق سيستغل ذلك".