هل يعاقب الكونغرس الأمريكي «الجنائية الدولية»؟    شقيقة صالح كامل.. زوجة الوزير يماني في ذمة الله    «الأرصاد»: أمطار غزيرة على منطقة مكة    «الزكاة والضريبة والجمارك» تُحبط 5 محاولات لتهريب أكثر من 313 ألف حبة كبتاجون في منفذ الحديثة    باص الحرفي يحط في جازان ويشعل ليالي الشتاء    الرعاية الصحية السعودية.. بُعد إنساني يتخطى الحدود    فريق صناع التميز التطوعي ٢٠٣٠ يشارك في جناح جمعية التوعية بأضرار المخدرات    الكشافة تعقد دراسة لمساعدي مفوضي تنمية المراحل    الذهب يتجه نحو أفضل أسبوع في عام مع تصاعد الصراع الروسي الأوكراني    خطيب المسجد الحرام: ما نجده في وسائل التواصل الاجتماعي مِمَّا يُفسد العلاقات ويقطع حِبَال الوُدِّ    المنتخب السعودي من دون لاعبو الهلال في بطولة الكونكاكاف    الملافظ سعد والسعادة كرم    استنهاض العزم والايجابية    المصارعة والسياسة: من الحلبة إلى المنابر    "فيصل الخيرية" تدعم الوعي المالي للأطفال    الرياض تختتم ورشتي عمل الترجمة الأدبية    «قبضة» الخليج إلى النهائي الآسيوي ل«اليد»    رواء الجصاني يلتقط سيرة عراقيين من ذاكرة «براغ»    لبنان يغرق في «الحفرة».. والدمار بمليارات الدولارات    حلف الأطلسي: الصاروخ الروسي الجديد لن يغيّر مسار الحرب في أوكرانيا    «السقوط المفاجئ»    حقن التنحيف ضارة أم نافعة.. الجواب لدى الأطباء؟    إطلالة على الزمن القديم    إجراءات الحدود توتر عمل «شينغن» التنقل الحر    الثقافة البيئية والتنمية المستدامة    عدسة ريم الفيصل تنصت لنا    المخرجة هند الفهاد: رائدة سعودية في عالم السينما    أشهرالأشقاء في عام المستديرة    «بازار المنجّمين»؟!    مسجد الفتح.. استحضار دخول البيت العتيق    د. عبدالله الشهري: رسالة الأندية لا يجب اختزالها في الرياضة فقط واستضافة المونديال خير دليل    ترمب يستعيد المفهوم الدبلوماسي القديم «السلام من خلال القوة»    مشاعل السعيدان سيدة أعمال تسعى إلى الطموح والتحول الرقمي في القطاع العقاري    تصرفات تؤخر مشي الطفل يجب الحذر منها    ترمب المنتصر الكبير    صرخة طفلة    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    فعل لا رد فعل    البيع على الخارطة.. بين فرص الاستثمار وضمانات الحماية    لتكن لدينا وزارة للكفاءة الحكومية    المياه الوطنية: واحة بريدة صاحبة أول بصمة مائية في العالم    محافظ عنيزة المكلف يزور الوحدة السكنية الجاهزة    أخضرنا ضلّ الطريق    أشبال أخضر اليد يواجهون تونس في "عربية اليد"    5 مواجهات في دوري ممتاز الطائرة    إنعاش الحياة وإنعاش الموت..!    رئيس مجلس أمناء جامعة الأمير سلطان يوجه باعتماد الجامعة إجازة شهر رمضان للطلبة للثلاثة الأعوام القادمة    إطلاق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش في السعودية    ندوة "حماية حقوق الطفل" تحت رعاية أمير الجوف    "التعاون الإسلامي" ترحّب باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة التعاون معها    استضافة 25 معتمراً ماليزياً في المدينة.. وصول الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة    «المسيار» والوجبات السريعة    وزير العدل يبحث مع رئيس" مؤتمر لاهاي" تعزيز التعاون    أمير الرياض يرأس اجتماع المحافظين ومسؤولي الإمارة    أمير الحدود الشمالية يفتتح مركز الدعم والإسناد للدفاع المدني بمحافظة طريف    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية أوزبكستان لدى المملكة    سموه التقى حاكم ولاية إنديانا الأمريكية.. وزير الدفاع ووزير القوات المسلحة الفرنسية يبحثان آفاق التعاون والمستجدات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيراك يسعى الى التهدئة ... وبوتين يبلغ بوش ضرورة الاعتماد على قرار المفتشين ... وحلف الأطلسي يحاول التخفيف من حدة الخلافات بين اعضائه . البيت الأبيض "لا يبالي" بموقف فرنسا وألمانيا ... ورامسفيلد يثير زوبعة بوصفهما ب"أوروبا القديمة"

حاول الرئيس الفرنسي جاك شيراك أمس تهدئة الجدل مع الولايات المتحدة في خصوص العراق، إذ دعا الى معالجة الموضوع من خلال الحوار الهادئ. لكن البيت الأبيض رد بإبداء لامبالاته بالموقف الفرنسي والألماني المعارض لضرب العراق، معتبراً ان معظم الدول الأوروبية ستختار الوقوف مع واشنطن في حال قررت خوض الحرب. وصدر موقف البيت الأبيض بعد أقل من يوم من الهجوم العنيف الذي شنّه وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد على فرنسا والمانيا معتبراً انهما يُمثلان "أوروبا القديمة". وأثار كلامه ضجة واسعة في الأوساط الأوروبية التي ردت عليه بانتقادات شديدة. ودخل الكرملين أمس على خط "الإنقسام" الأوروبي - الأميركي، إذ اتصل الرئيس فلاديمير بوتين بالرئيس جورج بوش وأبلغه ان تقرير مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة الى مجلس الأمن يوم الإثنين هو الأساس لاتخاذ قرار في شأن أي خطوة قادمة تجاه العراق. وحاول حلف شمال الأطلسي أمس التخفيف من حدة الخلافات بين أعضائه في شأن العراق، وأعلن ان الخلافات محصورة ب"توقيت" بدء التحضير لتقديم العون لأميركا في الحرب.
ابدى البيت الابيض أمس الخميس لامبالاته بمعارضة المانيا وفرنسا لاحتمال شن الولايات المتحدة حربا على العراق، قائلاً انه اذا نشبت الحرب فإن عدداً من البلدان الاوروبية ستنضم الى الصف الاميركي. وقال الناطق باسم البيت الابيض آري فلايشر: "هما وشأنهما اذا اختارا ان يكونا على الخط الجانبي".
وعدّ فلايشر بريطانيا وايطاليا واسبانيا ودول اوروبية الشرقية ضمن البلدان التي قد تساند الولايات المتحدة في موقفها من العراق. وقال ايضاً ان استراليا قد تساهم. وأضاف: "سيكون هذا ... اذا صمم الرئيس على المضي قدماً امراً متعدد المشاركة".
وصدر كلام فلايشر بعد ساعات فقط من سعي الرئيس الفرنسي جاك شيراك الى خفض حدة الجدل بين فرنسا والولايات المتحدة. إذ دعا في تصريح أدلى به أمس في برلين الى إدراج الجدل حول الحرب المحتملة في إطار "جدي وهادئ". وقال المستشار الالماني غيرهارد شرودر أمس انه سيبذل بالتعاون مع الرئيس شيراك كل ما في وسعه لتجنب حرب في العراق، رافضاً الرأي القائل أن الحرب حتمية.
وأكد شرودر وشيراك في برلين بعدما وصف وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد المعارضة الفرنسية والالمانية للحرب بأنها مجرد "مشكلة"، تعاونهما معاً لتجنب اراقة الدماء. وقال شرودر: "كلانا من الرأي نفسه، وقد قال الرئيس الفرنسي ذلك بوضوح تام
أول من امس وهو اننا لا يمكن ان نقبل القول بأن الحرب حتمية".
وأدلى شرودر بهذه التصريحات وهو جالس الى جوار شيراك وسط هتاف مجموعة من الطلبة الفرنسيين والالمان في برلين يحتفلون بالذكرى الاربعين لمعاهدة الصداقة الالمانية -الفرنسية في مراسم نظمت في مقر المستشارية.
وأردف شرودر: "نرى ضرورة بذل كل المساعي بالطرق السلمية" لضمان التزام العراق القرار رقم 1441 الذي اصدره مجلس الامن.
وصرح شيراك الاربعاء الى أعضاء من البرلمان الالماني والفرنسي في مراسم مشابهة نظمت في فيرساي بأن "الحرب ليست حتمية".
وقال الرئيس الفرنسي أمس في برلين انه عندما يُعبّر الألمان والفرنسيون عن موقف ما فإن هذا الموقف يعكس "ضميراً أوروبياً معيناً". وأضاف في كلمة القاها في قصر الرئاسة الألماني ان باريس وبرلين تريدان ان يغلب المنطق والتعاون من أجل التوصل الى حل سلمي للأزمات عبر التفاوض. وقال ان هذا دائماً أفضل من استخدام القوة والكوارث التي تنتج عن ذلك، من دون ان يشير بوضوح الى الأزمة العراقية.
وعلمت "الحياة" من مصادر مطلعة في باريس ان شيراك أراد تهدئة الجدل لأنه يعتبر ان مشكلة العراق جدية وخطيرة وينبغي التفكير في حلها بهدوء، وان الحوار مع الولايات المتحدة ضروري على رغم الاختلاف بالرأي. وقالت ان الاتصالات بين المسؤولين الفرنسيين والأميركيين لم تنقطع، وانه سبق زيارة وزير الخارجية دومينيك دوفيلبان الى نيويورك حيث التقى نظيره الاميركي كولن باول يوم الإثنين زيارة قام بها مستشار الرئيس الفرنسي موريس غوردو مونتانيه الذي التقى مستشارة الأمن القومي الأميركي غوندوليزا رايس. ولم تستبعد ان يحصل اتصال هاتفي في الأيام المقبلة بين الرئيسين جاك شيراك وجورج بوش.
وأضافت ان فرنسا مدركة لأهمية علاقتها بالولايات المتحدة وتنتظر لترى ما سيحدث في 27 كانون الثاني يناير الجاري عندما يُقدّم رئيس المفتشين الدوليين هانز بليكس تقريره الى مجلس الأمن. وزادت انه في حال نص التقرير، كما هو متوقع، على ان العراق يبدي تعاوناً عموماً مع المفتشين، على رغم وجود بعض النقاط التي تحتاج الى توضيح، وعلى ان المفتشين يحتاجون الى مزيد من الوقت لانجاز مهمتهم "فكيف ستتمكن الولايات المتحدة عندها من القول انه ينبغي ضرب العراق؟". ورأت ان الولايات المتحدة قد تعمل على التصرف بمعزل عن مجلس الأمن وتحاول اعتماد اسلوب التدخل المنفرد، أو قد تلجأ الى العمل من خلال مجلس الأمن للحصول على ضوء أخضر لخوض الحرب و"عندها سيكون على كل طرف تحديد موقفه".
والمانيا عضو غير دائم في مجلس الامن وستتولى رئاسة المجلس في شباط فبراير المقبل، في حين ان فرنسا عضو دائم في المجلس ولها حق النقض الفيتو. وقالت الصين، العضو الدائم ايضاً في مجلس الامن، ان موقفها من العراق يشابه الموقف الفرنسي.
رامسفيلد: أوروبا ليست المانيا وفرنسا
وقال رامسفيلد الذي يسعى الى تهميش المعارضة الفرنسية والالمانية للحرب، ان "اعداداً كبيرة من دول اخرى في اوروبا" أيدت الولايات المتحدة في ما يتعلق بالحرب على العراق. ووصف المعارضة الالمانية - الفرنسية بأنها مجرد "مشكلة".
وأضاف رامسفيلد متحدثاً في واشنطن: "انكم تعتقدون ان اوروبا هي المانيا وفرنسا... لكنني لا اعتقد ذلك. اعتقد ان هذه هي اوروبا القديمة... اذا ما القيتم نظرة على الدول الاوروبية الاعضاء في حلف شمال الاطلسي فإن مركز الجاذبية يتحول الى الشرق. وهناك الكثير من الاعضاء الجدد".
وكان رامسفيلد يتحدث الى المراسلين الاجانب في واشنطن وتولّت اذاعة "كوماندو سولو" المحمولة جواً والتابعة لجناح العمليات الخاصة للجيش الاميركي بث كلامه الى العراق. وفي اطار تكتيكات الحرب النفسية قامت طائرات حربية امريكية باسقاط مئات الالاف من المنشورات في الاسابيع الاخيرة على العراق لابلاغ العراقيين كيف يقومون بتعديل موجات اجهزة الراديو لسماع البيانات الاميركية وبعضها يندد بالرئيس صدام حسين.
وقال رامسفيلد الذي عمل سفيراً للولايات المتحدة لدى حلف شمال الاطلسي منذ ربع قرن ان الدول الاوروبية كثيرا ما اختلفت بعضها مع بعض ومع الولايات المتحدة في قضايا مهمة لكن اوروبا تستجيب "حينما تكون على صواب واذا كانت حججك مقنعة".
"كل حرّ في رأيه"
وعندما سئل وزير الخارجية الفرنسي دومينيك دي فيلبان في برلين عن تصريحات رامسفيلد، أجاب: "كل حر في التعبير عن رأيه... لا بد من ان يكون هذا بصورة صادقة ومحترمة".
وقال وزير الدفاع الالماني السابق فولكر رووه، وهو عادة من كبار المدافعين عن السياسة الدفاعية الاميركية، ان "ليس من الصواب وضع اوروبا الشرقية في مواجهة اوروبا الغربية". واضاف رووه، وهو الآن رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الالماني، ان "رامسفيلد ليس ديبلوماسياً وليس من الحكمة الادلاء بمثل هذا القول".
واعيد انتخاب شرودر مستشاراً لالمانيا في ايلول سبتمبر الماضي وسط تصاعد المشاعر المناهضة للولايات المتحدة بعدما اعلن شرودر معارضته قيام المانيا بأي دور في الحرب على العراق. وأثار هذا الموقف غضب الرئيس جورج بوش وسبب توتراً في العلاقات الالمانية - الاميركية. وخفف شرودر من موقفه بعد الانتخابات وعمل على تحسين العلاقات. الا انه ادلى بأقوى بيان معارض للحرب حتى الآن يوم الثلثاء الماضي قائلاً ان المانيا لن تصوت لمصلحة اي قرار يطلب السماح بتوجيه ضربة للعراق.
واكد وزير الخارجية الالماني يوشكا فيشر امس ان حكومته ستسعى الى الحصول على تقارير اضافية من المفتشين الدوليين. وقال قبل مغادرته برلين في جولة في الشرق الاوسط للبحث في الأزمة العراقية: "نحن نريد أن يواصلوا العمل، واذا واصلوا العمل يتوجب عليهم الاعلام عنه".
وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية ذكرت امس ان المانيا ستسعى الى استخدام نفوذها لتمديد مهمة المفتشين الدوليين في العراق بهدف تفادي شن حرب عليه. وذكرت ان المانيا ستكلف مفتشي الامم المتحدة تقديم تقرير آخر عن مهمتهم في 14 الشهر المقبل. ومعروف ان رئيس المفتشين هانس بليكس والامين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي سيقدمان تقريراً الى مجلس الامن في الإثنين المقبل ستعتمده الولايات المتحدة لتحديد موقفها الساعي الى شن حرب على العراق.
ورفضت ناطقة باسم وزارة الخارجية الألمانية التعليق على نبأ الصحيفة البريطانية، الا ان مصدراً مطلعاً قال ل"الحياة" ان الخبر صحيح، لكن المانيا لن تطلب تقريراً جديداً، انما "رسالة معلومات".
... "قارة عريقة"
وفي باريس، عبرت أصوات فرنسية عدة أمس عن شجبها لتصريح وزير الدفاع الاميركي. وجاء في مقدمة مواقف الشجب التي صدرت عن القوى السياسية المختلفة، اليمينية واليسارية المعارضة، تصريح وزير الخارجية دوفيلبان الذي رد على كلام رامسفيلد بالقول ان "ما لدينا هو أوروبا تتطلع نحو المستقبل".
وقال وزير الاقتصاد فرانسيس مير ان كلام رامسفيلد "ازعجني بالعمق" وانه يحمله على التذكير بأن لدى "اوروبا مقدرات تمكنها من تحقيق القفزات وهذا ما سنظهره في الوقت المناسب".
ورأى الوزير الناطق باسم الحكومة الفرنسية جان فرانسوا كوبيه "ان القارة القديمة هي قارة عريقة في تراثها التاريخي والثقافي والسياسي والاقتصادي" مما يضفي عليها "نوعاً من الحكمة" وان الحكمة يمكن أن تلعب دور المستشار الجيد.
وعكست الانتقادات الصادرة عن الأوساط الاشتراكية المزيد من الحدة حيال رامسفيلد، فصرح الوزير السابق جاك لانغ ان كلام وزير الدفاع الاميركي يستدعي رداً صريحاً مفاده ان الحرب التي يعتزم شنها على العراق ستكون مفيدة "لتجار الاسلحة الاميركيين"، وستصب "لمصلحة الارهابيين" وان الولايات المتحدة من هذا المنطلق "أفضل حليف موضوعي" للاصوليين.
وانتقدت الوزيرة السابقة مارتين اوبري "عنجهية الولايات المتحدة التي تريد الاستمرار في السيطرة وحدها على عالم يفتقر أكثر وأكثر للقواعد".
اما النائب والوزير السابق بول كيليس، فانتقد "ردة فعل الكاوبوي راعي البقر" التي صدرت عن رامسفيلد والتي عكست "احتقاراً وعنجهية" اميركية حيال أوروبا. وقال ان موقف رامسفيلد هذا قد يجد تفسيره في كون "أوروبا القديمة" التي تحدث عنها "لديها ما تعلمه" للولايات المتحدة.
الكرملين: الاساس تقرير المفتشين
وفي موسكو، ابلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرئيس جورج بوش في اتصال هاتفي امس ان تقرير مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة الى مجلس الأمن هو الاساس لاتخاذ قرار في شأن أي خطوة قادمة تجاه العراق. وقال بيان للكرملين: "اشار الجانب الروسي الى ان المعيار الرئيسي في تقويم الوضع في شأن العراق هو نتائج المفتشين الدوليين التي ستقدم قريباً الى مجلس الامن التابع للامم المتحدة".
وسبق صدور بيان الكرملين تأكيد روسيا "عدم وجود مبررات" لضرب العراق، ورفض اعتباره "مركزاً للشر". وقال وزير الخارجية ايغور ايفانوف ان مطالبة الرئيس صدام حسين بالتنحي هو تدخل في شؤون العراق، فيما ذكر النائب الأول لوزير الخارجية الاميركية ريتشارد ارميتاج ان قرار ضرب العراق لم يتخذ بعد.
وكان الموضوع العراقي محوراً لمحادثات اجراها ايفانوف مع كبار المسؤولين في اليونان التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي. وقال الوزير الروسي ان بلاده تعتقد ب"عدم وجود مبررات لاستخدام القوة العسكرية" ضد العراق، مشدداً على وجود "احتياط سياسي وديبلوماسي لحل المشكلة في صورة تكفل ازالة اسلحة الدمار الشامل وتحقيق الاستقرار الاقليمي والعالمي".
واكد ايفانوف في حديث الى صحيفة "ترود" ان "موجة متفجرة" ستكتسح الشرق الأوسط ومنطقة البلقان في حال اندلاع الحرب. وتوقع ان تؤدي الى تنامي نشاط القوى المتطرفة وزعزعة "الاستقرار الهش" في جنوب أوروبا.
ورداً على سؤال للصحيفة، قال ان تصوير العراق وكأنه "المركز الأكبر للشر في العالم" انما هو محاولة "للتعويض عن فشل مساعي البحث" عن اسامة بن لادن. وتابع ان قرارات مجلس الأمن تتضمن تفويضاً بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل واتلافها في حال العثور عليها "فيما لم يرد في أي قرار ذكر لتغيير النظام" في العراق، وقال ان ذلك لا يدخل اصلاً ضمن صلاحيات الأمم المتحدة.
واعتبر ان "التسلسل المنطقي" يقضي بأن يحدد المفتشون اذا كان يوجد سلاح ممنوع ويتلفونه ان وجد وبعد ذلك "يطرح موضوع رفع العقوبات".
ونفى ايفانوف ان تكون روسيا شاركت في مشاورات لإقناع الرئيس العراقي صدام حسين بالتنحي. وقال: "انها لو فعلت لكان ذلك تدخلاً في الشأن الداخلي للعراق". ودحض الوزير احتمالات ان تراعي الولايات المتحدة مصالح موسكو في العراق بعد تغيير النظام. وقال ان "من السذاجة والوهم" الاعتقاد بأن أحداً سيضع مصالح روسيا فوق مصالحه.
من جانبه نفى النائب الأول لوزير الخارجية الاميركي ريتشارد ارميتاج ما نسب الى مصادر في القيادة العسكرية الروسية عن ان الحرب ضد العراق ستبدأ في النصف الثاني من الشهر المقبل. وقال اثر محادثات اجراها مع نظيره الروسي فياتشيسلاف تروبنسيكوف ان الرئيس جورج بوش "لم يتخذ قراراً نهائياً في شأن استخدام القوة أو عدم استخدامها" وانه يجري مشاورات في هذا الخصوص مع حلف الولايات المتحدة.
وسئل عما اذا كانت العمليات العسكرية تقتضي استصدار قرار جديد من مجلس الأمن، فقال ان القرارات السابقة فيها "ما يكفي". لكنه اضاف ان واشنطن لم تحسم أمرها حتى الآن في ما اذا كانت ستطلب قراراً جديداً.
واعرب ارميتاج عن أمله بأن تبقى اسرائيل بعيدة عن النزاع في حال نشوبه، ولكنه قال ان الولايات المتحدة لا تستطيع ان تطلب من أي دولة "التنازل عن حقها الشرعي في الدفاع عن النفس".
لندن: التقرير ليس "مهلة نهائية"
وفي لندن، اكدت الحكومة البريطانية مجدداً أمس ان التقرير الذي سيقدمه رئيس لجنة "انموفيك" هانز بليكس الى مجلس الأمن الاثنين المقبل يعتبر "مهماً" لكنه لا يمثل "مهلة نهائية" بالنسبة الى تعاون العراق مع مفتشي أسلحة الدمار الشامل.
وقال ناطق باسم الحكومة البريطانية في المؤتمر الصحافي اليومي ان الحكومة البريطانية استعرضت برئاسة رئيس الوزراء توني بلير خلال اجتماعها الاسبوعي الأزمة العراقية، وشددت على ان العراق "لم يتعاون في شكل كاف مع المفتشين حتى الآن، خصوصاً بالنسبة الى استجواب العلماء العراقيين والكشف عن أسلحة الدمار الشامل لديه".
واتفق الناطق مع الموقف الاميركي بأن "الثروة النفطية في العراق ينبغي ان تكون لمصلحة الشعب العراقي ولا تستعمل في شراء أسلحة الدمار الشامل ببلايين الدولارات". ورداً على سؤال قال الناطق ان هناك أوجه قلق تتعلق بالبيئة في حال قيام العراق بعمل ضد آبار النفط العراقية. لكنه أوضح ان "الوضع لا يزال في حال افتراضية" في شأن ما سيحدث في المستقبل.
وفي بروكسيل رويترز، اعلن الأمين العام لحلف شمال الاطلسي اللورد جورج روبرتسون امس انه لا توجد "انقسامات" داخل الحلف في شأن تقديم العون لحرب اميركية محتملة ضد العراق، وان الخلاف الوحيد القائم هو حول التوقيت.
وذكر ديبلوماسيون الاربعاء ان فرنسا والمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ عطلت قرارا لحلف الاطلسي في شأن الاعداد لاجراءات مساندة منها الدفاع عن الجبهة الجنوبية في تركيا خلال مناقشات ساخنة جرت بين مندوبي الحلف.
وقال روبرتسون في مؤتمر صحافي: "لم نتوصل بعد الى توافق في الآراء في شأن المهمات المتعلقة باقتراحات بعينها طرحت للنقاش". وأضاف: "هناك حالياً خلاف على الوقت بين عدد محدود من الدول لكن لا خلاف على المضمون على الاطلاق". واستطرد: "لا توجد انقسامات".
وطلبت الولايات المتحدة رسميا الاسبوع الماضي من الحلف بحث ستة اجراءات لتقديم مساعدات عسكرية غير مباشرة في حال شن حرب على العراق. وعارضت فرنسا والمانيا علناً التسرع في شن الحرب وقالتا ان مفتشي الامم المتحدة عن الاسلحة يجب ان يمنحوا مزيداً من الوقت لمحاولة نزع سلاح العراق سلمياً.
ولا تعترض دول الحلف على المطالب الاميركية من حيث المبدأ لكنها قلقة من ان تبدو وكأنها تبنت العمل العسكري قبل ان تستنفد السبل الديبلوماسية لتجنب الحرب.
وقال روبرتسون: "ليس لدي شك على الاطلاق في ان الحلف سيقف كما وعد بجانب تركيا العضو فيه وهي ايضاً جارة العراق ... ليس هناك خلاف على ذلك على الاطلاق".
وتشمل الاقتراحات الاميركية الدفاع عن تركيا بصواريخ باتريوت وطائرات الانذار المبكر اواكس بالاضافة الى نشر سفن وكاسحات ألغام تقوم بدوريات في البحر المتوسط. واقترحت واشنطن كذلك الاستفادة من تسهيلات التخطيط التابعة للحلف لتشكيل القوات المناسبة للحملة وحشد المعدات مثل الطائرات المقاتلة وطائرات التزويد بالوقود. كما اشارت الى ان الحلف يمكن ان يقوم بدور في الجهود الانسانية واعادة الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب.
وقال روبرتسون: "سنواصل كما نفعل دوماً محاولة التوصل لتوافق في الآراء بأسلوب هادئ ومشرف وكان هذا ما ميز مناقشات أول من امس". وأضاف: "ليس هناك خلاف سوى على التوقيت وهذا يتعلق تحديداً بالجدول الزمني الذي طرحته الامم المتحدة في ما يتعلق بالتفتيش".
وأعلنت ا ف ب المفوضية الأوروبية أمس انها تعتقد ان الحرب على العراق "ليست حتمية، إلا اننا يجب ان نتوقع كل الاحتمالات". وأضاف ناطق باسم المفوضية ان مسألة المساهمة في إعادة بناء العراق "أثيرت في المحادثات مع الولايات المتحدة أو مع شركاء آخرين، إلا ان هذا لا يعني انهم طلبوا منا خططاً عملية".
وقالت ناطقة أخرى باسم المفوضية ان ليس لدى المفوض كريس باتن، المكلّف العلاقات الخارجية، "رأي قانوني" في شأن ضرورة صدور قرار ثان من مجلس الأمن قبل ضرب العراق.
وفي بيروت، شدد نائب وزير الخارجية الروسي الكسندر سلطانوف "على ضرورة التشاور مع كل المجتمع الدولي ومجلس الأمن من اجل ايجاد حل سياسي وديبلوماسي لقضية العراق". وكان سلطانوف التقى امس رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري في حضور السفير الروسي بوريس بولوتين وتركز البحث على تطورات المنطقة وخصوصاً في الخليج والعراق.
من جهة ثانية، اعلن المستشار الصحافي في السفارة العراقية في لبنان نوري التميمي "ان العراق جاهز لمواجهة العدوان الأميركي وأنه وزعت على كل مواطن بمقدوره ان يحمل السلاح قطعة سلاح".
كما أكد التميمي خلال زيارته نقيب الصحافة محمد البعلبكي "ان الحكومة العراقية تساعد المواطنين اقتصادياً وأن قانوناً للأحزاب جديداً سيصدر قريباً سينشط بموجبه الشيوعيون والقوميون العرب وحركة الخضر وغيرهم بعد اخذ الترخيص".
وبالنسبة الى وضع الأكراد، اعتبرهم التميمي "شركاء في الوطن ولهم استقلالهم الداخلي"، مشيراً الى ان وزير الإعلام العراقي محمد سعيد الصحاف سيزور لبنان خلال عشرة ايام للاجتماع الى المسؤولين اللبنانيين وإطلاعهم على اوضاع العراق.
وفي تونس، حض السفيران الالماني والفرنسي كريستوف دريكس وإيف أوبان دي لامسيزيار على منح فرصة للديبلوماسية من أجل الوصول الى حل للأزمة مع العراق. وقال دي لامسيزيار الذي كان يشغل منصب المدير العام للشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية، في لقاء مع الصحافيين لمناسبة الذكرى الأربعين لإعلان الإليزيه الألماني - الفرنسي، ان تلويح باريس باستخدام حق النقض في مجلس الأمن في حال الميل لاستخدام القوة مع العراق هو "من باب الردع". واضاف انه "ليس من تقاليد فرنسا استخدام حق النقض الذي لجأت اليه ثلاث أو أربع مرات"، لكنه استدرك قائلاً انه "خيار لا يمكن استبعاده".
واعتبر دريكس ان الأزمة الحالية مع العراق "تحرف الانتباه عن مكافحة الإرهاب الذي يشكل مصدر الخطر الحقيقي على المجتمع الدولي"، وأضاف: "لم يستطع أحد ان يثبت حتى الآن وجود علاقة بين العراق والإرهاب".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.