طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية الفصل في شأن الآثار القانونية الناشئة عن "الجدار الفاصل" الذي تشيده اسرائيل في عمق الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وحظي هذا القرار بدعم 90 دولة، وامتناع 74 دولة عن التصويت بينها الاتحاد الأوروبي وروسيا، ومعارضة الولاياتالمتحدة واسرائيل التي استبقته بالتأكيد ان بناء الجدار سيتواصل، والتهديد بأن نقل الملف الى محكمة لاهاي يشكل ضربة ل"خريطة الطريق". راجع ص6 و7 وغداة تعثر اعلان الهدنة خلال حوار القاهرة، قال الناطق باسم "حماس" عبدالعزيز الرنتيسي إن الهجمات الانتحارية ضد اسرائيل ستتواصل، موضحاً أن الهدوء الأخير مجرد فترة راحة موقتة. واضاف: "كل شيء تغير محليا واقليمياً ودولياً... المشاكل الخاصة بأميركا ووضعها الخاص في العراق وافغانستان له تأثيراته على الوضع في فلسطين. اعتقد ان الشعب الفلسطيني اقوى الآن مما كان عليه". وفي الوقت نفسه، نقلت "حماس" الكرة الى الملعب الاسرائيلي عندما تحدت حكومة ارييل شارون قبول صيغة "تحييد المدنيين" من الجانبين. وقال القيادي في الحركة موسى ابو مرزوق: "اذا احضر أي جانب عرضاً من اسرائيل بوقف النار فسندرسه"، مضيفاً: "اتحدى ان يقبل العدو ما يقبله العالم بأسره". ويأتي هذا التحدي في وقت كشفت اوساط اعلامية اسرائيلية ان مستشار رئيس الحكومة دوف فايسغلاس ابلغ نظيره الفلسطيني حسن ابو لبدة ان اسرائيل "مستعدة لاحلال الهدوء اذا التزمه الفلسطينيون"، لكن من دون ان تكون طرفا في اتفاق الهدنة. وفُسر ذلك على ان اسرائيل معنية بالهدوء من دون ان يؤدي ذلك الى اعتراف غير مباشر بفصائل المقاومة. وفي نيويورك، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء دورة طارئة منعقدة تحت عنوان "متحدون من أجل السلام"، قرارا يقضي باحالة ملف "الجدار الفاصل" على محكمة العدل الدولية في لاهاي. وانطوى القرار على فقرة عاملة واحدة قررت الجمعية العامة بموجبها الطلب الى محكمة العدل "ان تصدر على وجه السرعة فتوى في شأن المسألة الآتية: ما هي الآثار القانونية الناشئة عن الجدار الذي تقوم اسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بتشييده في الأرض الفلسطينيةالمحتلة، بما في ذلك القدس وحولها، على النحو المبين في تقرير الأمين العام كوفي انان، وذلك من حيث قواعد ومبادئ القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة؟". وشرح المندوب الاميركي السفير جيمس كنغهام اسباب تصويت الولاياتالمتحدة ضد القرار، قائلا ان اللجوء الى محكمة العدل "يتنافى" مع الحل عبر التفاوض "وقد يؤدي الى تأجيل تنفيذ حل الدولتين... كما ان له اثرا سلبياً على خريطة الطريق... ويعرض المحكمة الى مخاطر"، مؤكداً في الوقت نفسه الموقف الاميركي المعارض لتشييد الجدار. وشرح المندوب الروسي السفير سيرغي لافروف موقف بلاده بالقول ان اللجوء الى المحكمة الدولية "يعني ان الأسرة الدولية توافق على الوضع الراهن"، مضيفاً ان الجهود يجب ان تبذل للتركيز على وقف تشييد الجدار وإزالة ما بني، و"يجب ألا نقف متفرجين". وشملت قائمة الممتنعين عن التصويت دولاً اعضاء في منظمة المؤتمر الاسلامي وعدداً من الدول الأخرى التي دعمت تقليدياً القرارات العربية، وذلك بسبب سابقة اللجوء الى محكمة العدل الدولية. وقال مندوب فلسطين الدكتور ناصر القدوة في خطابه أمام الجمعية العامة إن السعي وراء الرأي الاستشاري لمحكمة العدل هو "لتأكيد الجوانب القانونية، مثل لا شرعية الجدار وضرورة عدم الاعتراف به" دولياً. وزاد: "الأمل أيضاً أن يشكل هذا ضغطاً على إسرائيل، قوة الاحتلال، لعله يقود إلى انصياعها والتزامها إحكام القانون الدولي وإرادة المجتمع الدولي". وحذر من أن الجدار سيؤدي الى "الاستيلاء بالقوة على نصف الأرض المحتلة عام 1967"، ويضر ب"خريطة الطريق" و"حل الدولتين"، ويشكل "أكبر جريمة حرب في تاريخنا المعاصر". وحمل السفير الإسرائيلي دان غيلرمان الرئيس ياسر عرفات مسؤولية بناء الجدار، معتبراً ان "إرهابه جعل تشييده لا مفر منه". وقلل من شأن القرار الذي وصفه بأنه "سابقة خطيرة لكل الدول"، و"يجعل من المحكمة مسخرة ويهدد بتقويض مركزها"، و"يعقد جهود تطبيق خريطة الطريق ويقوضها ويؤجلها ان لم يؤد إلى الوقف التام للجهود".