استطاع "المحور التربوي" ان يوجد حالاً من الجدل والانقسام بين المشاركين في جلسات عمل اللقاء الوطني السعودي الثاني للحوار الفكري في مكةالمكرمة الذي ينظمه مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني بعنوان "الغلو والاعتدال رؤية منهجية شاملة" ويختتم أعماله غداً الاربعاء. وانقسمت الآراء في الجلسة الخامسة المغلقة أمس بين "مؤيد" و"معارض" لتعديل المناهج الدراسية في السعودية، ما أثار جدلاً واسعاً بين المشاركين. وعلمت "الحياة" ان غالبية المشاركين دعوا وزارة التربية والتعليم إلى تشكيل لجان عمل مع الجهات المختصة لإعادة النظر في وضع المناهج المدرسية ومن ضمنها المنهج الديني ومدى تأثيره على عقول الشباب وتزايد الغلو والتطرف. ولم تشهد الجلسات الماضية مثل هذا الاختلاف في الرأي، ما يشير الى أهمية الموضوع التربوي الذي يشغل الرأي العام السعودي بمختلف توجهاته وفئاته الاجتماعية. وفي المقابل، أبدت النساء السعوديات الحاضرات في اللقاء عدم رضى عن مستوى مشاركتهن، إذ لم تتح لهن فرصة تقديم اوراق عمل أو بحوث، كما ان عددهن المنخفض 10 سيدات في مقابل 50 رجلاً جعل مشاركتهن رمزية اكثر منها فعلية. وأعربت الدكتورة أميرة كشغري عن اعتقادها بان وجود المرأة في اللقاء أمر جيد لكنه ظل هامشياً، موضحة ان "عنوان اللقاء هو الغلو الذي تعاني المرأة السعودية منه". وشهد يوم أمس مناقشة عدد من البحوث بينها بحث قدمه الدكتور ابراهيم بن عبدالعزيز الدعيلج بعنوان "التعليم ودوره في بناء الشخصية المتزنة"، وبحث ثان للدكتور عبدالعزيز سعود بن عمر بعنوان "الانشطة التربوية اللاصفية هل هي محققة للغلو أم للاعتدال؟"، والبحث المقدم من الدكتور احسان بن علي بوحليقة بعنوان "العامل الاقتصادي وأثره في الغلو". وتساءل الدعيلج في بحثه عن سريان الفكر الظلامي بين الشباب مع العلم ان المناهج هي نفسها التي كانت تدرس قبل عشرات السنين، مشدداً على ان الربط بين ما يحدث من تطرف وغلو وبين مناهج التعليم يفتقر إلى دليل لإثبات صحته. واشار إلى انه "لا يكفي لاجل تجديد التعليم ادراج مواد جديدة في المناهج"، ومؤكداً أن "الأمر يحتاج إلى تصور دقيق للتفكير العلمي وطرق التدريس التقليدية التي لم تؤسس على معرفة حقيقية بنفسية التلميذ". وطالب الباحث بان يكون تطوير المناهج عملية مستمرة، حاضاً على التوازن والاتزان والثبات بين الاهداف والغايات التعليمية. اما ابو حليقة فأوصى بإعادة توزيع ايرادات الخزانة العامة لحفز معدل نمو الاقتصاد بما يعزز الاستقرار الاجتماعي وإعادة التوازن الى سوق العمل ومساندة المرأة القادرة والراغبة في العمل تلبية لاحتياجاتها واحتياجات أسرتها ومجتمعها، اضافة إلى تحقيق مبدأ الشفافية والمحاسبة وإعادة هيكلة الانفاق العام. إلى ذلك، عقد نائب رئيس اللقاء الثاني للحوار الوطني الدكتور راشد الراجح والامين العام لمركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني فيصل بن عبدالرحمن بن معمر ليل أول من امس مؤتمراً صحافياً سلطا فيه الضوء على أهم ما طرح في الجلسات الماضية. واشار الراجح إلى ان البحوث واللقاءات والحوارات قناة من قنوات التعبير وحرية الرأي والرأي الآخر وتبادل المشورة في كل ما من شأنه مصلحة الوطن والمواطن. ورأى ان ما يناقش من محاور يصب في اطار الرغبة في فتح قناة مع ابناء الوطن ثم رفع ذلك الى صاحب القرار لاتخاذ ما يراه مناسباً. واعتبر ان المشاركين يغطون فئات وشرائح المجتمع السعودي، وبينهم نخبة مختارة من العلماء والمثقفين والمفكرين من رجال ونساء. وأكد بن معمر أن الحوار بين المشاركين سيخرج بنتائج واقتراحات وتوصيات تسهم في تحقيق المصلحة العامة، معتبراً أن "ابقاء الجلسات مغلقة هدفه تمكين المتحاورين من ابداء آرائهم ضمن منهجية الحوار المتفق عليها من دون مشاركة اعلامية حتى لا يصل تأثير الاعلام على المشاركين". ولفت إلى ان المركز أعد خطة استراتيجية يتم في ضوئها وضع برامج للحوار تشمل جميع فئات المجتمع من شباب ونساء ورجال لنشر ثقافة الحوار وجعله اسلوب حياة في المملكة العربية السعودية. ويواصل اللقاء جلساته اليوم بمناقشة المحور الإعلامي والصيغة الأولية لمسودة البيان الختامي.