ودّع لبنان في مآتم جماعية وافرادية 74 ضحية من ضحايا تحطم الطائرة المنكوبة في كوتونو، وبقيت خمس جثث تنتظر في برادات المستشفيات، إما لتحديد هوية بعض اصحابها بعدما تبين ان الاسم الذي تحمله ليس لصاحبها الحقيقي، او في انتظار اكتمال عدد افراد الأسرة الواحدة التي قضت بصورة جماعية ولم يتم التعرف الى بعضهم في كوتونو. راجع ص7 وكان آل حلواني استعدوا لاجراء مأتم مهيب لولدهم رباح الذي غادر الى كوتونو قبل اسبوعين ليلقى حتفه وهو عائد للاحتفال بعيد مولده ليلة رأس السنة. لكن، حينما توجه والده عصمت الى براد مستشفى المقاصد لاستلام الجثمان تبين له انه لا يعود لرباح انما لشخص من آل كلاس، وتبين ان في المستشفى نفسه صار هناك نعشان باسم فخري كلاس، أحدهما من كان يفترض ان يكون رباح حلواني. وكان عديل كلاس تعرف الى جثته في كوتونو وبعدما وضّبت وشُحنت الى الطائرة الفرنسية التي اقلتها الى بيروت، عاد عن خطئه بعدما تعرف الى جثة كلاس الصحيحة فشحن الجثمانان تحت اسم واحد. وبقي طفلان من آل البيطار من دون تشييع في عكار بسبب عدم التعرف الى جثة والدتهما في كوتونو، وتم أمس التعرف اليها عن طريق طبيب شرعي لبناني زود من بيروت بالعلامات الفارقة لها وينتظر اعادة الجثمان لدفن افراد العائلة معاً. كما لم تدفن الطفلة ماريا بانبوكيان بسبب وجود والدها ووالدتها وشقيقها في المستشفى حيث يعالجون بعدما نجوا من الحادث. وفيما لا تزال في كوتونو ثلاث جثث مجهولة، يبقى ستة لبنانيين مفقودين. ولم تتمكن فرق الانقاذ، وبينها فريق مروحيات فرنسية، من العثور أمس على أي جثة جديدة. وفي بيروت، ظهر مزيد من المعلومات عن الطائرة، من ناجين ومتابعين للتحقيقات، وفيما ذكر النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم "اننا سمعنا ان الطائرة كانت عليها حمولة مانغو وحاولت الاقلاع مرتين وهذا يدل الى ان الأمر غير سليم"، قال أحد أقارب الضحية خالد الشميطلي انه لم يكن مقرراً ان يكون على متن الطائرة الى السابع من الشهر المقبل إلا أن أحد مكاتب الشركة التي تسيّر الطائرة اتصل به قبل نصف ساعة وأبلغه انه تم تأمين مقعد له على الطائرة فالتحق بها، علماً بأن ناجين من الحادث قالوا انهم تخلفوا عن الرحلة ومع ذلك فإن المقاعد كانت مكتظة بالركاب. وتحدث آخرون عن ان الطائرة كانت تتزود الوقود في محطة لها في ليبيا وكان ثمن الوقود يدفع نقداً من طاقم الطائرة. وكان القاضي عضوم اعلن امس انه بدأ التحقيق لمعرفة أسباب الحادث والمتسببين به، مشدداً على صلاحية القضاء اللبناني في الملاحقة في حال وجود جرم جزائي و"انه لن يكون متسامحاً" مع من يثبت التحقيق تسببه بالحادثة، لكنه دعا الى انتظار ورود التقرير الفني واستخراج المعلومات من الصندوق الأسود الذي أرسل الى أميركا، لتحديد المسؤوليات. وأكد ان لدى السلطات اللبنانية مستندات ووثائق عن رفضها السماح للطائرة، غير مرة، نقل ركاب من لبنان، الا بعدما اعتمدتها غينيا كناقل وطني، وفقاً لاتفاق نقل موقع مع لبنان. وقال: "على رغم ذلك فإن المدير العام للطيران المدني حمدي شوق أصرّ على ان تخضع الطائرة للكشف الفني في كل مرة تأتي فيها الى مطار بيروت". وأكد وجود وثائق "تتعلق برفض لبنان تسجيل الطائرة فيه والسماح لها بنقل الركاب غير مرة"، معتبراً "ان لبنان غير مسؤول لا فنياً ولا تقنياً".