انهت فرق البحث اللبنانية والدولية عن الصندوق الأسود للطائرة الأثيوبية المنكوبة مسح المنطقة التي تلقت فيها اشارات من الصندوق والتي حددت مساحتها بنحو 35 ألف متر مربع على مسافة تزيد عن 10 كيلومترات من الشاطئ وفي عمق يقارب ال1500 متر، وبدأت امس مرحلة تنقيب، على أن يتخذ في ضوء ذلك القرار المناسب في حال عثر على أجزاء صغيرة يمكن انتشالها، أو قطع كبيرة تستدعي استقدام معدّات من الخارج. وواصلت المدمرة الأميركية «يو أس أس راميتج» والباخرة «أوشين ألرت» عملهما أمس، إلى جانب قطع بحرية لبنانية ودولية. وخلافاً لما روجته وسائل اعلام، أفاد مصدر مواكب لعمليات البحث ان الباخرة «أوشين ألرت» ستغادر اليوم موقع البحث لساعات في اتجاه مرفأ بيروت، من أجل التزود بالوقود والطعام وتركيب رادارات اضافية، ذلك أن الباخرة موجودة في البحر منذ 3 أسابيع. وكان الاجتماع الوزاري الذي ترأسه رئيس الحكومة سعد الحريري بعد عودته من القاهرة ليل أول من أمس، كلّف وزير الأشغال والنقل غازي العريضي متابعة الأمر واجراء الاتصالات اللازمة مع الجهات الدولية إذا تبين أن الأمر يتطلب استعانة بدول أو شركات لديها امكانات لهذا الأمر. ولم يعلن جديد باستثناء عثور الجيش والدفاع المدني على بعض من حطام الطائرة قرب الشاطئ. واطلع الرئيس ميشال سليمان من نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر على التقارير الواردة في شأن موقع الصندوق الاسود وكيفية انتشاله، وكذلك عقد في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، اجتماع ضمّ لجنة التحقيق التي شكّلها الوزير العريضي، والخبراء الأميركيين والفرنسيين والاثيوبيين المتخصصين. وعرض مجريات عمليات الانقاذ التي تقوم بها البوارج والسفن والفرق التابعة للجيش اللبناني، والقوات الدولية، والدول المشاركة في عملية الانقاذ، ضمن الآلية الموضوعة من جانب هذه الفرق، وفي سياق مواكبة العمل على هذا الصعيد من جانب لجنة التحقيق المكلفة في هذا الشأن تطبيقاً للأنظمة والمعايير الدولية الموضوعة من جانب المنظمة الدولية للطيران المدني (ايكاو)، على ان تتوالى هذه الاجتماعات تباعاً لمواكبة عمليات الانقاذ الجارية على الساحل، ومراحل التحقيق ومساره. وترأس المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا اجتماعاً في المديرية العامة للطيران المدني، حضره المدير العام للطيران المدني حمدي شوق والمدير العام لوزارة الصحة الدكتور وليد عمار ومدير مستشفى بيروت الحكومي الجامعي الدكتور وسيم الوزان وقائد جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير وقائد سرية درك المطار العميد ايليا عبيد ورئيس قسم المباحث العلمية في قيادة الشرطة القضائية العميد هشام الاعور ونائب رئيس قسم المباحث العلمية في قيادة الشرطة القضائية العقيد ايلي نهرا، وعن لجنة التحقيق المشتركة كل من مسؤول مكتب التحقيق في فرنسا وأميركا وأثيوبيا وخبيري حوادث الطيران محمد عزيز وبول ارسلانيان. وتداول المجتمعون في المعلومات المتوافرة عن الطائرة الاثيوبية المنكوبة حتى تاريخه، وتم وضع خطة عمل موحدة للأيام المقبلة إن لجهة حفظ الادلة (حطام وأمتعة) او لجهة التحاليل المخبرية للحمض النووي او لجهة التشريح بالنسبة الى جثث طاقم الطائرة فقط، على ان تتخذ اللجنة من المديرية العامة للطيران المدني مقراً لها. وأعطيت حق استيضاح من تشاء من العاملين في المطار او خارجه بعد التنسيق لجهة التبليغ مع قيادة جهاز امن المطار عملاً بالاتفاقيات الدولية التي ترعى حوادث الطيران. وكان وزير الإعلام طارق متري أكد بعد الاجتماع الوزاري ليلاً، أن عمليات البحث لا تزال مستمرة، وحتى الآن تم تحديد المنطقة الموجود فيها الصندوق وهيكل الطائرة وهي منطقة تبعد عن مطار بيروت ما بين 7 و14 كيلومتراً وعلى عمق ما بين 700 و1400 متر. وأشار الى انه بعد تحديد مكان الطائرة ستنزل الى عمق البحر غواصة لالتقاط الصور ومن ثم تنزل غواصة اخرى لانتشال ما يمكن انتشاله من الجثث والحطام. التشييع وودّعت مدينتا النبطية والميناء - طرابلس أمس، ضحيتين من ضحايا الطائرة المنكوبة، هما علي أحمد جابر وآنّا محمد عبس بعدما تم التعرف إلى هويتيهما نتيجة فحص ال «دي ان آي»، بينما قضى جرجي عسّال حزناً على ولده ألبير الذي لم يعثر على جثمانه مع عشرات من ركاب الطائرة المنكوبة. ولف مدينة النبطية الحزن لدى استقبالها ابنها جابر في نعش ملفوف بعلم لبنان شق بصعوبة طريقه إلى منزل والديه حيث غرق الجميع بالبكاء على «شهيد الغربة». وجابر مغترب منذ 10 سنوات في الغابون ويعمل في تجارة السيارات بين افريقيا ولبنان وأوروبا، وباشر باستثمارات في العقارات وأخذ وكالة سيارات. وشيع جابر في مأتم مهيب تقدمه النائب ياسين جابر ممثلاً الرؤساء الثلاثة ميشال سليمان ونبيه بري وسعد الحريري، وحشد نيابي وشخصيات سياسية واجتماعية. وفي اجواء مماثلة، استقبلت منطقة الميناء جثمان ابنتها آنا وسط حشد من الاهالي تقاطروا من المناطق الشمالية ورافق النعش والدا الضحية وافراد عائلتها، وكان في استقبالهم الرئيس نجيب ميقاتي، رئيس بلدية الميناء عبدالقادر علم الدين، وفاعليات. وفي مسجد عمر بن الخطاب ادت للجثمان التحية ثلة من قوى الامن الداخلي. وحضر النائب قاسم عبدالعزيز ممثلاً الرؤساء الثلاثة، وشخصيات. وأمّ الصلاة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، ونقل الجثمان الى مدافن الميناء وسط حزن شديد ونثر الرز والورود. وكان حزن بلدة البترون مزدوجاً، على ألبير عسال الذي لم يعثر على جثمانه بعد، وعلى والده جرجي الذي أصيب بنوبة قلبية حزناً، اذ لم يتمكن الوالد المفجوع بخبر حادثة الطائرة التي كانت تنقل ابنه البير الى مركز عمله في انغولا، تحمّل المزيد من القهر والحزن والحرقة على ضياع ابنه، فانفجر قلبه عند الصباح الباكر تاركاً في قلب زوجته المفجوعة وابنائه حرقة مزدوجة برحيله. وأملت الوالدة عودة البير «سالماً معافى لأنه غطاس ولا يخاف البحر». المستشفى وبقيت في المستشفى جُثةٌ واحدةٌ مجهولةُ الهُويّة بانتظار نتائجِ الفحوص المَخبرية. وأبلغت عائلةُ الطفل محمد كريك الذي لم تتسلم جثته على أمل أن تظهرَ جثّة والده ليُدفنا معاً، المستشفى بأنها ستتسلم الجثة الأحد حين تكون والدته وصلت إلى لبنان. وأفاد رئيس قسم الأبحاث الجينية في المستشفى الحكومي الدكتور بيار زلوعة بأن المستشفى انهى المرحلة المتعلقة بفحوص ال»دي أن إي» ووضعت خريطة لجميع أهالي المفقودين. وجال وفد من لجنة التحقيق الأثيوبية في المستشفى والتقى مديرها العام الدكتور وسيم الوزان وتم البحث في آلية التعرف على جثث الأثيوبيين الذين قضوا في الكارثة. واجتمعت قيادة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مع فريق أمني أثيوبي ومسؤولين في شركة الطيران الأثيوبية، تمهيداً لإيفاد بعثة من المباحث العلمية في الشرطة القضائية الى أثيوبيا تضم 3 خبراء لأخذ عينات من الدم من أهالي المفقودين الإثيوبين.