منذ ثلاث سنوات تقريباً ازدهرت حركة المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة في بغداد. وسبب هذا الازدهار أسعارها المقبولة من جهة وحُسن التنظيم الاقتصادي للعائلة العراقية بعدما حرمت من المطاعم لسنوات بسبب تأثر موازنتها بالحصار. وشكلت هذه المطاعم بديلاً مناسباً للعوائل العراقية من المطاعم الفخمة الباهظة الثمن. لكن بعد الحرب انحسرت هذه الظاهرة في بغداد، فكيف حدث ذلك... ولماذا؟ الحارثية من أهم مناطق الTake away وهي تضم أكثر من 50 مطعماً من هذا النوع... ولكن الشارع يقع بين قصر كبير لصدام من الجهة الشمالية وقوات الاستخبارات العراقية من الجهة الجنوبية. لذلك تعرض لأضرار كبيرة في الحرب وما تبعها من أعمال سرقة ونهب وفق ما أكده حاتم الشكرجي صاحب أحد المطاعم في هذا الشارع. إذ عليه إعادة تأهيل مطعمه الذي أصيب بالقذائف. ويعزو صاحب أحد المطاعم أحمد الداود السبب في قلة الرواج الى ضعف القوة الشرائية للعوائل العراقية بسبب البطالة القاتلة أو نفاد مدخراتها المالية خلال فترة الحرب التي طالت مع إفرازاتها الكثيرة ساحبة وراءها فقدان الأمان. ويلفت الداود الى أن أصحاب المطاعم أصبحوا في مأزق حقيقي لعدم قدرتهم على دفع الايجارات المرتفعة للمطاعم. ويؤكد صبحي الدروبي وهو صاحب ثلاثة مطاعم في الشارع ان الكساد يعود إلى الاضطرار الى زيادة أسعار الأطعمة لتعويض فارق الإيجارات من جهة وتسديد ثمن مولدات الكهرباء. ويعتقد كمال الشاطي الذي انضم الى الحديث بأن سبب انحسار العمل هو الشكوك الكبيرة من المواطنين في صلاحية الأطعمة المستخدمة في مطاعمنا بسبب انقطاع التيار الكهربائي وسوء عمليات حفظها ما يدفع بنا إلى رميها وهذا ما يسبب خسارة كبيرة لنا، ولكن المهم هو المحافظة على سمعة المحل. ويضيف الشاطي سبباً آخر هو فرض منع التجول عند الساعة الحادية عشرة والعوائل لا تخرج لتناول العشاء إلا بعد التاسعة عادة وهذا الوقت لا يكفي لأي شخص حتى ينهي عشاءه ويعود بسلامة إلى المنزل. من جهة أخرى فان الظلام وانتشار اللصوص والسكارى والمتسولين في الطرقات يزعج العوائل ويقلقها، فالأمان مفقود وهذا عنصر مهم من عناصر استمرار أي تبضع أو تنزه. ولم تلق فكرة افتراضية بفتح مطاعم الtake away من جانب قوات التحالف الى قبول. وقال أحد المواطنين ان المطعم سوف يُفجر بعد ساعة من افتتاحه، وقال آخر: "انهم انجاس كيف ناكل منهم!". وأكدت عوائل عراقية أنها سمعت خبر فتح فرع "ماكدونالد"، واعتبرته كارثة لأن الجميع هنا يعتبرون سلسلة المطاعم هذه يهودية! وقالت صبية صغيرة: "إنها مطاعم لجنودهم الذين اصبحوا يزاحموننا على "كاشيرات الدفع" في مطاعمنا العراقية".