على بعد امتار فقط من مقر «قيادة عمليات بغداد»، السلطة الامنية الاولى في العاصمة، تحول حي الحارثية الراقي في جانب الكرخ، على مدى الشهور الثلاثة الماضية، الى منطقة الاغتيالات الغريبة للشخصيات الحكومية والاجتماعية والاعلامية، وواحدة من اكثر المناطق خطورة. وعلى رغم تزايد عمليات الاغتيال بالاسلحة المزودة كواتم للصوت في الفترة الماضية في شوارع بغداد تركز الكثير منها في الحارثية الا ان اغتيال الاعلامي العراقي رياض السراي، المذيع في تلفزيون «العراقية» الحكومي، قبل يومين سلط الاضواء على منطقة القتل القريبة من احدى البوابات الرئيسية للمنطقة الخضراء. وطالبت الحكومة المحلية لمحافظة بغداد اثر الحادث قيادة عمليات بغداد ب»القضاء على البؤر الارهابية في منطقة الحارثية التي ارتُكبت فيها سلسلة من الجرائم». واشارت الى ان اغتيال السراي مماثل في التفاصيل والمكان لاغتيال ميثم شكير مسؤول العلاقات الدولية في مكتب المحافظ الشهر الماضي. وقال مصدر امني رفيع ان «العمليات المسلحة زادت في الشهور الثلاثة الماضية في الحارثية التي كانت من الاحياء الاقل عنفاً لسنوات الماضية ما شجع على ان تكون مقراً لعدد كبير من السياسيين والشركات ووسائل الاعلام». واشار الى ان المنطقة «شهدت اخيراً تفجيرات غير متوقعة كاستهداف موكب لزوار في طريقهم الى مرقد الامام الكاظم، وتفجير سيارة مفخخة في مدخل الحي بالاضافة الى تفجير مقر قناة «العربية» في المكان نفسه». وعن عمليات الاغتيالات افاد المصدر ان «الحارثية لا تخضع بشكل عملي ومطلق الى سلطة قوات الامن، وفيها مربعات سكنية تحت سلطة قوة حمايات المسؤولين القاطنين فيها، ما جعل هذه المربعات بعيدة عن عيون السلطات الامنية. وجعل وجود العدد الكبير من المسؤولين فيها من الصعوبة الفرز بين السيارات الرسمية التي يستقلها المسؤولون وعائلاتهم وعناصر حماياتهم وبين السيارات الغريبة». وعادة ما يستخدم الجناة سيارات مشابها للتي يستخدمها المسؤولون. وتقع الحارثية الى جوار حي المنصور وجارها مقر قيادة عمليات بغداد ومكاتب وزيري الداخلية والمال كما تضم مقار سياسية مهمة ل»حزب الوفاق الوطني» بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي ومنزله ومقر «القائمة العراقية» ومحكمة الجنايات الاولى في الكرخ، اضافة الى مكاتب شركات ومؤسسات اهلية. وكان امير الحسون مسؤول اعلام امانة بغداد تعرض لمحاولة اغتيال في المنطقة التي شهدت محاولة اغتيال اثنين من نواب «العراقية». وقال الحسون «لم تتخذ القوات الامنية اي اجراء بعد محاولة اغتيالي عدا ان القوة التي كانت موجودة في المكان رافقتني الى منزلي فقط». وتابع «منذ الحادث وحتى اليوم لم تحاول اي سلطة امنية الاستفسار مني عن التفاصيل او التحقيق في هوية السيارة التي استقلها المهاجمون». وتحدث الناطق باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا الى «الحياة» عن «وجوه عدة للمشكلة التي نعاني منها في الحارثية تتمحور غالبيتها حول وجود عدد كبير من حمايات المسؤولين «فوق القانون» وغياب قاعدة معلومات مثبتة عنهم لدى السلطات الامنية (...) ولم يجر في المنطقة تدقيق معلوماتي عن السكان بسبب تواجد مجموعة كبيرة من المسؤولين السياسيين ومقراتهم فيها». واضاف «هذا الامر احدث ارباكا في تطبيق الكثير من الاجراءات الامنية وتخفي البعض وراء هذا العنوان او الصفة. كما نعاني من وجود منازل شاغرة قد يكون يسكنها ازلام النظام السابق يحتمل ان تكون اوكاراً لايواء الارهابيين» ما قد يُفسر بأنهم من «اشباح صدام».