تتوقف الحركة مساء اليوم في كل بقاع السويد لمشاهدة فيلم "السربندة" للمخرج العالمي انغمار برغمان 85 سنة الذي قال انه "آخر مشروع انجزه في حياتي". يعرض "السربندة" على شاشة التلفزيون السويدي في اربع حلقات خلال شهر كانون الاول ديسمبر، ويحكي عن ماريان ليف اولمان وجوان ارلاند جوسفسون اللذين افترقا قبل ثلاثين عاماً ولكن فجأة تشعر ماريان ان مشاعر نوستالجية تدفعها للقاء طليقها جوان على رغم انقطاع طويل بينهما. تدخل ماريان على مزرعة جوان في مقاطعة دالارنا السويدية وتوقظه من قيلولته اليومية بقبلة خفيفة وهو في كرسيه الهزاز على شرفة المنزل المحاط بأشجار بدأ الخريف يتسلل الى اوراقها ويدخلها مرحلة الشيخوخة. يعيش مع جوان ابنه هنريك بوريي الستدت وابنة هنريك، كارين جوليا دوفينيوس التي تتعلم العزف على الة الفيولونسيل. جميعهم يعيشون منذ سنتين في حالة حزن على فراق زوجة هنريك، أنّا التي فارقت الحياة في سن مبكر. ولكن زيارة ماريان الى المزرعة تغير الواقع المؤلم ليصبح عتاباً وحباً وذكريات ومشادات كلامية ونقاشات وجودية ومستقبلية. على رغم ان "السربندية" هي تتمة لفيلم "مشاهد من حياة زوجية" الذي اخرجه برغمان سنة 1973 واشترك في بطولته ليف اولمان وارلاند جوسفسون، يصر برغمان على ان "السربندية" فيلم منفصل عن مضمون "مشاهد من حياة زوجية". معروف ان برغمان لا يعطي اي لقاء صحافي منذ سنوات طويلة. ولكنه عندما انتهى من اخراج الفيلم الأخير، قال لمندوبي الصحف: "يمكن مشاهدة السربندية على انه "كونشرتو غروسو"، حفلة موسيقية لاوركسترا كاملة ولكنها مؤلفة من اربعة عازفين منفردين". يعطي برغمان عنصر الموسيقى دوراً كبيراً في فيلمه الذي يقول عنه انه الاخير "اذ ان معزوفات لبتهوفن وبراكنر وبراهمس ترفع الفيلم الى مستوى عظماء المبدعين في العالم". ولبرغمان علاقة حميمة مع تلك السمفونيات اذ انه يقول: "لطالما احببت الموسيقى ولكنها لم تبادرني الحب". يعد انغمار برغمان من المبدعين في عالم الاخراج المسرحي والسينمائي في العالم، فشخصيات عالمية مثل وودي الن ودايفيد لينش ولارش فون تريير واخرين اعربوا مراراً عن تأثرهم بمدرسته. وخلال سنينه الطويلة في صناعة الصور انجز برغمان اهم الانتاجات السينمائية والمسرحية في العالم اذ ان افلامه دخلت في خانة الافلام الكلاسيكية التي تشاهد مرة بعد مرة من دون ملل. ومن افلامه المعروفة "صوناتا الخريف"، "الفريز البري"، "ليل الجوالين"، "صراخ وهمس"، "مشاهد من الحياة الزوجية" و"بيضة الثعبان". معروف عن برغمان كومة من المشاعر المتأججة التي تتخللها حالات عصبية قوية. وكشفت زوجته السابقة ليف اولمان التي تلعب الدور الرئيسي في فيلمه الجديد انه "اثناء تصويرنا لأحد المشاهد طلب مني ان اؤدي الدور عارية. رفضت وقلت له اننا اتفقنا ان ابقي ملابسي الداخلية علي الا انه اصر ان اخلع كل ملابسي كلها. رفضت وقلت له انا ذاهبة ولن اشارك في الفيلم. ما ان ادرت ظهري حتى ادركني بعبوة شراب كانت امامه فهرعت من المكان هاربة ودخلت الى غرفة المكياج التي لحقني اليها. احتميت بالعاملين هناك الا انه طلب من الجميع الخروج من الغرفة وبقينا سوياً. للحظات عدنا كما كنا من قبل، انغمار يلحقني وانا اهرب منه". "السربندية" هي رقصة غزلية اسبانية كانت تقدم في قصور الملوك في القرن السادس عشر ولكنها منعت فيما بعد لاعتبارها "غير اخلاقية". ولكن برغمان الذي يخرق كل العادات والتقاليد يقدم مرة اخرى عمل تلفزيوني ابداعي يدعي انه الاخير. تقول ليف أولمان: "عندما صورنا اخر مشهد من الفيلم قال للجميع وداعا بطريقة جعلني اشعر انها بالفعل المرة الاخيرة التي نشاهد فيها عملاً لبرغمان". ولكن برغمان صاحب المفاجأت قال عن اعمال سابقة انها الاخيرة ثم عاد الى الشاشة من جديد، لذا يترك هذه المرة ورائه علامة استفهام كبيرة: هل "السربندية" ستكون فعلاً آخر اعماله؟