دعا الرئيس الفرنسي جاك شيراك امس البرلمان في بلاده الى اعتماد قانون يقضي بحظر العلامات الدينية الظاهرة في المدارس العامة، بحيث يكون جاهزاً للتطبيق في بداية الموسم الدراسي المقبل، وذلك باسم العلمانية التي اكد انها مبدأ "غير قابل للتفاوض" ولا "لإعادة الصياغة" وبين هذه المظاهر الحجاب. واعتبر علماء مصريون، بينهم شيخ الأزهر ان مثل هذا القانون شأن فرنسي داخلي لا يحق لأحد التدخل فيه. وأيد شيراك، في خطاب ألقاه في قصر الاليزيه امام نحو 400 من ممثلي الطوائف والمسؤولين والمفكرين، التوجيهات الواردة في هذا الشأن في تقرير لجنة "صون العلمانية" التي كان شكلها في تموز يوليو الماضي، لكنه خالفها في اقتراحها ادراج عيدي الأضحى والغفران على جدول العطل الدراسية الرسمية، لكنه أعلن ان لجنة لمكافحة التمييز في حق الفرنسيين المتحدرين من المهاجرين ستشكل مطلع السنة المقبلة. واعتبر ان "ارتداء ملابس أو علامات تعبر بشكل ظاهر عن انتماء ديني يجب ان يحظر" في المؤسسات والمدارس العامة، وان الحجاب والقلنسوة والصلبان الكبيرة "لا مكان لها" في المؤسسات التعليمية الرسمية. كما أعلن رفضه لإضافة أعياد جديدة "على جدول العطل المدرسية الكثيرة"، لكنه اشار الى حق التلامذة بالتغيب اذا رغبوا لمناسبة أعياد كبرى مثل الأضحى والغفران. وقال انه من الضروري "معالجة مشكلات الضواحي" والعمل على "انجاح الاندماج" من خلال "كسر حائط التجاهل المحيط بالتمييز". وعبر عن ادراكه "لمعاناة الشبان المتحدرين من الهجرة من جراء التمييز المفروض عليهم في سوق العمل والسكن وايضاً الترفيه"، مؤكداً ضرورة مكافحة هذا الواقع، ومعلناً على لجنة خاصة بذلك ستنشأ بداية السنة المقبلة. واعتبر ان تمتين التجانس الوطني يستدعي "ان تكون للمسلمين اماكن عبادة تسمح لهم بممارسة دينهم بكرامة"، مؤكداً ان الكثير من الجهد ما زال مطلوباً في هذا المجال. وأبدى شيراك حرصه على الاختلاط وحماية حقوق النساء "لأن درجة تقدم المجتمع رهن بمكانة المرأة في اطاره"، معرباً عن رفضه "تقويض المساواة بين الاجناس" بذرائع مختلفة. ودعا الى إعداد "مدونة علمانية" تكون ملزمة لجميع الموظفين الذين يلتحقون بالادارات العامة. واعتبر أن على الاسلام الذي وصفه بأنه "دين مستجد في فرنسا" ان يتكيف مع الجمهورية التي تمد يد العون له، من دون أن تكون خصوصياته ملزمة لمؤسساتها، مناقضاً بذلك "لجنة ستازي" التي ترأسها الوزير السابق برنار ستازي، والتي دعت في تقريرها الى الأخذ بالواقع الجديد الذي نشأ في المجتمع الفرنسي نتيجة الهجرة. وقال ستازي ل"الحياة" انه على مدى جلسات الاستماع اليومية التي أجرتها لجنته على مدى شهرين، أكدت شخصيات مسلمة عدة ان الحجاب ليس ملزماً في الدين الاسلامي. وعبر عن دهشته لكون بعض النساء المسلمات يفضلن التعرض للموت بدل المعالجة في المستشفيات العامة على أيدي أطباء ذكور. ورأى ان الهدف ليس حظر المظاهر الدينية وانما العدول عنها في المؤسسات التعليمية التي تشكل مساحة عامة يتردد عليها الجميع، وان القانون الذي سيعتمد ينبغي أن يطبق بذكاء. أما رئيس المجلس الفرنسي للديانة المسلمة دليل بوبكر فقال ان شيراك توقف مطولاً عند الأسباب التي أدت الى الوضع الحالي، ومنها أسباب اقتصادية واجتماعية، والتي تستدعي قانوناً يلزم الجميع باحترام القاعدة العامة. وفي القاهرة نقلت وكالة "رويترز" عن شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، تعليقاً على اصدار قانون فرنسي يمنع المظاهر الدينية، بينها الحجاب، في المدارس الرسمية الفرنسية: "لا اعتراض لنا اذا أصدرت فرنسا قانوناً كهذا لأنه لا يحق لأحد أن يعترض على مصر اذا أصدرت مثلاً قانوناً يمنع أي طالبة من دخول المدرسة ما لم تكن ترتدي الحجاب. ومن حق كل دولة أن تصدر من القوانين ما يناسبها"، مشدداً على أنه "كما لا يحق لأحد التدخل في قانون تصدره مصر لا يحق لنا الاعتراض على قانون تصدره فرنسا". وقال الشيخ محمد ابراهيم الفيومي رئيس مجمع البحوث الاسلامية السابق: "ما تفعله فرنسا هو نظام خاص بها ولا يستطيع أحد أن يتدخل فيه. ان فرنسا دولة علمانية لها تقاليدها الخاصة ولكنها لا تميز بين أتباع مختلف الاديان وبالتالي لا يوجد شيء تؤاخذ عليه. وما دامت الحكومة الفرنسية تطبق الاجراء ذاته على الديانتين السماويتين الاخريين المسيحية واليهودية فليست هناك مشكلة". وقال الشيخ عيد عبدالحميد يوسف امام وخطيب الجامع الازهر: "الحجاب فريضة أمرنا الله بها ومن يخرج عليها دينه ناقص، لكن الفرنسيين أحرار في بلادهم وقوانينهم. وأنا كمسلم لا أستطيع أن أوافق على قانون يحظر ارتداء الحجاب لانني أمام نص ديني ولكنني لا أستطيع أيضاً أن أمنع الفرنسيين من فرض حظر كهذا".