يجب علينا أن نقول الحقيقة لكي نعيش بسلام في وطننا، وفي منطقة قرن أفريقيا، وحين نقول اريتريا ونتعصب لها بأنانية مفرطة، ننسى التاريخ وننسى الماضي. وعلينا أن نقرأ التاريخ بالعقل. والاستعمار حين استعمر العالم الثالث كانت تلك البلاد دولاً مستقلة قبله، وقد استولى عليها بالقوة العسكرية. ولكن، يا ترى، هل اريتريا كانت دولة مستقلة قبل استعمار ايطاليا؟ وهل في التاريخ خبر عن دولة اريتريا؟ لا. كانت تعرف هذه المنطقة، بسواحلها وهضابها، بالحبشة، أثيوبيا، منذ فجر التاريخ. وشاء القدر ان تولد دولة اسمها اريتريا، للمرة الأولى في التاريخ، في عام 1993. ولكن ولادة دولة اريتريا لم تأت كما يتوهم بعضهم، بإرادة قوة السلاح الإريتري، بل جاءت لعوامل وظروف حصلت في أثيوبيا. وأول من اعترف باستقلال اريتريا الحكومة الحالية في أثيوبيا، ولكن للأسف لم يأت استقلال اريتريا بالأمن والرخاء، بل جر معه المآسي والدمار والحزن وضياع أسر بكاملها. ففقدت عوائل كثيرة كل أبنائها، وأغلبهم دون سن الثامنة عشرة في حرب لا معنى لها، وغير متكافئة، وحصدت الحرب الأخيرة أكثر من ثمانين ألفاً من جانب اريتريا، ولا يزال الخطر قائماً، لذلك يجب علينا، نحن الاريتريين ان نفكر، ونترك الأنانية. ويجب أن نعلم ان هذا الساحل، وهذا البحر كانا أثيوبيين قبل عشر سنوات، وان هذا الشعب هو شعب واحد وبمجرد انفصال هذا الاقليم عن أثيوبيا واستقلاله، لا يمكن أن يعطى الحق ل3 ملايين اريتري أن يمنعوا 60 مليون أثيوبي من البحر وساحله اللذين كانا ملكهم وحقهم. ومن أجل مصلحتنا، نحن الاريترييين، يجب ان نتقدم بمبادرة جريئة وهي مبادرة الأرض مقابل السلام، ونتنازل لأثيوبيا عن ميناء عصب وضواحيها، من رحيتا الى برعسولي، ولا ضرر في ذلك مقابل السلام، مصالح اريتريا مع أثيوبيا أكبر كثيراً من قطعة أرض على ساحل البحر الأحمر في أقصى جنوب اريتريا. والحقيقة ان ميناء عصب لا تستفيد منه اريتريا، ولا ميناء عصب يستفيد من اريتريا. وأصلاً ميناء عصب شيد ميناء لأثيوبيا، ولا يصلح لغير ذلك. وعليه نناشد رئيس دولة اريتريا ان يكون ذكياً وحكيماً وسياسياً شجاعاً، ويتخذ القرار التاريخي الكبير، ويعلن مبادرة الأرض مقابل السلام. ويجب أن يعلم الرئيس الاريتري أن مفتاح السلام في يده، وأن أرواح أبناء اريتريا في ذمته. ويجب عليه أن ينقذ المنطقة من ويلات الحرب الأهلية. انها حرب أهلية، فهو شعب واحد، وأسرة واحدة تفقد أبناءها من الجانبين. فالأخ يقتل أخاه أو ابن عمه. فهذا هو الواقع الحقيقي بين اريتريا وأثيوبيا. القاهرة - سليمان نور عمر مواطن اريتري