نفذ المقاتلون الشيشان هجوماً على القوات الروسية لم يسبق له مثيل منذ اعوام، وذلك بعدما ظنت موسكو انهم تحولوا الى التفجيرات الانتحارية لتغطية تراجعهم ميدانياً، بعد تلقيهم ضربة سياسية في انتخابات اسفرت عن فوز مرشح الكرملين بالرئاسة في الجمهورية التي تتمتع بحكم ذاتي. ودخلت مجموعة من المقاتلين الشيشان الى اراضي داغستان المجاورة امس. واشتبكت مع حرس الحدود الروس وقتلت تسعة منهم وفي مقدمهم قائدهم الذي ذبح ذبحاً. ثم اقتحمت بلدة حدودية وخطفت رهائن قبل ان تنسحب الى جبال مجاورة لتتخذ منها "قاعدة لشن هجمات مستقبلية". واعلنت مصادر روسية ان مقاتلين عرباً كانوا في عداد المجموعة التي ضمت ما بين 30 وخمسين عنصراً. راجع ص 10 واشارت الى ان العملية خطط لها في شكل دقيق، اذ انقسم المهاجمون الذين كانوا يستقلون شاحنات الى ثلاث مجموعات وكسروا الطوق الروسي، قبل نجاحهم في الانسحاب الى منطقة جبلية شديدة الوعورة، ومعهم طبيب اختطفوه من مستشفى بلدة شاوري وثلاثة من السكان. وزجت القوات الروسية بأعداد كبيرة من وحداتها في محاولة لتعقب المهاجمين، كما شاركت مروحيات عسكرية في تمشيط المنطقة. وذكر عسكريون روس ان اجراءات شديدة اتخذت للحيلولة دون نجاح المقاتلين في الوصول الى الحدود الجورجية، فيما تردد ان هدف العملية كان التمويه لنقل القائد الشيشاني شامل باسايف الى جورجيا، ومنها الى تركيا لعلاجه من اصابة تعرض لها سابقاً. غير ان مجموعة تطلق على نفسها اسم "ألوية المجاهدين في داغستان" قالت في بيان نشر على موقع "صوت القوقاز" الالكتروني، ان هدف العملية هو اتخاذ منطقة جبلية شمال داغستان مقراً لمزيد من الهجمات ضد "المحتل الروسي". ويذكر ان روسيا تعتبر الشيشان وداغستان جمهوريتين تتمتعان بالحكم الذاتي في اطار الاتحاد الروسي. وشكلت العملية صدمة للأوساط العسكرية الروسية التي عادت الى الحديث عن "دعم خارجي" يحظى به الشيشان. وذكر الجنرال فاليري بارانوف قائد الوحدات الروسية في المنطقة ان موسكو تواجه نحو 300 الى 400 عنصر من المرتزقة الأجانب "يشكلون عصب المقاومة الشيشانية". واعتبر سكرتير مجلس الأمن القومي الشيشاني رودنيك دودايف ان العملية تعد نسخة مكررة للهجوم الذي قاده العربي خطاب على مناطق داغستانية عام 1999 وكان الشرارة التي اشعلت الحرب القوقازية الثانية. ووضع الهجوم العلاقات بين روسيا والقيادة الجورجية الجديدة امام اول اختبار جدي في ما يتعلق بالتعاون في الملف الشيشاني. ولوحظ ان الجورجيين سارعوا الى التشديد على ان اجراءات صارمة اتخذت لمنع المقاتلين من التسلل الى الأراضي الجورجية. وفي اول اجراء مشترك منذ نحو عام، اعلن امس عن تشكيل غرفة عمليات ميدانية على الحدود الروسية -الجورجية لمنع تسلل مقاتلين من المنطقة الحدودية واليها.