"كنا نياما. فجروا باب البيت واقتحموه. حطموا الاثاث وضربوا المعيل الوحيد لخمس نساء وطفلين". بهذه العبارة تختصر هند حسين الشمري 35 عاما شهادات متعددة لاهالي السجناء العراقيين لدى القوات الاميركية الذين تظاهروا أمس امام سجن ابو غريب غرب مطالبين بالافراج عن ابنائهم. تجمع الشهادات على "براءة" المعتقلين من اي اعتداء على قوات الاحتلال الاميركي التي فقدت نحو 200 عنصر في هجمات استهدفتها منذ توقف العمليات العسكرية الكبرى مطلع ايار مايو 2003. وتعزو الشهادات، الاعتقالات، اما الى "وحشية الاميركيين" او الى "وشايات" من عراقيين آخرين لثأر شخصي. تروي هند كيف اقتحم الاميركيون منزلها المؤلف من طابق واحد وسط حي في منطقة الاعظمية في بغداد. وتقول: "جمعونا في غرفة واحدة. القوا شقيقي محمد حسين الشمري 41 عاماً أرضاً وانهالوا عليه ضرباً من دون ان نفهم السبب. كانوا يصرخون بنا ونحن نردد لا نفهم لغتكم. لم يكن معهم شرطة عراقية ولا مترجم". وتضيف: "فتشوا المنزل. حطموا كل ما وقع تحت أيديهم ليجدوا مسدساً واحداً". اقتاد الاميركيون محمد وتركوا في المنزل والدته وشقيقاته الثلاث وزوجته وطفلتيه حنان في السادسة وآمال في الخامسة. تمكنت هند بعد عناء من لقاء شقيقها في سجن ابو غريب مرة واحدة. وتقول: "في 8 تشرين الاول اكتوبر التقيته انا وزوجته في السجن. جاء يجر نفسه جراً وبالكاد تعرف علينا". في الليلة نفسها دهم الاميركيون منزل محمود شاكر الذي يقع في حي آخر من أحياء الاعظمية، "اصطحبوا معهم ولدي التوأمين علي وسيف 23 عاما لاستجوابهما بضع ساعات"، يقول محمود مؤكداً ان الاميركيين لم يعثروا على اسلحة في المنزل. ويضيف: "تلقينا رسالة من علي منتصف تشرين الاول اكتوبر بواسطة الصليب الاحمر الدولي قبل مغادرة المنظمة الدولية بغداد اثر تعرض مقرها لتفجير سيارة مفخخة يطلب فيها تعيين محام ويؤكد انه لم يستجوب ولا يعرف ما التهمة الموجهة اليه". عمر احمد رديف عبدالستار 32 عاماً يتظاهر مطالبا برؤية والده احمد رديف 62 عاماً وشقيقه خالد 21 عاماً اللذين اعتقلهما الاميركيون منذ نحو خمسة اشهر ونصف اثر دهم منزلهم في حي المنصور في بغداد بعيد منتصف ليل 30 حزيران يونيو. ويقول: "بعد شهر عرفنا انهما في سجن ام قصر عند الحدود مع الكويت وقمنا بزيارتهما في هذا السجن 6 مرات". ويضيف: "نقلا في 11 تشرين الثاني نوفمبر الى سجن أبو غريب وانقطعت اخبارهما. وعندما نجحنا في الحصول على موافقة لرؤيتهما حددت لنا سلطات السجن موعداً بعد اكثر من اربعة اشهر في 23 نيسان ابريل 2004". تامر نايف حمد 45 عاماً عميد سابق في الجيش العراقي. يقول: "أريد ان أرى شقيقي. هو عالم دين ويعمل مفتشا في ديوان الاوقاف السنية اعتقله الاميركيون عندما دهموا منزل صديق له في الموصل شمال كان نائماً عنده". ويضيف: "اجتمع به المحامي الاسبوع الماضي واكد له انه لم يستجوب منذ اعتقاله" في 18 تشرين الاول مع صديقه. ويؤكد العديد من اهالي السجناء أن الاميركيين يعتقلون احياناً بناء على "افتراءات" من عراقيين آخرين سببها الانتقام الشخصي. اعتقلت الشرطة العراقية باسم عبدلفته 32 عاماً في الاعظمية في 6 تشرين الثاني ونقلته الى سجن ابو غريب وفق زوجته صباح فاهم التي شاركت في التظاهرة مع ابنائها الثلاثة، صبيان في الثانية عشرة والتاسعة من عمرهما وطفلة في الثالثة. وتقول كان في الشارع مع رفاق له عندما تم اعتقاله وحده من المجموعة متهمة عنصراً من الشرطة العراقية بتلفيق "تهمة ما" لأسباب شخصية لم تكشف عنها. اما ام محمد فتؤكد ان ابناءها الثلاثة محمد وسعد ووليد في سجن ابو غريب. وتقول: "اعتقلهم الاميركيون في 11 تشرين الثاني ولم أتلق اي خبر منهم". وتضيف: "أعرف ان زوج ابنة شقيقتي هو السبب. هو شرطي وشى بهم وشاية كاذبة لينتقم لأني عارضت زواجه". سورية حميدي هاشم اعتقل الاميركيون ولدها قيصر احمد عقلة 32 عاماً في كركوك "لأن المترجمة المسيحية العراقية كذبت على حد قولها وقالت لهم انه يشتمهم" وشارك في التظاهرة الى جانب العشرات من اهالي السجناء العراقيين لدى القوات الاميركية، ممثلون عن جمعيات أهلية اجنبية للدفاع عن حقوق الانسان امام سجن ابو غريب وهم يرفعون لافتات تطالب باحترام حقوق السجناء ومحاكمتهم. وفيما يؤكد عناصر من المنظات الاهلية الاجنبية ان عدد المعتقلين يبلغ نحو 18 ألفاً، قال الاميركيون ان لديهم نحو خمسة آلاف معتقل. علماً ان عدد المعتقلين يرتفع مع تزايد حملات الدهم في البلاد مع تصعيد وتيرة الهجمات ضد قوات الاحتلال. ويقول ماثيو شندلر، وهو من منظمة "أنصار السلام المسيحيين" الدولية، وهو اميركي في الثانية والعشرين: "سنبقى نعمل طالما استمر الاحتلال".