بغداد، باريس - «الحياة»، أ ف ب - حذر نائب الرئيس العراقي عادل عبدالمهدي أمس من ان بعض المتمردين العراقيين السابقين الذين جندتهم القوات الاميركية لمحاربة «القاعدة»، ويعرفون ب «قوات الصحوة» يخطط سرا لشن هجمات إرهابية في البلاد، فيما أعادت قوات الأمن اعتقال اثنين فور أن اطلقتهم القوات الأميركية. وجاءت تصريحات عبدالمهدي وسط توتر العلاقات بين الحكومة و «قوات الصحوة» التي غيرت معسكرها لتقاتل القاعدة الى جانب الاميركيين. وتمول الحكومة العراقية عناصر الصحوة، ودمجت الآلاف منهم في قوات الامن، غير ان بعضهم تواجه أخيراً مع الشرطة، بعد سلسلة اعتقالات طاولت قادتهم. وقال عبدالمهدي: «انها (الصحوات) حركة سمحت لنا بطرد القاعدة الى خارج الانبار، لذا تلقت دعم الحكومة والشعب العراقيين. فمن دونها كان من الصعب جدا التخلص من القاعدة». واضاف خلال زيارة لباريس: «وافقنا على دمج عشرات الآلاف من عناصر الصحوة في القوات المسلحة لكن بعض الجماعات رفع لواء الصحوة في بغداد وغيرها، وحتى بعض الجماعات الارهابية». وقال بالفرنسية: «احيانا نعجز عن التمييز بين قوات الصحوة الأصليين ومن يدعي ذلك. بعض هؤلاء يدعي انه من الصحوة وينتظرالوقت المناسب لتوجيه ضربته. لذلك جرت توقيفات، عندما اكتشفنا علاقاتهم مع مجموعات ارهابية اخرى»، وشدد على ان «قوات الصحوة الاصلية حركة حقيقية ساعدتنا في اعادة النظام الى البلاد، خصوصاً تلك التي تشكلت في محافظة الانبار ومناطق من بغداد على غرار حي الاعظمية السني وسط المدينة، وهي قوات مشروعة وعلى اتصال بالحكومة». وبدأت القوات الاميركية تمويل جماعات محلية مسلحة والعمل معها عام 2006، عندما انقلبت عشائر متمردة على «القاعدة». وانتقلت بعدها مسؤولية العثور على جماعات سنية وتمويلها الى الحكومة، لكن التوتر ما زال قائما. إلى ذلك، لم تكتمل فرحة اثنين من المعتقلين الذين اقتادهم الاميركيون الى الطارمية، شمال بغداد للافراج عنهم، اذ اعتقلا مجددا ما ان استعادا حريتهما. وصدرت مذكرتا توقيف في اللحظة الاخيرة بحق الرجلين. وفيما كان المعتقلون الثلاثون الاخرون يقبلون اقرباءهم اقتاد شرطيون عراقيون بتكتم الرجلين الى السجن. وقال الكابتن كولي انجيل من اللواء السادس والخمسين في الجيش الاميركي «نقوم بما في وسعنا لتحديث القائمة باستمرار، لكننا نتلقى احيانا مذكرة توقيف في اللحظة الاخيرة». ويعمد الجيش الاميركي الى اخلاء سجونه، مطلقا آلاف المعتقلين لطي صفحة ست سنوات من الحرب في هذا البلد، غير ان قوات الامن العراقية تبقى حذرة. وشهد العراق منذ مطلع الشهر سلسلة اعتداءات تسببت بمقتل سبعين شخصا واصابة نحو 300. وفي هذا السياق، اعلن الناطق باسم قيادة العمليات في بغداد اللواء قاسم عطا انه سيتم التدقيق في ملفات الذين اطلق سراحهم في الآونة الاخيرة. وافرج الجيش الاميركي منذ مطلع السنة عن 20 في المئة من المعتقلين ال15 الفا في سجونه. وكان مقرراً ان تستقبل بلدة الطارمية السنية التي كانت في الماضي معقلا لتنظيم «القاعدة»، خمسين معتقلا، غير ان 32 فقط نقلوا اليها بسبب مذكرات توقيف صدرت في اللحظة الاخيرة. وينص الاتفاق الامني الموقع بين واشنطن وبغداد في تشرين الثاني (نوفمبر) على ان يسلم الاميركيون الى العراقيين المعتقلين الذين يشكلون خطرا ويطلقوا الآخرين، غير ان لجنة مختلطة تتولى تحديد ما اذا كان المعتقل مؤهلا، ما يضيف تعقيدات الى الآلية. ويثير هذا الامر الكثير من الخيبة والاحباط بين عائلات المعتقلين. وحين يدخل اول الذين افرج عنهم قاعة المؤتمرات في مقر البلدية، يغمر الفرح شفاء جاسم وهي تترقب دخول شقيقها وزوجها. لكن حين تدرك ان زوجها ليس ضمن المجموعة، تنهار منتحبة على مقعد وهي تؤكد انها رأت صورته واسمه على قائمة. وقال شقيقها: «لقد اعتقل الاثنان في الوقت نفسه في القضية ذاتها». واوضح عضو في «قوات الصحوة» ان الزوج ما زال معتقلا بموجب مذكرة توقيف اصدرتها السلطات العراقية التي تقول إن العديد من الذين ما زالوا معتقلين مقاتلون من «القاعدة» وقد يعودون عند اطلاق سراحهم الى حمل السلاح. وقال رئيس البلدية الشيخ سعيد جاسم حميد: «لا شك ان غالبية الذين اطلق سراحهم اخيرا ينتمون ايضا الى القاعدة». واوضح ان «القاعدة كانت نافذة في الطارمية. وكان في وسعها السيطرة على المدينة والمنطقة برمتها بالترهيب».