يحكى انه في تاريخ البحر الواسع. كلّ السمكات ما كانوا مبسوطين وما مرتاحين أبداً من عيشتهن. كلّ سمكة كانت تعمل متل ما بدها. تعمل متل ما يخطر على بالها، بلا رقيب وبلا حسيب. كلّ سمكة على ذوقها تسبح وتنط وتلعب من اليمين للشمال، ومن الشمال لليمين، من فوق لتحت ومن تحت لفوق. كيف ما كان حسب مزاجها... ضاعت الأحوال والظروف اللي كانت صعبة كتير كتير بالأخير. حالات فوضى وعجقة وبلبلة يعني شو بدّهن يعملوا؟ يا الله شو حلو" قالوا السمكات: شو حلو، بتنهيدة صادرة من قلبهن. يا الله شو كان حلو لو كان عنا نظام، يوضعلنا قوانين عادلة صارمة، تنظم أمور حياتنا حتى نرتاح، قالت سمسومة: لو كان عنا نظام ديموقراطي يحكم بالأكثرية أو لو كان عنا ملك عادل محب يسيطر علينا بمحبة وإخلاص وتفان، ويتمكن من مملكته البحرية. يا ريت في عنا حياة مطمئنة هادية. وبعد الجدل الطويل الحاصل بينهن والمشاورات المتبادلة، كان قرارهن الوحيد إنه يختاروا سيدهن الأول والأخير" سمكة لا طويلة ولا قصيرة، لا كبيرة ولا صغيرة، لا بدينة ولا نحيفة. سمكة يللي بتسبح أسرع من الريح وبتسبق الصاروخ وبتسابق كلّ الطيور واللي كمان أكتر شيء بتحمي الكائنات البحرية في مدن البحار والمحيطات. إجا يوم، يوم جدّ وعمل تمرين وشدّ عضلات، في عجقة كتير كتير ما بتتصور، ما معقول، كأنا خلية نحل فايرة ومستعدة لهجوم العدو بسبب الحماية. المهم بدهن يعلنوا وقت المباراة الحاسمة ليختاروا سيدهن الأول وملكن الأبدي. كان في من السمكات كتير على أنواعها: عرموت، غبّس، بومنشار، سمسومة، لقّز، سلطان ابراهيم، تريخون، حبّوبة، نجمة، أخطبوط، قنديل، قرش، فرس البحر... وغيرهن وغيراتن. حضروا حالهن الملكات وجهزوا نفسن. وفجأة، نادى الحكم ببدء المباراة وصفّر، فانطلقوا انطلقوا مسرعين بشكل هايل، وغابوا قوام متل السحر. وبعد فترة قصيرة , وإذ بتطلع الصرخة الأقوى: "سمسومة، عاشت سمسومة. الأولى هي سمسومة، سمسومة هي الأولى". "مين الأولى؟" سألت سمكة "فانا" بكلّ غيرة وحسد وشرّ " قالولها: "سمسومة ربحت وطلعت الأولى". قالت: "شو؟ مين طلع الأول؟ شو عم تحكي؟ سمسومة هيدي البشعة الحقيرة!". قالولها: "ايه طلعت الأولى". ضلتْ سمكة "فانا" تحكي وتحكي وتحكي، وكانت كلّ ما تحكي يتعجبوا السمكات، طلعت كلّ حسدها وغيرتها وشرها. كانت عم تغلي غلي حتى انفجرت ونشف ريقها. والسمكات عبّروا عن انزعاجن منها، وانصرعوا كمان. ولكن، بما انو "سمسومة" هي الملكة البحرية العادلة الصارمة والحاسمة على شعب السمك، قامت حكمت على سمكة "فانا" انو يميل فمها جانباً، قد ما طلع منها حكي حكي حكي حكي... ولهذا السبب بقي فمها لحد اليوم مائلاً. من قصص التراث عرّبها أطفال محترف "إبريق الزيت"