في حفلة واكبت عيد ميلاد الكاتب المصري نجيب محفوظ الثاني والتسعين، أعلن قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة مساء أول من امس، أن الفائز بجائزته، التي تحمل اسم صاحب نوبل، لعام 2003 هو الروائي المصري خيري شلبي، عن روايته "وكالة عطية" الصادرة في 1992. وفي تلك الاثناء كان نجيب محفوظ يجلس مع اصدقائه في كازينو على كورنيش النيل، بحسب برنامجه المعتاد منذ سنوات عدة، فيما كانت شبكة "سي ان ان" الاخبارية الاميركية تذيع مقابلة معه، أجرتها المذيعة المصرية شهيرة أمين، وتمنى فيها "أن تكون الولاياتالمتحدة القوة العظمى عنصراً لنشر العدالة وليس قوة للغزو". ويبدو أن الفرنسيين لم يرغبوا في تفويت المناسبة من دون أن يكون لهم حضور لافت فيها، فصدرت اول من امس ترجمة فرنسية للنصوص التي كتبها نجيب محفوظ اخيراً تحت عنوان "أحلام فترة النقاهة" عن دار "روشار"، مع أن هذه النصوص لم تنشر بعد في كتاب باللغة العربية ونشرتها مجلة "نصف الدنيا" القاهرية مسلسلة. وكان السفير الفرنسي في القاهرة جان كلود كوشران زار نجيب محفوظ وحمل اليه تهنئة الرئيس جاك شيراك لمناسبة عيد ميلاده، مشيرا الى أن شيراك يرى أن محفوظ "احتل مكانة رفيعة في مسار أدباء الإنسانية". وقال محفوظ للسفير الفرنسي إنه يشكر الرئيس شيراك ويذكر بتقدير كبير الرسالة الخطية التي تلقاها منه عندما اصابته وعكة صحية العام الماضي اضطرته دخول المستشفى. ومحفوظ، الذي أناب زوجته السيدة عطية الله حضور مراسم تسليم الجائزة، وجّه كلمة الى الحضور، أعرب فيها عن سعادته في أن يستمر قسم النشر في الجامعة الأميركية القاهرة في مساهمته "في ازدهار الرواية العربية والروائيين"، مشيراً الى أن "التاريخ سيتذكر هذا الجهد المشكور في خدمة الأدب واكتشاف المواهب الجديدة وتكريم المواهب الراسخة". وعلى رغم أن عدداً من المثقفين المصريين هاجم اخيراً مانحي الجائزة، باعتبارهم يرمزون الى "الإمبريالية الأميركية"، إلا أن القاعة التي شهدت الاحتفال امتلأت بعدد كبير منهم صفقوا اولاً للمطربة أجفان، وهي من أعضاء فرقة الموسيقى العربية، التابعة لدار اوبرا القاهرة، خلال ادائها ثلاث اغنيات من التراث الغنائي المصري، ثم صفقوا طويلاً عند اعلان اسم الفائز. بدا خيري شلبي 65 سنة في غاية التأثر، واستهل كلمته راجياً الحاضرين أن "يغفروا لي إن بدوت مرتبكاً وعاجزاً عن التعبير عن مدى ما أكنه من حب وتقدير لجائزة تحمل اسم نجيب محفوظ، مؤسس الرواية العربية". وقبل أن يلقي شلبي كلمته، التي بددت مخاوف البعض من انه قد يرفض الجائزة، كما فعل زميله صنع الله إبراهيم مع جائزة الرواية العربية التي تمنحها وزارة الثقافة المصرية الشهر الماضي، قدمته عضو لجنة التحكيم، الناقدة سامية محرز، مؤكدة ان اعضاء اللجنة "اجمعوا على أن روايته "وكالة عطية" هي الجوهرة التي تتوج أعمال خيري شلبي وإسهامه الغزير والمتميز في الادب العربي باعتباره أكبر الحكائين في تاريخ الرواية العربية الحديثة". قيمة الجائزة التي انشئت عام 1996 ألف دولار، ويتيح الفوز بها ترجمة العمل الفائز ونشره باللغة الانكليزية في مصر وخارجها. وفي اطار احتفاله أيضاً ببلوغ نجيب محفوظ، الحاصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، عامه الثالث والتسعين، أعلن قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة صدور الترجمة الانكليزية للروايات التاريخية الثلاث لنجيب محفوظ وهي "عبث الاقدار" و"رادوبيس" و"كفاح طيبة"، إضافة الى صدور رواية "العلاّمة" للكاتب المغربي سالم حميش التي فازت العام الفائت بجائزة نجيب محفوظ للادب الروائي. ولدى تسلمه الجائزة وصف خيري شلبي روايته الفائزة بقوله: "إنها ابنتي، وهذا هو حفل زفافها الذي انتظرته 11 سنة". و"وكالة عطية" التي صدرت طبعتها الاولى عن دار شرقيات في القاهرة في 1992 يعتبرها النقاد اهم أعمال خيري شلبي، وقد صدر له حتى الآن نحو 70 كتاباً. يقول الناقد عبدالمنعم تليمة عضو لجنة تحكيم جائزة نجيب محفوظ في تقريره عن حيثيات فوز خيري شلبي: "يؤسس الكاتب بنية "وكالة عطية" على الموروثات، الاسطوري والمقدس والشعبي ويحرك هذه البنية بمجموعة من الشخصيات تتفاعل وتفعل باعتبارها بطلاً واحداً وتتحاور بلغة تبدو قريبة سهلة، لكنها عند القارئ البصير والناقد المحقق ترتفع الى مستويات عالية من المجازات والرموز". ويرى إبراهيم فتحي أن "وكالة عطية" هي "مدينة سفلى، انعكاس مجازي مصغر للعالم الحقيقي، وهي جذور الماضي التي نمت فوقها علاقات القوة في الحاضر. والرواية تقدم بنظره من عالم الشارع سردية الجوانب المكبوتة من حياة المدن المرئية مدمجة طرائق الحكي، والمواويل الشعبية بتصوير الذوات الفردية على مستوى أشد السمات النفسية أولية وثباتاً". وإضافة إلى جائزة نجيب محفوظ للأدب الروائي انشأ قسم النشر في الجامعة الاميركية "صندوق نجيب محفوظ لدعم ترجمات الأدب العربي"، ويقول مارك لينز مدير قسم النشر في الجامعة الاميركية في القاهرة إن هذا الدعم يؤكد استمرار توسع والتزام القسم واختيار افضل الاعمال الادبية العربية لنشرها بين اكبر عدد من متحدثي اللغة الانكليزية.