تسلم الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة رسمياً مبادرة الرجل الأول في "جبهة الإنقاذ" الشيخ عباسي مدني لإنهاء الأزمة في الجزائر والتي يعرض فيها إطلاق نداء لوقف أعمال العنف في مقابل اتخاذ الرئاسة مبادرات "عملية" في اتجاه عناصر الجماعات المسلحة. وكشف رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان في الجزائر محمد فاروق قسنطيني أنه تسلم فعلاً عريضة من مدني يعرض فيها أفكاراً لحل الأزمة، مشيراً إلى أنه سلمها، مثلماً طلب زعيم "الإنقاذ"، إلى ديوان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وقال قسنطيني في تصريحات نشرتها صحيفة "لكسبرسيون"، أمس، إن تسليمه اقتراحات عباسي مدني كان "بصفتي مسؤولاً على مؤسسة عمومية وأبوابنا مفتوحة للجميع". وترتكز المبادرة على "قرارات تاريخية" تعلن عنها الرئاسة الجزائرية وتتعلق أساساً ب"إعلان عفو عام عن جميع عناصر الجماعات الإسلامية المسلحة الذين ما زالوا ينشطون في الجبال، إطلاق جميع المساجين سواء أكانوا المحسوبين على جبهة الإنقاذ المحظورة أم الذين تورطوا في جرائم قتل أو دعم للجماعات الإسلامية المسلحة". وهي المرة الأولى التي يكشف فيها مصدر رسمي تلقي السلطات الجزائرية مضمون مبادرة عباسي مدني، المقيم حالياً بين قطر وماليزيا، والتي تتضمن عرضاً "مشروطاً" لإنهاء الأزمة الدموية. وكانت قيادة أركان الجيش نفت تصريحات سابقة أدلى بها عباسي وتحدث فيها عن تسليم المبادرة الى أحد ضباط المؤسسة العسكرية لدرسها وإبداء موقف منها. وقال مصدر قريب من الجيش الجزائري ل"الحياة" ان المبادرة التي أعلنها عباسي مدني ربما لن تكون مجدية "إذ جاءت متأخرة كثيراً". ويعتقد خبير في الشؤون الأمنية ان الإعلان عن المبادرة "لن يؤثر كثيراً في عناصر الجماعات المسلحة الذين يمكن ان يتأثروا لو صدر مثل هذا النداء عن الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ علي بن حاج المحسوب على تيار السلفية الجهادية". ورفض علي بن حاج عروضاً عدة من الرئاسة والجيش، على حد سواء، في مفاوضات جرت في 1993 و1994 و1995، لإطلاق نداء لوقف أعمال العنف. وترفض السلطات إطلاق مبادرات جديدة للعفو بصفة جزئية أو كلية عن عناصر الجماعات المسلحة بسبب اعتراض المؤسسة العسكرية وأبرز الأحزاب مثل جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي. لكن أقارب "تائبين" حديثاً من الجماعات المسلحة يؤكدون أنهم تلقوا ضمانات من السلطات بأن تؤمن لهم حرية التحرك خلال "فترة الإرجاء" قبل مثولهم أمام القضاء شرط تعاونهم في ملاحقة عناصر الجماعات المسلحة.