خرج العرب بتعادل وحيد ونقطة يتيمة إثر نهاية الجولة الأولى لبطولة كأس العالم الرابعة عشرة للشباب في كرة القدم المقامة حالياً في الامارات، فبعد هزيمة المنتخب الإماراتي أمام سلوفاكيا، انقاد المنتخب السعودي للخسارة أمام ايرلندا في حين اكتفى المنتخب المصري بتعادل أمام نظيره الكولومبي، الأمر يلقي بظلال كثيفة حول قدرة المنتخبات العربية في التعامل مع صدمة البدايات... وعن تضاؤل هامش المناورة أمامها وآمالها في تجاوز الدور الأول. حظيت المنتخبات العربية في مونديال الامارات، بدعم جماهيري فاق كل التوقعات وحمل الأبيض الاماراتي والأخضر السعودي والأحمر المصري الى بؤبؤ العين ومركز الصورة... فهذه المنتخبات الثلاثة تمتعت بظروف جيدة في الاقامة والتغطية الاعلامية المشجعة، ولكنها خيبت الآمال في جولة الانطلاق. لنكن أكثر جدلاً، ففي مدينة العين قدم المنتخب السعودي أمام نظيره الايرلندي أداء متميزاً بحسب شهادة غالبية المراقبين. وخاض شبابه المباراة ب"نفس" رجولي قوي، وعرفوا كيف يمتصوا غضب منافسهم "الجيش الأحمر الايرلندي" في بداية اللقاء... ونجحوا في السيطرة على بقية "ردهات" المباراة. اقتربت الجماهير الحاضرة من الموهبتين الصاعدتين مجرشي والمحياني، وتغنى أحباء "الأخضر" بأغنية "أديت الواجب"، لكن شيئاً من الحظ وواقعية الايرلنديين رجحت كفتهم بالفوز بهدفين سجلهما ستيفن اليوت 18 و 77 في مقابل هدف لعيسى المحياني 49. وفي ملعب آل مكتوم في دبي حيث احتشد أكثر من 10 آلاف متفرج لمؤازرة المنتخب المصري في مباراته الأولى أمام نظيره الكولومبي، كان الفراعنة الجدد أشباحاً لمنتخب الأحلام الذي انتزع المركز الثالث في بطولة العالم الأخيرة عام 2001 في الأرجنتين وأهدى الكرة المصرية أول ميدالية برونزية عالمية في تاريخها. بدا المنتخب المصري متعباً ومبعثراً أمام منتخب كولومبيا المتواضع، وكاد يخسر أمامه لولا شجاعة واستبسال ويقظة حارس مرماه شريف اكرامي الذي توج بطلاً للمباراة عن جدارة. وما ان غادرنا موقعي "وجع القلب العربي"، حتى اكتشفنا فوراً ان منظمي مونديال الكبار الأخير في كوريا الجنوبيةواليابان قد حضرا الى الامارات يحملان إصراراً غير عادي لمواصلة النهضة الكروية التي بدأت جلية في نهائيات كأس العالم العام الماضي بعدما حصلت الأولى على المركز الرابع، وتأهلت الثانية للدور الثاني للمرة الأولى في تاريخها. هذا الأصرار تأكد بفوز اليابان على انكلترا بتسديدة رأسيه من دايسوكي ساكاتا 54، وانقضت كوريا الجنوبية على الماكينة الألمانية بهدفين سجلهما لي هو جين 51 ولي جونغ مين 70. وأعلن المنتخب الأميركي حضوره بقوة بعد ان قلب تأخره امام باراغواي بهدف لدوس سانتوس 6 الى فوز مستحق بثلاثة أهداف لجونسون 53 وماك مايغي 68 وبوبي كونفي 81. وبعيداً من تعادل مصر، حققت القارة الأفريقية انتصارها الثالث على التوالي بعد فوز ساحل العاج على المكسيك بهدفين لادولف توهوا 19 وارونا كوني 58 من ركلة جزاء في مقابل هدف لالدو دي نيغريس 83... وسبق لبوركينا فاسو ان فازت على بنما 1-صفر ومالي على أوزبكستان. على صعيد آخر، لم يجد رئيس الاتحاد الدولي، السويسري جوزف بلاتر أفضل من استغلال توهجه وسيطرته الكاملة على "جمهورية الفيفا" التي تحققت له من خلال المؤتمر الاستثنائي الذي عقد أخيراً في الدوحة، من أجل تدعيم صورة الرجل القوي لكرة القدم العالمية عبر تمتعه بالفرجة على أكثر من مباراة في تواصل مع أجيال المستقبل، ودعم حركة العلاقات العامة مع كبار المسؤولين، والتفكير بصوت عال حول المشكلات والأخطار التي تهدد اللعبة الشعبية الأولى في العالم في ذكرى مئوية الفيفا في العام المقبل... فقد اعتبر بلاتر على هامش مؤتمر "سوكر اكس" الترويجي المقام على هامش المونديال في دبي، أن مرحلة الاشباع التي وصلت اليها كرة القدم العالمية والبث التلفزيوني والحقوق الحصرية وديون الأندية المتنامية وأيضاً من خلال الأزمة الأخلاقية التي تلاحق الكرة عبر تنامي تأثير الأموال عليها، تدفع الى التفكير جلياً في آليات الحماية من المخاطر، مشدداً على ان الوحدة وليس الانقسام، والاهتمام بالشباب عبر مشروع "الهدف" هما صمام والأمان والجدار الواقي لرفع التحديات المقبلة. ولم تفت بلاتر الاشارة إلى أنه لا يمكن اعتبار الفائز ببطولة الكأس القارية "انتركونتيننتال" التي تقام سنوياً بين بطلي أوروبا وأميركا الجنوبية، بطلاً للعالم، لأن في ذلك غبناً لأبطال القارات الأخرى "ولذا كان القرار بتنظيم بطولة العالم للأندية لاتاحة الفرصة أمام أندية أخرى كثيرة للمشاركة والمنافسة على اللقب العالمي، وستقام نسختها المقبلة عام 2005 في المانيا". شعر الاماراتيون بكثير من الامتنان بعد توالي شهادات الاستحسان من كبار الضيوف والمنتخبات لحسن سير مونديال الشباب في أيامه الأولى، لكن الهزيمة الثقيلة لمنتخبهم أمام سلوفاكيا ألقت بغيمة الخيبة على الشارع الرياضي. وتعرض المدرب الفرنسي جو جودار لسهام الصحافة المحلية "لبرودته" بعد الرباعية، ولعبت رهبة اللاعبين في حفلة الافتتاح وفي حضور قرابة 50 ألف متفرج دورها في أسباب الانكسار. وإذا كانت الملاعب الإماراتية ستحظى اليوم بعدد من اللقاءات المهمة: سلوفاكيا مع بوركينا فاسو، واسبانيا مع مالي، والأرجنتين مع أوزبكستان، وكندا مع استراليا، والبرازيل مع تشيخيا... فانه لن يكون مفاجئاً الغياب الجماهيري عن مباراة "الأبيض" الثانية أمام بنما اليوم في أبو ظبي، حيث سيلتقي كلا الجريحين بعد هزيمته الأولى... ليواجها معاً أقدارهما على المستطيل الأخضر، فإما الانتصار والترشح الى الدور الثاني أو المغادرة من الأبواب الصغيرة!