استعادت الحركة السياحية في الاردن نشاطها في اعقاب الحرب على العراق على رغم ان المؤشرات الرسمية سجلت انخفاضاً قدره 7 في المئة من عدد الزائرين الكلي الى المملكة خلال اول ثمانية أشهر مقارنة بالفترة ذاتها من العام 2002. وساهم تدفق حوالي 619 الف سائح من دول الخليج حتى نهاية شهر آب أغسطس من هذا العام في تعديل المؤشرات الصادرة من وزارة السياحة، حيث شكل عددهم أقل من النصف بقليل من عدد السياح الكلي. وقال وزير السياحة سامر الطويل: "كان هناك تراجع كبير في أعداد السياح حتى شهر حزيران يونيو الاّ ان آخر أشهر موسم الصيف عدّل الارقام ورفع من مستوى الدخل السياحي. و سجل الاخير ارتفاعاً بسيطاً جداً بنسبة 3 في المئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي ووصل الى 383 مليون دينار اردني، في حين بلغ الدخل في شهر حزيران الماضي 216 مليون دينار. واعتبر الطويل أن الارقام تعكس تدفق سياح "النوعية" وليس الكمية الذين يستخدمون قطاع الخدمات السياحية من فنادق ومطاعم ومرافق ومواقع سياحية. وقد لا يكون عدد السياح الكلي، الذي وصل الى مليون وواحد وثمانين الفاً حسب الارقام الرسمية، مؤشراً دقيقاً لأن بعض السياح العرب يستخدم الاردن كمعبر ترانزيت الى دول مجاورة مثل سورية ولبنان، ولكنه يسجل سائحاً في سجلات وزارة السياحة. وقال الطويل ان تحسن الظروف السياسية انعكس ايجاباً على تدفق السياح حتى وان لم تستقر المنطقة بشكل نهائي بعد. كما ارتفعت نسبة اشغال الفنادق الرائدة بين 70 و90 في المئة خلال شهري تموز وآب، حيث اصبح موسم السياحة العربية من اهم نقاط الجذب السياحي للاردن لا سيما وأنه يعد الاقل تأثراً بالتطورات السياسية في المنطقة. ومقارنة بالعام 2000 كانت هناك زيادة ملحوظة بلغت نسبتها اكثر من 40 في المئة في اعداد السياح العرب وكذلك من عرب 1948 الذين يحملون الجنسية الاسرائيلية. وقبل سنوات عدة كان موسم الصيف ميتاً على حد تعبير المدير الاداري لهيئة تنشيط السياحة مروان خوري. اما أخيراً فقد اصبح السياح العرب يستخدمون الطائرات ويقطنون الفنادق تماماً مثل السياح الغربيين، وهذا لم يكن نمطاً دارجاً في السابق. وكان قطاع السياحة الاردني عانى كثيراً بسبب الانتفاضة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي والمستمرة منذ سبعة وثلاثين شهراً، ومن ثم تلتها أحداث الحادي عشر من ايلول مع عزوف السياح الغربيين عن زيارة المنطقة تحسباً من مشاعر العداء المتنامية ضدهم. علاوة على ذلك، ساهم ارتفاع اليورو في تراجع نسبته 30 في المئة في عدد الليالي السياحية خصوصاً من الاوروبيين الذين يهتمون عادة بزيارة المواقع التاريخية والاثرية التي يزخر بها الاردن. السياحة الاوروبية ويبدو ان الضربة الاسرائيلية الأخيرة على الاراضي السورية لم تؤثر في نسبة الحجوزات عند الفنادق من فئة الخمسة نجوم، حسبما افاد العاملون في قطاع السياحة. وقال رامي جرار مدير المبيعات في فندق "راديسون ساس" ان 17 مجموعة سياحية من ايطاليا حجزت غرفاً حتى شهر أيار مايو في الفندق. وأضاف: "تبدو المؤشرات ايجابية حتى الآن، ونتوقع تدفق المزيد من السياح الاوروبيين، هذا اذا لم يحصل تطور جديد في المنطقة يؤثر على الحجوزات". ويتفاءل خوري بأن تعود السياحة الاوروبية الى ما كانت عليه حيث كانت تشكل حوالي 35 في المئة من حصة السوق. وحتى الآن لا يزال يتدفق الى الاردن سياح من شرق اوروبا، خصوصاً من هنغاريا، في عروض مغرية تصل الى 317 دولاراً مقابل الاقامة في منطقة العقبة الخاصة على البحر الاحمر لمدة اسبوع. وتثير هذه العروض تساؤلات عند العاملين في قطاع السياحة حول ما اذا كانت توجهات الاردن تسعى الى استقطاب أعداد هائلة من السياح على حساب النوعية، بمعنى ان الفائدة في اغلب الحالات ستكون محدودة. وقال محمد الزلابية الرئيس السابق للجمعية السياحية في وادي رم، وهو من اهم المواقع السياحية في الاردن، ان هناك اربعين خيمة من الشعر ومئتي جمل و300 سيارة جيب مسخرة لاستخدام السياح. واضاف ان السياح الهنغاريين انعشوا السياحة في جنوبالاردن: "ولكنهم قحيطة بخلاء، بينما كنا نعتقد ان الاسرائيليين هم الذين لا يحبون صرف الاموال"، على حد تعبيره بلكنة بدوية. أما بالنسبة الى أسواق الشرق الاقصى فقد كانت الصين أدرجت الاردن كاحدى الدول المعتمدة للسياحة لرعاياها خلال الربع الثاني من هذا العام. وتتوقع منظمة السياحة العالمية ان تصبح الصين اكبر بلد في العالم مصدرٍ للسياحة بحلول العام 2020.