يبدو أن قرار الاستعانة بالحكام الأجانب لإدارة مباريات منافسات المسابقات السعودية بات أمراً واقعاً، خصوصاً بعد أن دخل على الخط وكيل الرئيس العام لرعاية الشباب عبدالله العذل، وقال في تصريح صحافي: "لن نكون أول الدول التي تستعين بالحكام الأجانب، إذ سبقتنا إلى ذلك دول متقدمة في كرة القدم". ويعتبر هذا الموسم أشد المواسم هجوماً على الحكام، وسجل أرقاماً قياسية في النيل منهم، بل إن البعض اعتبر أن التحكيم السعودي هو من سيجر الرياضة السعودية إلى الخلف. واللافت أن الحكم السعودي مطلوب للتحكيم في الخارج بل إنه ناجح في مهمته في شكل يدعو للإعجاب، لكنه في الداخل لا يعجب أحداً. وكانت إشاعات ترددت طوال الشهر الماضي تؤكد أن الاتحاد السعودي لكرة القدم يعتزم الاستعانة بحكام أجانب، وظل هذا الموضوع المادة المفضلة للصحف السعودية، لكنه بقي غير مؤكد. ومع مرور الأيام بدأ الأمر يدخل حيز التأكيد، إلا أن الآلية التي سيتم على ضوئها الاستعانة بالأجانب لم تعلن حتى الآن، ويؤكد قريبون من صناع القرار في الاتحاد السعودي أن هذه المسألة حسمت تقريباً، وأن الموضوع برمته سيعلن عنه بعد إجازة عيد الفطر المبارك... أي بعد بضعة أيام قليلة. وإذا حدث هذا الأمر، فسيكون سابقة لم تشهدها الملاعب السعودية من قبل، بل إن الأمير الراحل الأمير فيصل بن فهد كان من كبار المعارضين لهذه الفكرة تماماً، إذ أعرب غير مرة أنه يضع ثقته كاملة في الحكم السعودي. لكن رؤساء الأندية زادوا في مطالبتهم بضرورة الاستعانة بالحكام الأجانب، ما جعل الاتحاد المحلي يفكر بهذا الحل درءاً للمشكلات التي يكيلها مسيّرو الأندية للجنة الحكام. وعلق بعض النقاد والمتابعين للعبة ومشكلاتها في المملكة على هذا الموضوع، قائلاً: "للأسف ليس أمام رؤساء الأندية شماعة أخرى لتعليق إخفاقاتهم عليها سوى الحكام. وهم يلجأون إلى هذه الطريقة لخداع أنصارهم وإبعادهم عن الخلل الحقيقي الذي ألم بفريقهم. من يتصور أن بعض رؤساء الأندية خصوصاً الممتازة لا يهدأ لهم بال بعد كل مباراة إلا إذا نالوا من حكم مباراتهم، بل إنهم يتجاوزونه إلى أشخاص لم يشاركوا في تحكيم المباراة، وهنا تكمن الكارثة". ويرجع البعض أسباب الحملة على الحكام إلى نظام المسابقات السعودية خصوصاً المسابقة الأكبر وهي كأس دوري خادم الحرمين الشريفين، وتحديداً بسبب نظام المربع الذهبي الذي يمحو مجهودات فريق طوال موسم كامل ويختصره في مباراة واحدة فقط، وهذا ما يجعل أي خطأ ولو بسيط من حكم المباراة شماعة حقيقية للإخفاق. ولو كان هذا الحكم احتسب الخطأ ذاته في مباراة ضمن الدوري ما تعرض لهذا النقد الذي يتجاوز الروح الرياضية، ويتعداها إلى التجريح الشخصي وحتى التطرق إلى شكل الحكم وطريقة ركضه في الملعب أو حتى طريقة ارتدائه لزيه الرياضي! ولرئيس الهلال الأمير عبدالله بن مساعد رأي معتبر في هذا المجال ذكره في مقابلة سابقة له مع "الحياة" حينما قال: "التحكيم إن فشل أو نجح فهو جزء من اللعبة ويجب ألا نحمله وحده كل الإخفاق، وأن ننسب له كل ما يحل بفرقنا من تدهور في النتائج، مع أنني لست ضد الاستعانة بالحكم الأجنبي". والسؤال العريض الذي يتداول في الأوساط الرياضية حالياً هو: هل ستخف حملة الانتقادات الموجهة للحكام في حال الاستعانة بحكام من خارج الحدود؟ التاريخ يوضح أن هذا لن يحدث إذ سبق لفرق أندية سعودية أن لعبت في بطولات عربية وأدار مبارياتها حكام عرب لم يسلموا من انتقادات جماهير هذه الأندية حتى الآن، وخير مثال على ذلك أن الجماهير لا تزال تشكك في نزاهة الحكم الراحل سعيد بلقولة لاحتسابه ركلة جزاء لمصلحة الهلال ضد النصر في كأس الكؤوس العربية عام 2000 بعدما تردد أنه سهر قبل المباراة في منزل أحد أعضاء الشرف الهلاليين. أما رئيس نادي الاتحاد منصور البلوي، فرأى أن "الاستعانة بالحكم الأجنبي ليست حلاً مثالياً، غداً سنسمع من يتهم الحكم الأجنبي بأن من استقبله في المطار ينتسب إلى النادي المنافس، وأن الحكم سهر تلك الليلة عند منسوبي النادي الآخر وهذا سيفتح الكثير من القيل والقال... وربما نسمع مفردات جديدة على قاموسنا الرياضي بسبب تواجد الحكام الأجانب". ويبدد هذا التخوف قطاع كبير يرى أنه يجب النظر إلى هذا الموضوع من زاوية تطوير الرياضة والاحتذاء بتجارب الدول المجاورة في الخليج كقطر أو العربية كمصر، لأنهم ناجحون في تجربتهم إلى حد كبير... ولأن الأساس أن لا يمكن الحُكم على نجاح التجربة أو فشلها قبل أن تطبق التجربة أصلاً. ويقف في منطقة الوسط بعض الذين لا يرون غضاضة في الاستعانة بالحكم الأجنبي في المباريات المهمة والتي تشهد تنافساً كبيراً بين الفريقين المشاركين فيها، وفي مباريات المربع الذهبي أيضاً، وهذا الموضوع محل جدل أيضاً إذ إن الرافضين للفكرة أصلاً يرون أن هذا ربما يؤثر على أداء الحكم السعودي لأنه سيبتعد عن إدارة المباريات الجماهيرية، وهذا يعود سلباً على إدارته للمباريات الخارجية. وعن هذا الموضوع، رأى رئيس لجنة الحكام الآسيوية السابق فاروق بوظو أن "في إمكان الاتحاد السعودي توقيع اتفاقات مع اتحادات مماثلة تضمن للحكم السعودي قيادة المباريات الجماهيرية في الخارج في مقابل أن يدير حكام الدولة الأخرى المباريات المهمة في المسابقات السعودية، وهذا يجعل الحكم السعودي في دائرة المباريات التنافسية المهمة".