وضعت زيارة الرئيس جورج بوش لبريطانيالندن في حالة من التوتر الشديد وسط إجراءات أمن غير مسبوقة وتعليقات صحافية ساخرة واستعدادات محمومة من المتظاهرين احتجاجاً على الزيارة لأسباب عدة بالإضافة إلى الاحتلال الأميركي للعراق والشروط الأميركية المتعلقة بالتجارة الدولية. فأحد المعلقين في هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي مثلاً توقع قبل بدء الزيارة وصول الرئيس الأميركي منتعلاً جزمة من النوع الذي يستعمله رعاة البقر كاوبويز، فيما تساءل معلق آخر بسخرية عمّا إذا كانت هناك حاجة لترجمة نص الخطاب الذي سيلقيه بوش إلى الإنكليزية، في إشارة إلى ما قاله الأسبوع الماضي لصحافيين بريطانيين في البيت الأبيض "آمل أنهم البريطانيين يفهمون لهجة تكساس"، الولاية الجنوبية التي يتحدر منها بوش. وافادت صحيفة "نيويورك تايمز" أن بوش فعلاً يواجه مشكلة لغوية كبيرة لدى زيارته غوردي، الدائرة الانتخابية لرئيس الوزراء البريطاني توني بلير، نظراً الى لهجته. وعلق بوش عندما نصحه أحد الصحافيين الإنكليز بحمل كتاب في قواعد اللغة الانجليزية لدى زيارة غوردي قائلاً: "ربما كان كلامك صحيحاً، لكن على أهل غوردي أن يحملوا هم كتاباً في قواعد اللغة في تكساس". وذهب محلل سياسي آخر إلى تصوير مدى ابتذال العفوية المشهورة عن أهل ولاية تكساس الأميركية التي يتمتع بها بوش مقابل التقاليد الرسمية الأوروبية. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن كريس براون، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة لندن، أن المشكلة التي يواجهها بوش في بريطانيا نابعة من تلك التقاليد التي نشأ عليها في الجنوب الأميركي وتصطدم عادة مع تقاليد الشمال في الولاياتالمتحدة وليس مع التقاليد الأوروبية وحدها. ولاحظت الصحيفة أن من سوء حظ بوش أن يحضر إلى استقباله لدى وصوله مع زوجته لورا إلى مطار هيثرو ولي العهد البريطاني تشارلز، أمير ويلز، ليس لأنه يشكل نموذجا أعلى للتقاليد الرسمية فحسب، بل لكونه مضطراً الى الابتعاد قدر الإمكان عن وسائل الإعلام في هذه الأيام، عقب التقارير الفضائحية التي امتلأت بها صفحات الصحف أخيرا عن علاقاته الجنسية. يشار أن متحدثا باسم تشارلز نفى تلك التقارير. وتأتي زيارة الدولة التي بدأها بوش الليلة قبل الماضية وسط جدل في وسائل الإعلام على جانبي الأطلسي حول ترتيب الزيارة بين الزيارات السابقة للرؤساء الأميركيين، ما أحدث ارتباكاً حتى في الدوائر الرسمية. ففي حين نشرت الصحف البريطانية أن زيارة بوش هي ثاني زيارة دولة لرئيس أميركي بعد زيارة الرئيس وودرو ويلسون عام 1918، تصر وسائل الإعلام الأميركية على أن زيارة الرئيس رونالد ريغن عام 1982 التي خاطب خلالها البرلمان البريطاني كانت هي الثانية. وما يزيد الارتباك أن قصر باكنغهام اعتبر في بيان زيارة بوش الأولى لرئيس أميركي من دون إشارة إلى زيارتي ويلسون التي حل فيها أيضا ضيفاً على القصر ذاته أو ريغان الذي استضافته الملكة إليزابيث في قصرها الريفي في وندسور غرب لندن. وعلقت "نيويورك تايمز" على هذه المسألة بقولها "على الجميع أن يصمتوا عندما يتكلم القصر". ومع أن بوش مشهور بنزوعه الشديد إلى البساطة وعدم التكلف، الأمر الذي يتناقض كلياً مع تمسك العائلة المالكة البريطانية الشديد بالتقاليد، إلا أن أحدا لا يتوقع أن يرتكب الرئيس أي خرق لأصول البروتوكول خلال هذه الزيارة. بل على العكس هناك توقعات بأن ينسجم بوش مع الملكة إليزابيث الثانية نظراً الى ما يجمعهما مثل حبهما للخيول وكونهما لا يتمتعان بثقافة عالية.