عقد القادة العرب منذ عام 1964 وحتى 2003 أكثر من 20 مؤتمر قمة ما بين عادية وطارئة، وشغلت القضية الفلسطينية ومواجهة العدوان والاحتلال الإسرائيلي مكانة مركزية في كل المؤتمرات، إلا ان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى وطنهم وديارهم وحقهم في التعويض عن معاناتهم لم يشغل القادة كثيراً إلا في المؤتمرات الأخيرة وذلك بسبب رفض اسرائيل مدعومة من الولاياتالمتحدة في مفاوضات كامب ديفيد في تموز يوليو عام 2000 الاعتراف بمسؤوليتها القانونية والسياسية تجاه مشكلة اللاجئين ورفضها حقهم في العودة كما نص على ذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194. وكذلك بسبب الأفكار والمشاريع التوطينية التي طرحها أخيراً أعضاء في الكونغرس الأميركي ونواب في البرلمان الأوروبي لتوطين اللاجئين في أماكن وجودهم. وتهتم المقالة التالية بتوثيق ما نصت عليه بيانات وقرارات القمم العربية حول قضية اللاجئين وحقهم في العودة، وتبين تطور الاهتمام بهذه القضية بحسب مقتضيات كل مرحلة. ونظراً الى المخاوف من امكان تراجع هذا الاهتمام في مراحل مقبلة نقترح على العاملين الحقوقيين والسياسيين في مجال الدفاع عن حق العودة سواء على مستوى الجامعة العربية او منظمة التحرير الفلسطينية او غيرها من الهيئات والمؤسسات ومراكز الدراسات صوغ نص قانوني - سياسي يحيط بكل ابعاد هذه القضية وبمستقبلها يتم تقديمه الى مؤسسات وهيئات العمل العربي المشترك واعتماده في بيان او قرار او وثيقة تصدر عن القمة العربية ويتم التأكيد عليها سنوياً تماماً كما هو النص المعتمد الذي يتكرر سنوياً في القرارات التي تصدرها الجمعية العامة للأمم المتحدة في شأن القضية الفلسطينية والتي صنفت حق العودة كواحد من الحقوق الوطنية الفلسطينية الثابتة وغير القابلة للتصرف. وما يدفع الى تقديم هذا الاقتراح والإلحاح عليه هو كون حق العودة تنفيذاً للقرار 194 والقانون الدولي ومختلف الوثائق والاتفاقات الدولية يعد بمثابة لبّ القضية الفلسطينية وركيزة الحل العادل المنشود لها. وما يدفع الى ذلك ايضاً هو "الحرب" التي بدأت بشنها منذ سنوات الديبلوماسية الإسرائيلية ومعها وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية المتعاطفة معها ضد هذا الحق. لذلك، فالفلسطينيون ومعهم كل العرب مدعوون في المقابل الى الدفاع عن هذا الحق وتأكيد التمسك به بصفته المرتكز والمنطلق لكل حديث او اتفاق جاد للتوصل الى حل عادل للقضية الفلسطينية. مر تطور اهتمام القادة العرب في مؤتمرات القمة بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة بمراحل عدة: الأولى وتشمل مؤتمرات القمة الخمسة الأولى وكان التطرق فيها الى حق العودة نادراً جداً إن لم نقل معدوماً. الثانية وتشمل مؤتمرات القمة الستة التالية وكانت تشير الى حق العودة ضمناً من خلال الحديث عن الالتزام باستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. الثالثة تحدث مؤتمر القمة الثاني عشر عن الحقوق الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني إلا انه لم يشر الى حق العودة، بل اشار الى تعويض من لا يرغب في العودة. الرابعة غياب الحديث عن حق العودة في مؤتمري القمة التاليين والاكتفاء بالنص على استعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني. الخامسة تطور الحديث عن حق العودة تباعاً بدءاً من القمة الخامسة عشرة اول قمة تتم الإشارة فيها الى القرار 194 وحتى القمة التاسعة عشرة وصولاً الى الحق بالتعويض ورفض التوطين. السادسة في مؤتمر القمة الأخير في شرم الشيخ 2003 اكتفى القادة بتأكيد ما جاء في قرارات المؤتمر السابق ومروا مرور الكرام على ذكر القرار 194 من دون ذكر حق العودة. تركز الحديث في البيانات الختامية الصادرة عن مؤتمرات القمة الثلاثة الأولى التي عقدت قبل عدوان اسرائيل عام 1967 على تحرير فلسطين وإنشاء منظمة التحرير الفلسطينية، ولم تأتِ على ذكر حق العودة سوى القمة الأولى حين وصفت هذا الحق بأنه حق طبيعي للشعب الفلسطيني، فيما اكتفت القمة الثالثة بالإشارة الى مقاومة محاولات تصفية قضية اللاجئين فقط من دون الإشارة الى حق العودة في المقابل. وجاء في البيان الصادر عن القمة الأولى التي عقدت في القاهرة من 13- 16/1/1964 "تدارس المؤتمر التهديدات وأعمال العدوان المتصلة التي مارستها اسرائيل منذ إخراجها الشعب الفلسطيني من وطنه، وقيامها قوة احتلال استعمارية لأراضيه تمارس التمييز العنصري ضد الأقلية العربية وتتخذ من سياسة العدوان والأمر الواقع قاعدة لها، وتصر على التنكر لقرارات الأممالمتحدة المؤكدة لحق هذا الشعب الطبيعي في العودة الى وطنه وتستهين بالإدانات المتكررة التي سجلتها عليها اجهزة المنظمة العالمية". واكتفى البيان الصادر عن القمة الثانية في الاسكندرية بين 5 و11/9/1964 بالحديث عن إجماع القمة على تحديد "الهدف القومي في تحرير فلسطين من الاستعمار الصهيوني" وعن ترحيبها "بقيام منظمة التحرير الفلسطينية دعماً للكيان الفلسطيني وطليعة للنضال العربي الجماعي لتحرير فلسطين". وقرر المؤتمر "اعتماد الخطط الاستراتيجية العامة للعمل العربي الموحد التي تهدف الى تحرير فلسطين من الاحتلال الصهيوني وتصفية وتقرير الأهداف الموصلة الى هذا الغرض النهائي هدفاً بعد هدف". وجاء في البيان الصادر عن مؤتمر القمة الثالث في الدار البيضاء بين 13 و17/9/1965 ان مجلس القمة عالج "الجوانب المختلفة لقضية فلسطين، واتفق على الخطط العربية في سبيل تحريرها، ودعم منظمة التحرير، وجيش التحرير، كما أقرّ الخطة العربية الموحدة للدفاع عن قضية فلسطين في الأممالمتحدة والمنظمات الدولية ومقاومة محاولات تصفية قضية اللاجئين". وبعد عدوان اسرائيل في الخامس من حزيران 1967 واحتلالها لكل من سيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان تخلى القادة العرب عن شعار تحرير فلسطين ورفعوا شعار إزالة آثار عدوان 1967 مرفقاً بالدعوة الى صيانة الحق المقدس لشعب فلسطين في وطنه. وجاء في البيان المشترك الصادر عن مؤتمر القمة الرابع الذي عقد في الخرطوم بين 29/8 و1/9/1967 ان "اصحاب الجلالة والفخامة والرؤساء عبروا عن ايمانهم الراسخ وعزمهم الأكيد على ضرورة مواصلة العمل العربي الموحد من اجل صيانة الحق المقدس لشعب فلسطين في وطنه، ويناشد القادة العرب شعوب وحكومات العالم ان يعملوا لتأييد هذا الحق العادل لاتخاذ مواقف ايجابية إزاء دولة الاستعمار الصهيوني التي تحول بين شعب فلسطين وبين ممارسته لهذا الحق". ربما قصد القادة العرب بالحق المقدس وبالحق العادل حق عودة اللاجئين الى فلسطين إلا انهم لم يشيروا الى هذا الحق لا بصفته مقدساً ولا بصفته عادلاً في القرارات التي صدرت عن المؤتمر مكتفين بالحديث عن التمسك بحق الشعب الفلسطيني في وطنه. وجاء في تلك القرارات انهم اتفقوا "على توحيد جهودهم على الصعيد الدولي لإزالة آثار العدوان وتأمين انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي العربية التي احتلتها بعد الخامس من حزيران وذلك في نطاق المبادئ الأساسية التي تلتزم بها الدول العربية وهي عدم الصلح مع اسرائيل او الاعتراف بها وعدم التفاوض معها، والتمسك بحق الشعب الفلسطيني في وطنه". أما القمة الخامسة التي عقدت في الرباط من 21 الى 23/12/1969 تحت شعار "حشد الطاقات العربية من اجل خوض معركة التحرير"، فكان مصيرها الفشل نتيجة الخلافات، ولم يتمكن القادة من الاتفاق على إصدار بيان ختامي في نهايتها. ونتيجة استمرار تلك الخلافات، خصوصاً منها ما تعلق بالموقف من التسوية السلمية غابت مؤتمرات القمة الى نهاية عام 1973. بعد مرور شهر واحد على حرب تشرين الاول أكتوبر سارع القادة العرب الى عقد مؤتمر القمة السادس في الجزائر بين 26 و28/11/1973 وإلى إقرار الأهداف المرحلية للنضال العربي وضمنها استعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني من دون اي تفصيل لهذه الحقوق، وهذه الأهداف هي: 1- التحرير الكامل لجميع الأراضي العربية المحتلة في عدوان حزيران 1967 وعدم التنازل او التفريط في اي جزء من هذه الأراضي او المساس بالسيادة الوطنية عليها. 2- تحرير مدينة القدس العربية وعدم القبول بأي وضع من شأنه المساس بسيادة العرب الكاملة على المدينة المقدسة. 3- الالتزام باستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وفق ما تقرره منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني. 4- قضية فلسطين هي قضية العرب جميعاً ولا يجوز لأي طرف عربي التنازل عن هذا الالتزام وذلك وفق ما اكدته قراراته القمة العربية السابقة. اكد مؤتمر القمة السابع الذي عقد في الرباط بين 26 و29/11/1974 على قرارات القمة السابقة في الجزائر لجهة الأهداف المرحلية وذهب ابعد مما سبق بتأكيده على حق العودة نصاً في قراراته وهي: 1- تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة الى وطنه وتقرير مصيره. 2- تأكيد حق الشعب الفلسطيني في اقامة السلطة الوطنية المستقلة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني على اية ارض فلسطينية يتم تحريرها، وتقوم الدول العربية بمساندة هذه السلطة عند قيامها في جميع المجالات وعلى جميع المستويات. واعتباراً من مؤتمر القمة الثامن بدأ القادة بتفصيل الحقوق الوطنية لتشمل حق العودة والحق في الدولة المستقلة، اذ جاء في البيان الختامي الصادر عن مؤتمر القمة الثامن في القاهرة يومي 25 و26/1/1976 "ان تحرير الأرض العربية التي تحتلها اسرائيل واستعادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وفي مقدمها حق العودة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني يستلزمان دعم التضامن العربي وحشد الجهود والإمكانات العربية في خدمة القضية المصيرية". وكانت هذه المرة الاولى تتحدث القمة عن حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني. عاد القادة العرب في مؤتمر القمة التاسع الذي عقد في بغداد في 2/5/1978 بعد توقيع اتفاقات كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، للمرة الأخيرة الى الحديث عن تحرير فلسطين، فجاء في القرارات الصادرة عن القمة على كل الأقطار العربية تقديم كل اشكال المساندة والدعم والتسهيلات لنضال المقاومة الفلسطينية بشتى اساليبه من خلال منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني داخل الأرض المحتلة وخارجها من اجل تحرير فلسطين واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب العربي الفلسطيني بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير واقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني". ثم غاب عن بياني القمة العاشرة والحادية عشرة تعبير الحقوق الوطنية فجاء في البيان الصادر عن القمة العاشرة في تونس بين 20 و22/11/1979 "ان الملوك والرؤساء والامراء العرب يؤكدون ان الحل لن يكون الا شاملاً وعلى قاعدة تحرير جميع الاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني كاملة ولا سيما في العودة الى وطنه وتقرير مصيره وانشاء دولته المستقلة فوق ترابه الوطني". واعتمد مؤتمر القمة الحادي عشر الذي عقد في عمان بين 25 و27/11/1980 الصيغة نفسها السابقة تقريباً فجاء في البيان الختامي: "اكد المؤتمر حق الشعب العربي الفلسطيني ممثلاً بمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد لهذا الشعب، في العودة الى اراضيه وتقرير مصيره بنفسه واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فوق ترابه الوطني". وتميز هذا المؤتمر بكونه الوحيد من بين كل المؤتمرات السابقة الذي نص في بيانه الختامي على رفض قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 242 والصادر في 22/11/1967، وكانت هذه المرة الاخيرة التي يعلن فيها رفض هذا القرار. وأكد المؤتمر ان قرار مجلس الأمن 242 لا يتفق مع الحقوق العربية ولا شكل اساساً صالحاً لحل ازمة الشرق الاوسط وخاصة قضية فلسطين". أقر القادة العرب في مؤتمر القمة الثاني عشر الذي عقد في مدينة فاس بين 6 و9/9/1982 بعد الغزو الاسرائيلي للبنان اول مبادرة سلام عربية وكان لافتاً ان المبادرة لم تنص على حق العودة بل ذهبت الى الحديث عن "تعويض من لا يرغب في العودة" فنص البند الرابع منها على "تأييد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وممارسة حقوقه الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلهم الشرعي والوحيد، وتعويض من لا يرغب في العودة". وغاب ذكر حق العودة ومعه تعويض من لا يرغب في العودة عن بيانات مؤتمري القمة التاليين. فجاء في البيان الختامي لمؤتمر القمة الثالث عشر الذي عقد في العاصمة الاردنية بين 8 و11/11/1987 "ان السلام في منطقة الشرق الاوسط لا يتحقق الا باسترجاع كل الاراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس الشريف واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وحل القضية الفلسطينية من كل جوانبها". واستمر غياب ذكر هذا الحق ايضاً عن البيان الختامي الصادر عن القمة الرابعة عشرة التي عقدت في الجزائر في 7/6/1988 فاكتفى المؤتمر بدعوة "مجلس الأمن الدولي الى تحمل مسؤولياته لالزام اسرائيل تنفيذ احكام الاتفاقات الدولية ووقف ممارساتها القمعية واللاانسانية والعمل على تحقيق الانسحاب الاسرائيلي الفوري الكامل من الاراضي العربية المحتلة". وسحب القادة العرب في مؤتمر القمة الخامس عشر الذي عقد في الدار البيضاء بين 23 و26/5/1989 رفضهم للقرار 242 وبدأوا التأكيد عليه وعلى قرارات اخرى للتوصل الى التسوية العادلة والشاملة، ومع بدء التأكيد على هذا القرار بدأوا التأكيد ايضاً للمرة الأولى على القرار الرقم 194. فدعا المؤتمر الى حل مشكلة اللاجئين وفقاً لهذا القرار من دون ان ينص البيان الختامي على حق العودة. وجاء في البيان الختامي أيد المؤتمر عقد المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الاوسط بمشاركة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بهدف التوصل الى تسوية شاملة وعادلة ... على اساس قراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 و338 ... وحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194". وتخلى القادة العرب عن هذه الصيغة في مؤتمر القمة التالي الذي عقد بعد عام واحد في بغداد بين 28 و30/5/1990 واعتمدوا صيغة افضل في البيان الختامي الذي صدر تدعو الى "ضمان الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني بما في ذلك حقه في العودة الى وطنه طبقاً لقرار الأممالمتحدة رقم 194 لعام 1948". وبعد ستة أعوام عادوا للحديث عن تسوية وليس حل مشكلة اللاجئين من دون ذكر القرار 194 صراحة مكتفين بالحديث عن قرارات الاممالمتحدة. فشدد القادة العرب في البيان الختامي الصادر عن مؤتمر القمة السابع عشر في القاهرة بين 21 و23/6/1996 "على ان تحقيق السلام الشامل والعادل في الشرق الاوسط لا يكون الا بحل قضية القدس وتسوية مشكلة اللاجئيين الفلسطينيين استناداً الى حقهم في العودة على اساس الشرعية الدولية وقرارات الاممالمتحدة". ثم أكد القادة العرب ان القرار 194 يتضمن الحق في العودة والحق في التعويض وذلك في مؤتمري القمة التاليين. فجاء في البيان الختامي للقمة الثانية عشرة في القاهرة في 21 و22/11/2000 "يؤكد القادة العرب ان السلام يقوم على مفهومي الشمول والعدل باعتبارهما شرطين لازمين لقبوله واستمراره ويؤكدون ان هذا التوجه العربي يستدعي التزاماً مماثلاً من اسرائيل التي يتعين عليها ان تقابل هذا التوجه بموقف واضح يستند الى امتثالها للشرعية الدولية وفقاً لقراري مجلس الأمن رقمي 242 و338 وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الرقم 194 الخاص بحق العودة والتعويض للاجئين ...". ثم ذهب القادة الى أبعد من ذلك في القمة التالية حين حملوا اسرائيل المسؤولية القانونية الكاملة عن مشكلة اللاجئين وتهجيرهم، وأكدوا رفض محاولات توطين اللاجئين، وحمّلوا اسرائيل مسؤولية تعويض الدول العربية المضيفة للاجئين. ودعا البيان الختامي للقمة التي عقدت في عمان يومي 27 و28/11/2001 الى "تمكين الفلسطيني من استرداد حقوقه الوطنية الثابتة بما فيها حقه في العودة الى دياره وتعويض ما لحقه من اضرار نتيجة للاحتلال الاسرائيلي وفق قرار الاممالمتحدة رقم 194". لكن ما ان وصل القادة العرب الى هذه الذروة في الموقف من حق العودة وقضية اللاجئين حتى بدأوا النزول منها. ففي القمة التالية بعد مرور عام واحد والتي عقدت في بيروت في 27 و82/3/2002 تراجعوا عن حق اللاجئين وحق الدول العربية بالتعويض، وذهبوا في اتجاه اظهار الاستعداد لتنازل أهم عبر الحديث عن حل عادل لمشكلة اللاجئين يتفق عليه وفقاً للقرار 194. ودعا القادة في البيان الختامي الى "تمكين الشعب الفلسطيني من التمتع بجميع حقوقه غير القابلة للتصرف بما فيها حقه في تقرير المصير واقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس، وتأمين حق العودة للاجئين الفلسطينيين استناداً الى قرارات الشرعية الدولية والى مبادئ القانون الدولي بما فيها قرار الجمعية العامة رقم 194"، وحملوا "اسرائيل المسؤولية الكاملة عن وجود مشكلة اللاجئين وتهجيرهم، وأكدوا رفضهم التام لمشاريع الحلول والمخططات والمحاولات الرامية الى توطينهم خارج ديارهم". وتبنى القادة العرب في هذه القمة مبادرة سلام جديدة نصت على التوصل الى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وفقاً للقرار الرقم 194، وضمان رفض كل اشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص في البلدان العربية المضيفة. وحدث تراجع اكبر في القمة الاخيرة التي عقدت في شرم الشيخ في 2/3/2003 حين اكتفى القادة العرب في البيان الختامي باعلان "التأكيد مجدداً على القرارات السابقة المتعلقة بالتمسك بالسلام العادل والشامل كهدف وخيار استراتيجي يتحقق في ظل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية على جميع المسارات استناداً الى قرارات مجلس الأمن، خصوصاً القرارات 242 و338 و425 وقرار الجمعية العامة 194 ولمرجعية مدريد ومبدأ الارض مقابل السلام. ويستدعي هذا التراجع الكبير الخوف من تراجعات اكبر في مؤتمرات قمة مقبلة، خصوصاً ن الدول العربية تركت الموقف من حق العودة وقضية اللاجئين عائماً بحسب الظروف، وأظهرت اكثر من مرة استعداداً للتعاطي والقبول بما هو اقل مما نص عليه القرار 194 عبر طرحه احياناً كقرار قابل للتفاوض. * كاتب فلسطيني.