أصبح الشارع الفلسطيني ينظر باستغراب لما يدور حوله من تطورات في السياسة الفلسطينية حيث أصبح المشهد السياسي الفلسطيني يدور في حلقة مفرغة.. مفاوضات سياسية في أكثر من عاصمة دولية وفي وقت واحد والنتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وسقوط المزيد من الشهداء، لكن الرفض داخل الشارع الفلسطيني والذي يرفض أي مفاوضات مهما كانت طبيعتها يغفل أي جزء من الثوابت الفلسطينية. ان من أقدموا على توقيع وثيقة جنيف هم وضعوا أنفسهم في محرقة لن يغفرها لهم الشعب الفلسطيني الذي ناضل أعواما طويلة كي يحقق الحلم الفلسطيني في قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم التى طردوا منها كما تضمنتها قرارات الشرعية الدولية هذا ما قاله ابراهيم ابو حسين مواطن فلسطيني لا يفهم في السياسة كمال قال. فيما قال عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني خالد منصور: اعتبر وثيقة جنيف تتعارض وبرنامج السلام الفلسطيني في العديد من القضايا الأساسية مثل حل قضية اللاجئين بعيدا عن القرار الدولي رقم 194. وأكد أن الوثيقة فيها إجحاف خطير لحق اللاجئ الفلسطيني في العودة إلى دياره، كما أنها تعاملت مع قضية القدس بقبول الأمر الواقع الذي فرضه الاحتلال وقسمت الجزء الشرقي العربي من المدينة إلى أحياء عربية تحت السيطرة الفلسطينية وأخرى استيطانية يهودية تحت السيطرة الإسرائيلية الأمر الذي يعني أنه لن تكون هناك مدينة قدس عربية مترابطة الأجزاء بل أحياء تقطعها المستوطنات. و أعرب منصور عن اعتقاده بأنه قد يكون حق العودة هو أبرز القضايا التي أجحفت بها وثيقة جنيف، ولكن هناك مساسا خطيراً في مجمل القضايا والأهداف الفلسطينية ومنها موضوع إزالة المستعمرات وهذا ظاهر في قبول الوثيقة ببقاء الكتل الاستيطانية الكبيرة 75% من عدد المستوطنين سيبقون على أراضي الضفة كما ان الحديث عن القبول بمبدأ تبادل الأراضي بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل قبل بدء أي مفاوضات رسمية هو خطأ تفاوضي خطير وهل يمكن لعاقل أن يوافق على مبادلة أراض في منطقة القدس وبيت لحم بأرض في منطقة صحراء النقب . ونوه منصور إلى ضرورة عدم استخدام مصطلح اتفاقية جنيف لان ذلك سيكرس في أذهان الناس أن هناك اتفاقا قد وقع وهو في طريقه للتنفيذ فمصطلح وثيقة يجعلها كباقي المشاريع التي لم تجد طريقها للتنفيذ إما لأنها قوبلت بالرفض الفلسطيني أو بالرفض الإسرائيلي . ويرى الكاتب والمحلل السياسي محمد طبش أن وثيقة جنيف فيها مساس خطير بحق العودة والثوابت الوطنية التي أكدت مجدداً أنها ليست محل اجتهاد أو تعدد لوجهات النظر بل إنها أهداف ينبغي العمل من اجل تحقيقها . وأكد طبش أن حق العودة حق مقدس وغير قابل للتصرف، وهو حق فردي وجماعي جسدته الشرعية الدولية ولا يجوز التنازل عنه، قبل أن تطالب السلطة الوطنية بالعمل على ترتيب البيت الداخلي بما يصون العلاقات الوطنية وبناء مؤسسات الإجماع التي توحد الشعب وتحشد قواه وإمكانياته للصمود بدل التشتت واللهاث وراء سراب الحلول وزرع اليأس في النفوس حسب اللجنة. من جانبه قال عمر عساف عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ان محوري حق العودة في المشروع الوطني الفلسطيني وفي القضية الوطنية وقال انه حق مقدس كفلته الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة ومجلس الأمن ومن اجل إحقاقه قامت منظمة التحرير وناضل شعبنا عقوداً طويلة قدم شعبنا خلالها قوافل الشهداء والجرحى وجسام التضحيات لإيمانه العميق والمبدئي بعدالة القضية التي آمن بعدالتها العالم ورأى في ذلك كله مدعاة إضافية إلى عدم التنازل أو التفريط فيه. وهاجم عساف بشدة القائمين على الوثيقة وكل المبادرات الشبيهة التي رأى فيها انتقاصاً وتفريطاً بالحقوق وأولها حق العودة التي تهم مباشرة ثلثي شعبنا وقارن في هذا السياق بينها وبين مشاريع التوطين والمشاريع التصفوية الأخرى. وحذر العساف من أي حل ينتقص من حقوق شعبنا وقال انه لن يأتي باستقرار أو أمن أو سلام ولن يجد طريقاً سوى إلى مزبلة التاريخ والمهملات. وأكد أن شعبنا الذي ناضل على مدى قرن لن يكل وسيسقط كل المؤامرات على طريق استعادة حقوقه في العودة وتقرير المصير و إقامة دولته المستقلة على كامل ترابه المحتل محذرا أصحاب الوثيقة من مغبة التمادي تحت عنوان الوثيقة تارة والحصول على الضوء الأخضر تارة أخرى قائلاً ان الضوء الأخضر يضيئه شعبنا بأسره وأنه لا أحد يملك الحق في المساومة على حق العودة . فيما اعتبر عضو المجلس الوطني الفلسطيني أبو علي مقبل أن القائمين على الوثيقة أبوا إلا أن لا يتضامنوا مع شعبهم و فضلوا التساوق مع الشروط والاملاءات فخرجوا بذلك عن قيم ومبادئ شعبنا ومنظومة أخلاقه داعياً إلى محاسبتهم . فيما أكد د. وليد الحمامي عضو اللجنة التحضيرية للتجمع الشعبي الفلسطيني للدفاع عن حق العودة أن وثيقة جنيف تجاوزت الثوابت الوطنية الفلسطينية التي لم يتجرأ أحد على المساس بها من خارج مؤسسات منظمة التحرير أو السلطة الوطنية كما أنها تخلط بين كل قرارات الأممالمتحدة ومواقف وتصريحات القادة السياسيين في العالم ومؤتمرات القمة العربية والمشاريع العديدة. وقال الحمامي في ملاحظاته الخاصة على وثيقة جنيف ان اصل الاتفاقية يقع في خمسين صفحة ولم يعلن عنها إلا في 15 صفحة وبشكل غير منسق وبها علامات ملاحق بلغت 49 ملحقا ولم يعلن عن أي واحد منها كما لم تتم مناقشة المواضيع الخطيرة في الوثيقة خاصة المتعلقة بالأراضي والعلاقات والأمن والقدس أو نظام الحدود بل اللاجئين فقط، مشيراً إلى أن المادة 12 بعنوان المياه والمادة 13 للعلاقات الاقتصادية والمادة 14 للتعاون القانوني وهذه العناوين موجودة كما هي دون أي شرح أو أي علاقة. وأضاف الحمامي ان الوثيقة استبدلت حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة أو التعويض حسب القرار 194 للجمعية العامة للأمم المتحدة والذي أكدته الأممالمتحدة ان يختار اللاجئ الفلسطيني المكان الملائم لإقامته ويكون خارج فلسطينالمحتلة ويتناقض مع قرار الأممالمتحدة والحق المشروع للاجئين وفي الفقرة الأولى منها يخلط أصحاب المشروع بين قرار 194 والقرار 242 رغم أن الأول صادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وخص معالجة قضية اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم أو التعويض والقرار 242 صادر عن مجلس الأمن ويخص نتائج حرب يونيو 1967 ولم يتطرق ولو بكلمة واحدة للفلسطينيين بل ذكر أن اللاجئين يرتبطون بلاجئي الجولان ومدن القناة والنازحين. وتابع الحمامي في تقديم ملاحظاته على وثيقة جنيف موضحاً أن البند " ب " في الفقرة 3 من المادة 7 يعطي حق الدول التي استضافت اللاجئين الفلسطينيين في الحصول على تعويض وهذا إغراء للدول العربية لتأييد الاتفاقية إضافة إلى بنود تتعلق بإنهاء وتصفية اللاجئين وإنشاء صندوق دولي للتعويض وتدفع إسرائيل مبلغاً مقطوعاً وتنتهي أية مطالبة مالية من إسرائيل بخصوص اللاجئين الفلسطينيين كما أن الفقرة 11 من المادة 7 تنص على أن تنشأ مفوضية دولية مهمتها تنفيذ القسم الخاص باللاجئين الفلسطينيين والبحث عن تمويل لتغطية نفقات التعويض فيما تنص المادة 7 من الفقرة 13 على إلغاء الأنروا خلال خمس سنوات من تنفيذ المفوضية الخاصة بنشاطها بشأن اللاجئين . وأوضح الحمامي انه يستنتج من هذه النصوص إنهاء مفهوم ومضمون حق العودة نهائياً وعدم تحميل إسرائيل أية مسؤولية أخلاقية أو قانونية عن مأساة اللاجئين. من جانبه كشف حسن الخريشة، رئيس هيئة الرقابة في المجلس التشريعي الفلسطيني، عن قيام الطرف الفلسطيني فيما يسمى اتفاق جنيف بتوزيع نص باللغة العربية على الفلسطينيين في مناطق السلطة الفلسطينية، يختلف عن النص الانجليزي، الذي تسنى الحصول عليه كاملا، بعد مراسم ترويجه في جنيف. وقالت مصادر فلسطينية انه يجري في الايام الاخيرة، في مناطق السلطة الفلسطينية، توزيع كتيب يتضمن بنود وثيقة جنيف. وقد طبع هذا الكتيب علي نفقة سويسرا ويوزع مجانا في مناطق السلطة الفلسطينية بكميات كبيرة. وقال خريشة في تصريحات صحفيه له، ان جماعة جنيف قاموا بعمل يجب التوقف عنده واخضاعه للمساءلة، حيث اتفقوا مع الجانب الإسرائيلي والأوروبي المشرف على الاتفاق، على ان النسخة العربية التي توزع في مناطق السلطة الفلسطينية غير ملزمة للجانب الإسرائيلي المشارك في التوقيع على وثيقة جنيف، وان النسخة الإنجليزية فقط هي الملزمة للجانب الإسرائيلي. وبرأي الخريشة فان توزيع هذا الكتيب في مناطق السلطة الفلسطينية على المواطنين والسياسيين يعد مهزلة جديدة إذا عرفنا أن ما نشر باللغة العربية لا يمثل حقيقة الاتفاق وهذا استهتار بالغ وإهانة كبيرة للمواطن الفلسطيني وفي هذا عملية تضليل واضحة للشعب الفلسطيني. وقال الخريشة إن اللقاءات الفلسطينية الاسرئيلية المستمرة في هذه الأيام تأتي في الوقت الذي تكثف فيه إسرائيل بناء جدار الفصل العنصري واعطاء الشرعية لبعض المستوطنات العشوائية والغريب أن أعضاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير التي تمثل المرجعية الفلسطينية يتنازلون وبشكل طوعي عن أهم ثابت فلسطيني وهو حق العودة . واضاف الخريشة: حق العودة هو حق مقدس وغير قابل للتنازل أو للقسمة واعتقد أن وثيقة جنيف واللقاءات الحالية تأتي تكملة لمشاريع ايالون وسري نسيبة ، وأيضا للقاءات أعضاء من التشريعي في واشنطن إلى جانب ما يجري في لندن ومدريد ووسط ذلك تدعي السلطة الوطنية ان ذلك يأتي ضمن جهود فردية فقط. وقال الخريشة: اعتقد أن هؤلاء قبلوا لانفسهم أن يكونوا بالونات اختبار لقياس قدرة الشعب الفلسطيني علي مواجهة هذه التنازلات وقدرته على التمسك بثوابته الوطنية. وهؤلاء مجرد اكاديمين فاشلين يمثلون نكبة فلسطينية في شخصيات فلسطينية مثقفة والمطلوب هو إعلان فلسطيني رسمي بعدم تمثيل تلك الشخصيات للشعب الفلسطيني وقضيته.