أعلن وزير العمل والتضامن الاجتماعي المغربي، مصطفى المنصوري ل"الحياة" ان الحكومة قررت انفاق خمسة بلايين درهم نحو 520 مليون دولار لزيادة أجور عمال وموظفي القطاع العام. وتراوح الزيادات المقترحة بين 20 و40 في المئة، حسب تصنيفات الموظفين والعاملين في القطاعين العام والخاص. وقد بدأ تنفيذها على العاملين في قطاع التعليم. ويدور جدل واسع في المغرب حول موضوع الزيادات المقترحة في الاجور، بخاصة الكبيرة منها والتي انضمت اليها أخيرا الوعود بزيادة تعويضات البرلمانيين، وهددت ثلاث نقابات بشن اضرابات جديدة بعد انتهاء شهر رمضان. ويسمح معدل النمو الاقتصادي الذي بلغ 6 في المئة للعام الثاني على التوالي، للحكومة المغربية بالانفاق على البنود الاجتماعية وتحسين الاجور وتسريع النمو عبر تنشيط الاستهلاك. وقال المنصوري ل"الحياة" إن موازنة السنة المقبلة التي تعرضها الحكومة الآن على البرلمان ليصادق عليها، لا تسمح بتحمل زيادات الاجور التي تطالب بها النقابات وتكلف خمسة بلايين درهم اضافية نحو بليون دولار السنةالمقبلة. وأضاف: أن هذا قد يزيد عجز الموازنة على المعدلات المطلوبة دوليا، وربما يحرج الحكومة مع صندوق النقد والبنك الدوليين، بشأن نسبة الانفاق الى اجمالي الناتج القومي. ويقدر العجز المالي في المغرب بنحو 4,5 في المئة من اجمالي الناتج القومي في الوقت الراهن وتسعى الحكومة الى خفضه الى اقل من 3 في المئة السنة المقبلة عبر الإيرادات المتوقعة من برنامج التخصيص والمقدرة بنحو 1,3 بليون دولار. وأضاف وزير العمل المغربي: "الحكومة مستعدة لحوار مفتوح مع نقابات الموظفين وهي تقترح عليهم تعويضات إضافية تقدر بنحو 20 في المئة من الأجر مع امكانية اضافة تعويضات خاصة الى مسؤولي المصالح الادارية والحاصلين على الشهادات العلمية". وتراهن النقابات من جهتها على زيادات في الاجور، تراوح بين 40 الى 50 في المئة من إجمالي الراتب عملا بوعود، قالت انها حصلت عليها في حوارات اجتماعية سابقة مع الحكومة. وأشارت جمعية المديرين إلى ان الحكومة سبق لها أن عالجت اجور المهندسين قبل عامين. وتطالب الجمعية بالتعويضات والامتيازات ذاتها التي منحت لفئة المهندسين نحو 1500 دولار بدون تمييز في نوعية التخصصات الوظيفية والشهادات، على اعتبار ان بعض خريجي المعاهد العلمية والتطبيقية يعملون بدورهم في مكاتب ادارية. وتقترح حكومة الوزير الاول ادريس جطو منح زيادات لكوادر الموظفين، مشابهة لتلك التي منحت لرجال التعليم وهو ما ترفضه النقابات التي تهدد باضرابات واعتصامات. وقالت الحكومة انها تشجع حاملي الشهادات العلمية من المهندسين والاطباء والخبراء لحاجة الاقتصاد لهذه التخصصات في مجالات التنمية. وتعمل الحكومة في الوقت الراهن على تقليص الاصناف والفئات الوظيفة من 77 الى نحو 11 فقط في اطار تسوية شمولية. ويعارض المنصوري فكرة مساواة فئة المديرين الاداريين بفئة المهندسين التي تميزها الحكومة ب"تقنية الوظيفة" وارتفاع الكلفة. وتخشى الحكومة ان تطالب نقابات التعليم مستقبلا بامتيازات المهندسين نفسها. وقد تطرح قضية اخرى معقدة سبق ان عالجتها قبل الانتخابات الاخيرة بزيادة اجور المعلمين والاساتذة. ويمثل العاملون في حقل التدريس 250 ألف عامل وموظف أي نحو الثلث من مجموع الموظفين البالغ عددهم 750 ألفاً. ولا ينظر البنك الدولي بعين الرضا إلى ارتفاع نفقات الادارة ونسبتها الى إجمالي نفقات الموازنة المغربية، والتي تزيد على 53 في المئة، وتبلغ 13 في المئة من اجمالي الناتج المحلي. ويقترح البنك الدولي في حدود 10 في المئة. وتشدد التوظيفات الجديدة المقترحة في القطاعين العام والخاص على التخصصات التطبيقية والعلمية والمعاهد الخاصة ولها اسبقية على الشهادات الادبية والقانونية التي تمنحها جامعات الدولة، وقد يجد المهندسون فرصاً في القطاع الخاص لم تعد متاحة لزملائهم من التخصصات غير العلمية، ما يفسر "مغازلة" المهندسين على حساب الاداريين. وتقول الحكومة ان الخلاف لم يعد قائماً سوى مع فئة الكوادر العليا العاملة في القطاع العام والادارات العمومية، غير المصنفين مهندسين، وتقدرهم بنحو 50 الف شخص بعضهم سيحال على التقاعد. وهو رقم تعتقده الحكومة كبيراً وسيكلف الخزانة مبالغ جديدة تقدر بنصف بليون دولار، وتقترح في المقابل نصف المبلغ على ثلاث سنوات. وينتظر ان يجتمع الوزير الاول ادريس جطو مع النقابات لتقريب الفجوة بين الطرفين قبل الانتهاء من إقرار الموازنة نهاية كانون الاول ديسمبر المقبل. وتقدر الاعتمادات بنحو 17,5 بليون دولار. وتتنقد وسائل اعلام مغربية، منذ اسبوع، قرار زيادة مقترحة في اجور البرلمانيين سبعة آلاف درهم شهريا، لتصل الى نحو اربعة آلاف دولار، وقالت بعض الصحف المستقلة ان الحكومة لا تفكر في العجز المالي في الموازنة، الا عندما يتعلق الامر بالزيادة في الاجور الصغيرة والمتوسطة. وتتحاشى الحكومة ربط موضوع الزيادتين للموظفين والبرلمانيين بسبب حساسية الموضوع في بلد يشكل فيه العمل القضية الاولى، بسبب ارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب التي تقدر ب21 في المئة. ويقدر عدد الفقراء في المغرب بنحو ستة ملايين شخص.