ينتظر "حزب الله" ان يتبلغ أمينه العام السيد حسن نصر الله من الوسيط الالماني رسمياً نص قرار مجلس الوزراء الاسرائىلي في خصوص عملية تبادل الأسرى لأن ما يقال، بحسب تأكيد نصر الله في بيانه، عبر قنوات التفاوض هو الذي يعوّل عليه وعندها "نتخذ موقفاً نهائياً" إزاء مجريات الملف برمته من دون ان يفوته التذكير بتمسك الحزب بشروطه ومطالبه باطلاق جميع الأسرى اللبنانيين. والى ان يحين موعد تبلغ نصر الله نص القرار الاسرائىلي، فإن التقديرات حول مصير عملية التبادل، تراوحت بين رأي يقول انها لا تزال قائمة وان تأخرت لبعض الوقت، وبين آخر يعتقد انها عادت الى نقطة الصفر وقد نحتاج الى جولات جديدة يرعاها الوسيط الالماني. وينطلق الرأي الاول من مجموعة معطيات توافرت من خلال مواكبته المحادثات المتنقلة التي يجريها الوسيط الالماني بين بيروت والقدس المحتلة. وفي مقدمها ان اصرار نصر الله على اطلاق جميع الاسرى اللبنانيين من دون استثناء بمن فيهم المعتقلون لأسباب جنائية لم يكن "مراعاة" لخواطر عائلات الاسرى وعلى رأسها عائلة الأسير سمير القنطار بل التزام بموقف استبق فيه لجوء اسرائىل الى الاخلال ببعض بنود الصفقة. وعلمت "الحياة" ان موقف نصر الله رمى بالكرة الى حضن الوسيط الالماني، خصوصاً ان العودة الى محاضر المحادثات بين الطرفين تؤكد ان الاول ذكر اسماء الاسرى اللبنانيين ومن بينهم سمير القنطار وأنور ياسين، لافتاً الى انهما مشمولان بصفقة التبادل. وقالت المصادر المتابعة لملف التبادل ان نصر الله اسمع الوسيط الالماني كلاماً واضحاً في شأن القنطار وياسين وان تضمين الاتفاق المبدئي الذي وافقت عليه اسرائىل نصاً صريحاً بضرورة اطلاق جميع الاسرى يمنع رئىس وزراء اسرائىل آرييل شارون من الهروب الى الامام لتحسين شروطه في الصفقة. وشككت المصادر بالمعلومات التي ترددت اخيراً من ان دخول الولاياتالمتحدة الاميركية على خط التبادل في اللحظة الاخيرة دفع بشارون الى العودة عن تعهداته، مشيرة الى ان مجرد موافقة الحكومة الالمانية على لعب دور الوسيط تعني ان لديها من الدعم الاميركي والاوروبي ما يشجعها على وساطتها. كما شككت المصادر ايضاً في ان تكون واشنطن سحبت دعمها للوساطة الالمانية انتقاماً على خلفية موقف برلين من الوضع في العراق الذي يتعارض مع وجهة النظر الاميركية. واستبعدت المصادر ان يكون في وسع شارون احراج "حزب الله" بتحميله مسؤولية تجميد التبادل ما لم يشمل القنطار، وقالت ان "الشطارة" الاسرائىلية ستقابلها حنكة من الحزب، وسألت عن رد فعل شارون في الداخل الاسرائىلي في حال لوّح نصر الله بتجزئة عملية التبادل. وفي تقدير المصادر ذاتها ان شارون اراد ان يستأخر موافقته النهائية لتحقيق أمرين: - استيعاب المزيد من المعارضة في الحكومة لموقفه من اجل لملمة اوضاعه الداخلية واستيعاب الناقمين. - الحصول على مزيد من المعلومات عن مصير الطيار المفقود رون آراد وهذا ما يفسر توسيع الحكومة الالمانية اخيراً اتصالاتها لتشمل طهران، للتأكد من انها لا تعرف شيئاً عنه خلافاً لما كانت تناولته بعض وسائل الاعلام الاسرائىلية من ان لديها معلومات لن تبوح بها الا بعد معرفتها مصير الديبلوماسيين الايرانيين الذين فقدوا في لبنان إبان الاجتياح الاسرائىلي في حزيران يونيو 1982. كما ان نصر الله ليس مضطراً للتعليق او التعقيب على تسريبات اسرائىلية كانت وزعت قبل انعقاد مجلس الوزراء وبعده حتى لو كان الامر من باب جس نبض الحزب لمعرفة مدى تمسكه بشروطه الكاملة للصفقة، او ان يكون شارون في حاجة لاستثناء القنطار الذي نفذ ليل امس اعتصام في بيروت تضامناً معه وكل الاسرى اللبنانيين، ليعود الى اعضاء الحكومة ويبلغهم انه حاول، لكنه اخفق بسبب تصلب الحزب في موقفه وبالتالي لم يعد أمام اسرائىل الا السير بالصفقة او العدول عنها. ويعتقد الرأي الذي لا يبدي تفاؤلاً بانجاز التبادل في المدى المنظور، ان شارون بدا مفتقداً للتغطية والدعم، خلافاً لنصر الله الذي استجيبت شروطه كافة كما يظهر من خلال المحاضر. وبالتالي لم يعد في مقدور شارون سحب تأييد الرأي العام في اسرائىل ما لم يخفف من الشروط، خصوصاً ان الاستخبارات الاسرائىلية الموساد كانت اعدت تقويماً لابعاد العملية مفاده انها تؤدي الى مكاسب معنوية كبيرة للحزب. وفي انتظار الخبر اليقين من الوسيط الالماني، فإن انجاز التبادل حتى لو جاء الرد بالايجاب، سيتأخر لبعض الوقت لوضع اللمسات الاخيرة على العملية. من جهة ثانية، وزع الحزب الشيوعي اللبناني أمس ملفاً موسعاً عن شهداء الحزب في صفوف "المقاومة الوطنية اللبنانية" الذين لا تزال جثثهم محتجزة في اسرائىل. وعددم 31 شهيداً نفذوا عمليات ضد القوات الاسرائىلية ابان احتلالها الجنوب في الثمانينات. وتضمن الملف اسماء هؤلاء جميعاً والعمليات التي نفذوها ومواقعها وتواريخها.