بغض النظر عن نتائج صفقة تبادل الأسرى مع اسرائيل، فإن حزب الله نجح في فرض نفسه كقوة اقليمية بارزة. فرض حزب الله اللبناني نفسه على اسرائيل، ابرز قوة اقليمية، كمحاور لا يمكن تجاوزه سواء تمت صفقة تبادل الاسرى معها بوساطة المانية او تعطلت، بعدما اعلنت الدولة العبرية عن استثناء عميد الاسرى اللبنانيين من الصفقة وتمسك الحزب الاصولي بضرورة ان تشمل جميع هؤلاء. فقد اكد الامين العام لحزب الله حسن نصر الله تمسكه بكل الشروط المعلنة لتبادل الاسرى مع اسرائيل بما في ذلك الافراج عن اللبناني سمير القنطار المعتقل في اسرائيل منذ 24 عاما.. وجاء هذا التصريح غداة موافقة الحكومة الإسرائيلية على عملية التبادل مستثنية منها سمير القنطار عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية.. وأضاف نصر الله ان شروط حزب الله ومطالبه باتت واضحة ومحددة ومعلنة ونحن متمسكون بها في كل الأحوال، موضحا في الوقت نفسه انه سيتخذ موقفه النهائي بعد ان يتبلغ رسميا قرار الحكومة الإسرائيلية من الوسيط الألماني. ويرى دبلوماسيون ومحللون وصحافيون ان مجريات عملية التبادل بغض النظر عن نتائجها، تؤكد تحقيق حزب الله لنصر سياسي كبير. ففيما قال دبلوماسي أوروبي لا نفهم ما تكسبه إسرائيل في هذه العملية التي تقدم فيها هدية رائعة لحزب الله.. اعتبر محلل سياسي لبناني مطلع على ملف التبادل ان حزب الله حقق إنجازا سياسيا اذ نجح في تحويل القضية الى موضوع جدل عام شائك داخل إسرائيل ووضع وزراء أمام خيارات صعبة وقاسية. وكانت الحكومة الإسرائيلية أقرت العملية بغالبية ضيقة بتأييد 12 وزيرا ومعارضة 11. وقال المحلل طالبا عدم الكشف عن هويته ان المفاوضات دلت على ان إسرائيل تتعامل مع حزب الله وزعيمه بجدية وتأخذ كلامه وتهديداته على محمل الجد. وكان الشيخ نعيم قاسم المسؤول الثاني في حزب الله اعتبر في حديث تلفزيوني ان مجريات الصفقة تعني مهانة كبيرة لإسرائيل. كذلك اعتبرت شخصية دبلوماسية غربية لصحيفة النهار اللبنانية ان حزب الله لن يدفع ثمنا سياسيا للصفقة مما يشكل إقرارا علنيا بالمكانة التي أضحى عليها في معادلة القوى الإقليمية ونزاعاتها . ورأى المصدر نفسه ان الحزب يقفز الى واجهة المعادلة الإقليمية للمرة الثانية منذ عام 1996 حين توصل الى فرض تفاهم نيسان برعاية الولاياتالمتحدة وفرنسا وربط تهديد الداخل الإسرائيلي بتهديد الداخل اللبناني. وقال عام 1996 لم يكن مفاوضا سياسيا مباشرا واصبح المفاوض السياسي القادر على فرض شروطه من دون أية تنازلات سياسية او عسكرية سوى إطلاق أسرى. ورأى ان حزب الله كرس نفسه عبر المفاوضات التي استغرقت شهورا ندا سياسيا لإسرائيل في ملفات نزاعها مع لبنان بمقدار استمراره العدو العسكري. وتساءل عن مغزى منح إسرائيل الحزب نجاحا سياسيا لم يكسبها أي تعديل في توازن القوى العسكري في مزارع شبعا (المتنازع عليها) ويكسبه شعبية إضافية في الشارع الفلسطيني تعزز دوره في الحركات الأصولية الفلسطينية المقاومة. وكان نصر الله اكد في الثالث من نوفمبر ان نجاح التبادل لن يضع الحزب خارج دائرة الصراع مع اسرائيل، ورأت صحيفة السفير في افتتاحيتها ان حزب الله خاض غمار معركة المفاوضات بكفاءة سياسية عالية محققا فوزا باهرا ونصرا سياسيا مؤازرا له في جولة حاسمة من جولات الحرب المفتوحة ضد العدو. من ناحيتها اعتبرت صحيفة الديار ان بروز عقدة القنطار سيستدعي جولة جديدة من المفاوضات (...) يعدل فيها شارون (ارييل) موقفه كما سبق له ان عدله بالنسبة للطيار الإسرائيلي رون اراد اذ تراجع عن شمول الصفقة معلومات عن مصير الطيار الذي فقد في لبنان عام 1986. وكان الأمين العام للحزب أكد ان اي تبادل يستثني ايا من المعتقلين اللبنانيين لن نقبل به ولن يتم.. واعتقل سمير القنطار في اسرائيل في 1980 وقد حكم عليه بالسجن 542 عاما بعدما ادين بتهمة قتل ثلاثة اسرائيليين خلال عملية تسلل الى شمال اسرائيل نفذتها مجموعة من جبهة التحرير الفلسطينية التي يتزعمها محمد عباس (ابو العباس). ويحتجز حزب الله ثلاثة جنود اسرائيليين (تقول اسرائيل انهم قتلوا) تمكن من اختطافهم في أكتوبر 2000. كما يحتجز اسرائيليا آخر هو الحنان تاننباوم يؤكد انه جاسوس بينما تقول اسرائيل انه رجل اعمال.