بعدما غابت شرطية السير من تقاطعات الشوارع الاردنية لمدة سنة ونصف السنة، عادت اليوم لتستخدم جهاز اللاسلكي وتنفخ في الصفارة وتنظم عمليات مرور المركبات في شوارع العاصمة المكتظة. مشهد غير مألوف في بلد محافظ اعتاد فيه سائقو السيارات على تلقي تعليمات المرور من عناصر شرطة سير الرجال فقط. وعينت دائرة السير سبع عشرة مراقبة مرور في التاسع من كانون الاول ديسمبر في عمان، ينظمن السير ويوقفن المركبات في شكل آمن وينبهن السائقين الى اهمية وضع حزام الأمان، وعدم وضع الاطفال في المقعد الامامي، او التحدث على الجهاز الخلوي والتدخين اثناء القيادة. وفي وقت لاحق، ستشمل مهماتهن ضبط المخالفات والمشاركة في الدوريات المرورية وركوب الدراجات الهوائية وتنظيم عمليات المرور عند المدارس، وهي وظائف مقتصرة فقط على نظرائهن من الرجال. و يركّز مدير دائرة السير جميل سليم على استمرارية عمل المرأة في هذه المهمة "وعدم التوقف عنه ابداً مهما كانت الاسباب والظروف" بعدما اوقفت التجربة في العام الماضي. وقال سليم ل"الحياة": "نحن مقتنعون ومصممون على ان تخوض الشرطية الاردنية الميدان وتعمل الى جانب الرجال لتشارك في مختلف المجالات وليس فقط في وظائف محدودة". وتنوي دائرة السير زيادة عدد العاملات من مراقبات السير في محافظات اربد والزرقاء والعقبة في وقت لاحق ليسهمن في كل مجالات العمل المروري. وأوضح سليم ان مراقبات السير يخضعن لدورة تدريبية مدتها شهر قبل ان يتولين مهماتهن. وتعمل المراقبات ساعتين ونصف الساعة على نظام المناوبة. ويلاحظ عند الوقوف على مفترقات الطرق ان المارة وبخاصة النساء، يلوحون لمراقبات السير بايديهم ويوزعون عليهن الابتسامات. وتحظى المراقبات بالدعم في خطوة من شأنها رفع شأن المرأة الأردنية وتقويض معتقدات موروثة تحد غالباً من مشاركتها في الاعمال الميدانية. وقالت غدير علم التي كانت توقف سيارتها بالقرب من احد المتاجر: "كامرأة، اشعر بالفخر عندما ارى امرأة اخرى تنظم السير وتشارك في مهمات مقتصرة على الرجال. فهذا أمر يساويها بالرجل، وقدوة لغيرها من النساء اللواتي يشكلن نصف المجتمع". وتملّك الخوف بعض مراقبات السير قبل ان يستلمن مهماتهن إزاء رد فعل المواطنين وعدم أخذهن على محمل الجد في تنظيم المرور كما هي الحال مع نظرائهن الرجال. وقالت مراقبة السير هالة وليد 21 عاماً "كنت متخوفة في البداية من ان يصرخ المواطنون في وجهي او ان يتعاملوا معي بعصبية، ولكن بعد تجربتي وجدت ان هناك تقبلاً لدورنا، ثم بات هناك نوع من المساواة بالرجل، هناك تطور". وأبدت ليلى دبابنة، ربة بيت، اعجابها برقيبات السير، غير ان الاهم من ذلك بحسب رأيها ان يتقبلها الناس ولا يستهينون بقدراتها. حتى الآن، اوضح مدير دائرة السير "لم تردنا اي ملاحظات عن سوء سلوك او تصرفات من السائقين حول عدم تاييدهم للفكرة. واعتقد ان الرجال يصابون بالخجل عندما توجه إليهم ملاحظة من شرطية سير". وعام 2000 عملت نحو عشر شرطيات في مهنة مراقبات سير، نظمن عمليات المرور وحررن مخالفات، ولكن تمت اعادة تعيينهن في وظائف ادارية لاحقاً لأن الفكرة لم تجد اقبالاً.