قد يتحول مدير وكالة الاستخبارات الاميركية سي آي اي جورج تينيت الذي سبق وتعرض لانتقادات شديدة لعدم توقعه اعتداءات 11 ايلول سبتمبر 2001، الى كبش محرقة بالنسبة الى ادارة الرئيس جورج بوش المتعثرة في العراق. وطلبت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الاميركي من تينيت الحضور شخصياً للرد على اسئلة اعضاء اللجنة الذين يحققون في تقصير الوكالة قبل الغزو العسكري الاميركي - البريطاني للعراق في آذار مارس من دون موافقة الاممالمتحدة، واعطته مهلة حتى اليوم. واتهم السيناتور الديموقراطي جون روكفلر أخيراً الغالبية الجمهورية في الكونغرس بتحميل وكالة "سي آي اي" ومديرها المسؤولية الكاملة عن المبالغة في تصوير التهديد العراقي الناتج عن اسلحة الدمار الشامل لتبرير الحرب ولم يتم العثور بعد على اي سلاح من هذا النوع. ورأى روكفلر ان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، الجمهوري بات روبرتس "لا يكف عن القول أن كل المسؤولية تقع على "سي آي اي" وانه يجب عدم طرح اي سؤال على البيت الابيض". فهل يتحول تينيت الى "كبش محرقة؟". يقول عميل الاستخبارات السابق بيتر كروكس، الاستاذ في جامعة "ساذرن كنيتيكت" ان "هذا الامر ممكن". وتحول تينيت 50 عاماً ووالده صاحب مطعم يوناني، الى احد اكثر الشخصيات نفوذاً في الساحة السياسية الاميركية، فقد استمر في منصبه بعد عهد بيل كلينتون وبعد اسوأ هجوم تعرضت له الولاياتالمتحدة في تاريخها منذ بيرل هاربر في الحرب العالمية الثانية. كما قصفت الطائرات الاميركية السفارة الصينية في بلغراد في 8 ايار مايو 1999، في ظل تولي تينيت المسؤولية وبناء على معلوماته. كما انه لم يتوقع الاعتداءات التي نفذها تنظيم "القاعدة" على السفارتين الاميركيتين في كينيا وتنزانيا في آب اغسطس 1988 ولا التجارب النووية التي كانت جرت في الهند وباكستان قبل اربعة اشهر. الا ان موجة الاعتداءات على قوات الاحتلال الاميركية في العراق التي لم تكن الادارة في واشنطن تتوقعها، يمكن ان تقضي على الرجل الذي كان وفياً لكلينتون كما هو وفي لبوش. وازدادت في الاسابيع الاخيرة المؤشرات التي تعزز نظرية وجود استياء لدى الادارة الاميركية ازاء الاستخبارات ومديرها. واكد وزير الخارجية الاميركي كولن باول ان الولاياتالمتحدة لم تتوقع التعرض لهذا الحجم من الهجمات في العراق بعد انتهاء المعارك الاساسية الذي اعلنته واشنطن في اول ايار. ويقول كروكس: "اذا كان ما يحصل اليوم في العراق لم يظهر في تقديرات "سي آي اي"، فالخطأ يقع على الاستخبارات. واذا كان ذلك ظهر ولم يؤخذ على محمل الجد فيجب لوم الادارة". ويضيف الخبير ان تينيت لم يسقط بعد. ويتابع: "يبدو انه نظم نفسه بشكل يحميه عبر الاحتفاظ بوثائق مكتوبة" عن تقديرات البيت الابيض السرية قبل بدء التدخل العسكري في العراق. ويقول نيك كولاتير الخبير في "سي آي اي" الذي يدرس في جامعة انديانا يونيفرسيتي "اذا كان هناك شيء يجيده تينيت فهو تجاوز الفشل الاستخباراتي". وطالب برلمانيون بينهم السيناتور الجمهوري النافذ جون ماكين، عبثاً في تموز باستقالة تينيت. الذي أقر بأنه تم ادخال فقرة عن التهديد النووي العراقي في خطاب جورج بوش حول وضع الاتحاد امام الكونغرس في نهاية كانون الثاني، استند الى معلومات خاطئة. وقال ماكين في حينه "علينا ان نفتح تحقيقا وان نجد المسؤولين ونطردهم". الا ان الخبراء لا يرون سقوط تينيت سهلاً، وسيعمد الى اتهام السياسيين بتوظيف معلوماته بشكل سيء.