اعتبر خبراء فرنسيون في الاستخبارات والشؤون الدولية ان لا الرد العسكري ولا اعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين يمكن ان يضعا حداً لعمليات التفجير المتزايدة في العراق. ورأى اريك دونيسيه مدير المركز الفرنسي للابحاث والاستخبارات ان القوات الاميركية المؤلفة من 150 الف عسكري تجد نفسها في وضع صعب في مواجهة حرب الشوارع هذه. واكد ان "لا حل ممكنا على الاطلاق لهذه الاعتداءات. فحين يكون المواطنون ضدك لا يمكنك فعل شيء". والعمليات في نظره من فعل عناصر موالية لصدام حسين أقامت خلال الحرب بنية تحتية سرية تتضمن مخابئ اسلحة واحتياطات مالية. ومن بين هذه العناصر مقاتلون عرب قدموا الى العراق من الاراضي الفلسطينية او السورية او اللبنانية، ومجموعات راديكالية مثل مجموعة "انصار الاسلام" التي كانت تنشط في شمال العراق قرب الحدود مع ايران. واضاف بارتيليمي كورمون الاختصاصي في السياسة الخارجية الاميركية في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية الى هؤلاء الناشطين المقاومة الوطنية "العفوية" المنبثقة عن "إحباط" العراقيين المتزايد، والحركات الراديكالية الاجنبية التي يرتبط بعضها بتنظيم "القاعدة". واوضح ان "العراق يبقى افضل موقع رمزي لضرب الولاياتالمتحدة والغرب" واستقدام تعزيزات عسكرية لن يؤدي سوى الى مضاعفة الاهداف المحتملة لعمليات الناشطين، وهو خيار لم تطرحه واشنطن اساساً. كما ان اعتقال او تصفية صدام حسين الذي لم يتمكن الاميركيون حتى الآن من القبض عليه على رغم عمليات البحث والمطاردة المستمرة منذ اكثر من ستة اشهر، لن يكون له سوى تأثير محدود على مستوى العنف. وقال الجنرال في الاحتياط لو فرنكار واضع العقيدة المعتمدة حاليا لاستخدام القوات المسلحة الفرنسية انه غير اكيد من ان اعتقال صدام حسين "سيحدث تغييراً كبيراً، خصوصاً في حال لم يكن الرئيس السابق خلف كل العمليات التي ينفذها انصاره". من جهته، اعتبر كورمون ان اعتقال صدام حسين "لن يضع حداً للعمليات العفوية". ورأى الجنرال فرنكار ان "أنصار صدام حسين يطبقون استراتيجية الاسوأ ليثبتوا ان كل شيء مبلبل منذ وصول الاميركيين، ولا شيء يعمل بشكل جيد والانعدام الامني مسيطر". واتفق الخبراء على ان المؤسسات العراقية التي تم تشكيلها منذ سقوط النظام البعثي لم تتمكن من اثبات صدقيتها. وقال كورمون ان "مجلس الحكم الانتقالي العراقي يعتبر هيئة في خدمة الولاياتالمتحدة، تمثل العراق بشكل سيئ جداً في نظر العراقيين". وفي هذه الظروف، لا يستبعد دونيسي احتمال انسحاب اميركي على رغم ان هذا الخيار سيولد وضعاً سياسياً غير محتمل بالنسبة الى الرئيس جورج بوش مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في تشرين الثاني نوفمبر 2004. ويؤكد الخبير ان "الولاياتالمتحدة سترحل عن العراق وستفقد هيبتها بالنسبة الى الدول العربية"، مشيراً الى ان "معنويات القوات الاميركية هبطت الى ادنى مستوى" وحالات الانتحار او محاولات الانتحار تزداد في صفوفها.