قال مراقبون اقتصاديون في دمشق ان "اللقاء الاوروبي - المشرقي"، الذي اختتم أعماله في العاصمة السورية، أمس السبت، أتاح الفرصة للجانبين، العربي ممثَّلاً بسورية والأردن ولبنان، والاوروبي، للوقوف على "الشروط الصحية للتجارة والمنافسة بين الجانبين بهدف دفع العلاقات التجارية أكثر الى أمام". وتضمّن الملتقى، الذي شاركت فيه 206 شركات سورية وأردنية ولبنانية و166 شركة اوروبية، نحو 4000 لقاء عمل ركّزت على أمور تجارية وعقد صفقات وإعطاء وكالات وامتيازات وعلامات تجارية، الى جانب البحث في الفرص الاستثمارية المتاحة. وتوزعت هذه اللقاءات على قطاعات الصناعات النسيجية والألبسة والمنتجات الجلدية والصناعات الغذائية والتعبئة والتغليف وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتجهيزات مواد البناء والسياحة والسفر والخدمات. وكان رئيس الوزراء السوري، محمد ناجي عطري، قال في كلمة الافتتاح، الخميس الماضي، ان "هذا اللقاء الذي ننظُر إليه باهتمام واسع... سيكون فرصة مناسبة تتيح للمشاركين التعرف على ما تحقق في سورية من إصلاحات اقتصادية وإدارية ومالية ومصرفية، والمدى الذي أُعطي للقطاع الخاص ليقوم بدور فعال، إلى جانب القطاع العام، في تطوير مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير الفرص الاستثمارية التي تعمل سورية على تشجيعها عبر مختلف الوسائل والتسهيلات والإعفاءات، وتوفير البنى التحتية الجيدة والمرافق الخدمية المناسبة". ولفت الى ان "سورية قطعت خطوات متقدمة في مضمار مسيرة التطوير والتحديث، وإصلاح الهيكليات الإدارية والإنتاجية، وتفعيل دور قطاعات الاقتصاد الوطني العام والخاص والمشترك والتعاوني، وتحقيق قفزات نوعية متوازنة في الميادين المالية والمصرفية، وتطوير أساليب عملها، والسماح بإقامة المصارف الخاصة والمشتركة". وأشار الى انه تم الترخيص لعدد من هذه المصارف التي "ستباشر أعمالها كما هو متوقع بنهاية السنة الجارية أو مطلع السنة المقبلة". وقد بدّد اللقاء "مشاعر القلق" لدى رجال الأعمال السوريين من موقف نظرائهم الاوروبيين في شأن "قانون محاسبة سورية"، على حد قول المراقبين الاقتصاديين. وقال رئيس بعثة المفوضية الاوروبية، فرانك هيسكه، انه "على رغم القلق بسبب القانون وانعكاساته على بيئة الأعمال وتأثيره على شركاء سورية، إلا انه يتعين أن لا ننساق وراء الأحداث السياسية". ولفت الى ان سياسة الاتحاد تجاه سورية "جزء من استراتيجية أشمل وُضعت من خلال عملية برشلونة في منتصف التسعينات، بغرض إقامة علاقات راسخة ومتينة وطويلة الأمد"، مؤكّداً ان "هذه استراتيجية طويلة الأمد، وان ما يقوم به الآخرون لن يكون له تأثير على هذه السياسة". وأضاف: "كوننا قريبين بالتاريخ والجغرافيا من هذه المنطقة ومن سورية، فإن من مصلحة الطرفين أن تكون لنا علاقات وثيقة"، مشيراً الى ان "اتفاق الشراكة وسيلة لتحقيق الهدف". وكانت الجولة ال11 من اتفاق الشراكة السورية - الاوروبية عُقدت في بروكسيل منتصف الشهر الماضي، على ان تُعقد الجولة المقبلة منتصف كانون الأول ديسمبر المقبل. كما أوضح هيسكه في مؤتمر صحافي عقده على هامش أعمال اللقاء ان "الخلاف حول المسألة الزراعية ما زال قائماً بين الطرفين"، وان الاوروبيين قدّموا مقترحات جديدة لسورية في هذا المجال تشكل "تطوراً مهماً" بالمقارنة مع العرض السابق. وقال: "إننا نحاول ان نردم الفجوة بين التوقعات السورية وما يمكن ان نقدمه". ورداً على سؤال في شأن الضمانات التي تُقدمها الشراكة، خصوصاً بعد تراجع صادرات الأردن الى الاتحاد الاوروبي منذ توقيع الاتفاق الى أقل من 3 في المئة من إجمالي صادراته، أكد هيسكه ان "الاتفاق ليس ضمانة لزيادة المبادلات التجارية بين الدول الموقعة، بل انه وسيلة لخلق البيئة المناسبة للتبادلات".