سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مؤتمر هامبورغ حول فرص التجارة والاستثمار في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا . الاستثمارات الالمانية في العالم العربي ضعيفة قياساً الى حجم المبادلات التجارية
انعقد المؤتمر الاقليمي الرابع حول فرص ومخاطر التجارة والاستثمار في بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا في غرفة تجارة مدينة هامبورغ في 23 حزيران يونيو الماضي، وحضر المؤتمر الذي نظمته غرف التجارة والصناعة في المانيا بالتعاون مع جمعيات واتحادات المانية اخرى اضافة الى مندوبي الجهات المنظمة ووزارة الاقتصاد الالمانية والمفوضية الاوروبية ممثلون عن نحو 150 من شركة ومصرف الماني، ووفود اقتصادية عربية وشرق اوسطية من مصر والسعودية ولبنان والاردن وفلسطين والمغرب. وكان بين الحاضرين ياسين جابر وزير الاقتصاد اللبناني وابراهيم فوزي مدير الهيئة العامة للاستثمار في مصر الذي ترأس وفد بلاده، والسيد اسامة الكردي السكرتير العام لغرف التجارة والصناعة السعودية. وكانت العلاقات الاقتصادية بين المانيا والبلدان العربية وسبل تطويرها من خلال تعزيز فرص التجارة والاستثمار من ابرز اعمال المؤتمر. وفي هذا الاطار كان لمصر وبلاد الشام لبنان وسورية والاردن وفلسطين والعراق النصيب الاكبر من الاهتمام. وقد تمثل ذلك من خلال كلمات الوفود والمداخلات التي تخللت انشطة المؤتمر. اشاد معظم المتحدثين من الجانب الالماني وممثل المفوضية الاوروبية خلال الجلسة الصباحية بما حققته بلدان الشرق الوسط على صعيد تحرير واعادة هيكلة اقتصاداتها المتمثلة في الاستقرار النسبي لاسعار الصرف وتخفيض العجز في الموازنات الحكومية وتراجع نسب التضخم واقرار برامج للخصخصة وتجاوز العديد من مشاكل مؤسسات القطاع العام. وترافق ذلك مع تطور ملحوظ في العلاقات الاقتصادية لألمانيا مع هذه البلدان. غير انه وباستثناء تركيا واسرائيل فان الطابع التجاري ما يزال يهيمن على هذه العلاقات. وعبّر عن ذلك العديد من المشاركين كالدكتور كلاوس شتال ممثل وزارة الاقتصاد الالمانية. فمن جملة ما ذكره ان تطور حجم استثمارات الشركات والبنوك الالمانية في البلدان المذكورة لا يواكب حجم تطور العلاقات التجارية لألمانيا معها. واشار ميشال كولر مندوب المفوضية الاوروبية الى المؤتمر الى هذه النقطة معتبراً ان من اهم اسباب ضعف تدفق الاستثمارات الالمانية والاوروبية الى البلدان العربية عدم وجود اتفاقات للشراكة بينها وبين بلدان الاتحاد الاوروبي على غرار تلك الموقعة مع تركيا واسرائيل. واعتبر ان الاتفاقات التي تم التوقيع عليها مع تونس والمغرب وتلك التي يتم التفاوض بشأنها مع مصر والاردن ولبنان وسورية وبلدان مجلس التعاون الخليجي ستساعد على تدفق المزيد من الاستثمارات الاوروبية اليها. ودعا البروفيسور اودو شتاينباخ مدير معهد الشرق في هامبورغ اوروبا الى تفعيل دورها السياسي الضعيف الذي لا يتناسب مع ثقلها الاقتصادي في المنطقة. واعتبر ان هذا الضعف لا يساعد على وقف التدهور الحاصل في عملية السلام بين العرب واسرائيل ولا على تشجيع المستثمرين الالمان والاوروبيين لمزيد من النشاط المباشر في منطقة الشرق الاوسط. وركزت الوفود العربية في كلماتها على اظهار المستوى الذي وصلت اليه العلاقات الاقتصادية بين المانيا والبلدان العربية وعلى كيفية تطويرها كمّاً ونوعاً. واعتبر وزير الاقتصاد اللبناني ياسين جابر الذي القى كلمة عن اوروبا والعرب ان الاستثمارات الالمانية في البلدان العربية ما تزال ضعيفة للغاية بالمقارنة مع حجم التبادل التجاري بين هذه البلدان والمانيا. واضاف ان ذلك يتم في الوقت الذي توسعت فيه فرص الاستثمار في بلداننا امام القطاع الخاص الالماني وغيره، إذ اصبح بإمكانه النشاط في مختلف المشاريع بما فيها مشاريع البنية التحتية طرق واتصالات وطاقة وغيرها. ودعا الوزير جابر الشركات والبنوك الألمانية الى عدم انتظار عملية احلال السلام في الشرق الأوسط حتى تقوم بزيادة استثماراتها المباشرة في لبنان وباقي البلدان العربية. وتحدث رئيس الوفد المصري ابراهيم فوزي عن العراقيل التي تضعها بلدان الاتحاد الأوروبي ومنها ألمانيا امام تدفق البضائع المصرية الى أسواقها. كما أشار الى الازدواجية التي تشوب مواقف هذه البلدان إزاء اتفاق الشراكة الذي يتم التفاوض في شأنه مع مصر. وقال ان الاتحاد يطالب بحرية التجارة مع مصر ولكنه في الوقت نفسه يرفض حتى الآن فتح أسواقه أمام المنتجات الزراعية والنسيجية المصرية. وعن الاستثمارات الالمانية في مصر أوضح أنها أقل من مثيلاتها الفرنسية والبريطانية. وانتقد ما يشاع في المانيا وغيرها حول اعتبار البيروقراطية المصرية سبباً أساسياً من أسباب إعاقة تدفق الاستثمارات. فالبيروقراطية على حد تعبيره موجودة في مصر منذ 7000 سنة ومع ذلك فإنها أقل تعقيداً من مثيلاتها في المانيا وغيرها. واعتبر ان ضعف روح المغامرة لدى البنوك والشركات الالمانية قياساً الى مثيلاتها في باقي بلدان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يعتبر من أهم أسباب عدم تدفق الاستثمارات الالمانية الى مصر. واضاف ان هذه الشركات والبنوك تبالغ في الضمانات التي تطالب بها على صعيد الاستثمار. وتمحورت جلسة بعد الظهر في شكل اساسي حول فرص الاستثمار المتاحة في السعودية ولبنانوالأردن وفلسطين. وعرض السكرتير العام لغرف التجارة والصناعة السعودية السيد أسامة الكردي الامكانات المتاحة للاستثمار في بلاده بعدما تعرض الى مستوى التطور الذي وصلت اليه، والى مؤشرات الاستقرار الاقتصادي الصحية التي تتمتع بها. ومما ذكره أن امام القطاع الخاص الألماني فرصاً استثمارية تشمل بالاضافة الى الصناعة وخاصة الكيماوية منها، الزراعة والمرافق الاساسية من جسور وطرق ومطارات وغيرها. وتطرق رئيس اتحاد الصناعيين في لبنان الى ميزات الاستثمار في بلاده ضرائب منخفضة وخدمات متوفرة وأيدي عاملة مؤهلة وقطاع مصرفي يتمتع بالكفاءة. وعرض العديد من المشاريع التي يمكن للقطاع الخاص انجازها واستثمارها. ومن أهمها مطاري القليعات ورياق ومنطقة حرة في صيدا وفندق لمطار بيروت. وصبت كلمة السيد صائب نحاس رئيس جمعية السياحة والسفر في سورية في هذا الاتجاه، وعدد الخطوات التي اتخذتها سورية على صعيد الليبرالية الاقتصادية. وقال ان هناك فرصاً كبيرة للاستثمار في السياحة والصناعة وبخاصة في مجال تصنيع المنتجات الزراعية والخامات الطبيعية. وذكر السيد خلدون أبو حسن رئيس غرفة الصناعة في عمان ان مستقبل الأردن يكمن في تعزيز دوره الخدمي على صعيد المنطقة وفي استغلال موارده المتاحة لا سيما السياحية منها. وكانت ندوة بلدان المشرق العربي أهم الندوات التي عقدت في اطار المؤتمر. وكان من بين الذين تحدثوا فيها بالإضافة الى العديد من المشاركين العرب ممثلون عن شركات مؤسسات المانية مختلفة. وكان من بين هؤلاء السيد عبدالهادي أبو شارق مدير مكتب الاقتصاد الالماني في رام الله الذي أبرز التأثيرات السلبية لسياسة الاحتلال الاسرائيلي على الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة. وتعرض لأهم المشاريع التي يتم تنفيذها في مجال البنية التحتية والى أهم الفرص المتاحة للاستثمار هناك. كما تحدث في الندوة السيد كلاوس ايبلنغ ممثل شركة "سيمنس" في مصر وهانس جورج بيرنر ممثل "كوميرسبنك" في بيروت. واعتبر السيد ايبلنغ ان تعقيدات البيروقراطية تشكل أهم العوائق التي تعيق تدفق الاستثمارات الى العديد من فروع الاقتصاد المصري. غير ان اعترف بأن الشركات الالمانية أقل جرأة من مثيلاتها في أوروبا على صعيد الاستثمار المباشر هناك. وأشاد بيرنر بالمناخ الضريبي والاستثماري في لبنان. لكن العجز التجاري والمصاعب التي تعترض تطور القطاع العام لا تزال تؤثر الى جانب الاجواء السياسية غير المناسبة في المنطقة بشكل سلبي على تدفق الاستثمارات الخارجية. واضاف ان ذلك يشكل الى جانب ضخامة المشاريع المطروحة امام القطاع الخاص وتكاليف انشائها العالية وطول الفترة اللازمة لاسترداد رأس المال احد اهم الاسباب التي تجعل مؤسسته وغيرها من البنوك العالمية الاخرى تتردد على صعيد المشاركة في التمويل بشكل اكثر فاعلية. وضرب مثلاً على ذلك مشاريع الاوتوسترادات والمناطق الحرة التي تصل تكاليف انشائها الى بلايين الدولارات. وختاماً فانه يمكن القول ان المؤسسات والشركات والبنوك الالمانية لا تزال تتردد على صعيد زيادة استثماراتها المباشرة في البلدان العربية. فهذا الاستثمار بحسب رأي معظم القائمين عليها لا يزال ينطوي على مخاطر سياسية واقتصادية تجعلها تتردد في ذلك. ويضاف الى ذلك حقيقة ان البنوك الالمانية قياساً الى الفرنسية والبريطانية والاميركية وغيرها أقل جرأة بكثير على صعيد القيام باستثمارات خارجية. وصلت قيمة الصادرات الالمانية الى البلدان العربية الى نحو 19 بليون مارك خلال العام الماضي. اما حجم وارداتها من هناك فبلغ نحو 11 بلايين مارك. اي ان هناك فائضاً لمصلحة المانيا بقيمة 8 بليون مارك. وتأتي السعودية ومصر والامارات على رأس شركاء المانيا في الوطن العربي، حيث بلغت واردات هذه البلدان الثلاث من المانيا على سبيل المثال اكثر من نصف قيمة مجمل الصادرات الالمانية الى البلدان العربية كافة. وتأتي السيارات والآلات والتجهيزات المختلفة على رأس هذه الصادرات. اما الواردات الالمانية من هذه البلدان فتمثل النفط وموارد اولية اخرى بالدرجة الاولى. * أقتصادي سور