"على المسرح أن يجعل الفكر خبزاً للجموع" قال فيكتور هوغو، وقال فولتير "أعطني مسرحاً وخذ أمة"، أما سعدالله ونّوس، الراحل على غصة المسرح فيقول: "المسرح ليس تجلياً من تجليات المجتمع المدني فحسب بل هو شرط من شروط قيام هذا المجتمع وضرورة من ضرورات نموّه وازدهاره". نذكرهم كما نذكر أيضاً الحاج منقارة مالك المبنى حيث يقع "مسرح المدينة" في بيروت، الذي قال لنضال الأشقر في بداية الثمانينات: "لا تبحثي عن صالة أخرى، كليمنصو تحت أمرك"، مشيراً الى سينما كليمنصو التي تحوّلت في مطلع التسعينات الى "مسرح المدينة". خلال عشر سنوات يخال المتأمل في انجازات "مسرح المدينة" انه أمام برنامج لعشرة مسارح، ففي أصعب مراحل اعادة البناء التي تلت الحرب اللبنانية اندفعت نضال الأشقر بزخم هادر لتحقيق حلمها على خطين: الأول، تأمين صالة مجهزة حديثاً للعروض المسرحية، والثاني تشكيل فرقة مخضرمة من المسرحيين القدامى والجدد لئلا يبقى الانتاج المسرحي رهن الاعتباط والارتجال. الخط الأول تحقق بمساعدة مادية من الرئيس رفيق الحريري ومن "بنك المتوسط"، إلا أن غياب الدعم الرسمي وإفلاس الثقافة التي بقيت اسماً على غير مسمى، في بلد من المفروض أن تكون الثقافة رأس ماله ورأس حربته الى العالم، أديا الى اخفاق نضال الأشقر في تحقيق خطها الثاني، إذ صرفت جهودها لتأمين استمرار المسرح مادياً ومعنوياً متكلة على التبرعات الفردية من هنا وهناك. ولذا كانت تتأخر دائماً في تسديد ايجاراتها لورثة الحاج منقارة الذين قرروا أخيراً عدم تجديد عقد الإيجار، وبالتالي جاء محاموهم صباح أمس الجمعة حاملين أمراً بإخلاء المسرح: "أغلقوا الأبواب وهاتوا المفاتيح"، قال المحامون لموظفي المسرح، علماً أن الخشبة تعرض حالياً "رحلة جسد" وهي برعاية وزيري الثقافة في لبنان وسورية! نضال الأشقر قالت ل"الحياة" انها استمهلت آل منقارة فسحة إضافية كيما تنتهي من جمع مبلغ الإيجار، وكانت على يقين من انهم تفهموا ذلك. ولذا فوجئت، وهي خارج بيروت، بموظفيها يتصلون بها مذعورين، وقررت أن تعود وتعقد مؤتمراً صحافياً ظهر يوم السبت في المسرح تشرح فيه ملابسات القضية.