في رعاية صاحب السمو الملكي، الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد، ورئيس المجلس الاقتصادي الأعلى، اختتمت فاعليات منتدى الرياض الاقتصادي الأول الذي كان شعاره "نحو تنمية اقتصادية مستدامة". وحظي المنتدى بتغطية إعلامية، وباهتمام وحضور شخصيات اقتصادية من رجال الأعمال والأكاديميين من الجامعات والصحافيين والإعلاميين المتخصصين في الاقتصاد وبعض المسؤولين في الدولة. وهذه المنتديات نتاج الصحوة الوطنية، ومن مراحل التحول في منهجية مناقشة الشأن الاقتصادي. فهي فرصة لتشخيص القضايا والوقوف على خطورتها، وذلك أول خطوات حلها. وتناول المنتدى بيئة الاستثمار في المملكة، البيئة التشريعية والقضائية والقانونية، وسوق العمل والتعليم والتدريب والتأهيل. وها أنا أعرض ملاحظاتي واقتراحاتي، إذ لم تتح لها الفرصة خلال مداخلات المنتدى: أولاً - سبق أن عقد منتدى جدة الاقتصادي في مدينة جدة، والآن عقد منتدى الرياض الاقتصادي الأول في الرياض. وليس هناك اقتصاد جدة، واقتصاد الرياض هو اقتصاد كلي وطني. فلماذا لا يسمى هذا المنتدى "منتدى الاقتصاد الوطني؟" ويكون إطاراً اقتصادياً وطنياً من رجال الأعمال يعقد بالتناوب في جميع مدن المملكة؟ ثانياً - يصح أن يتم التركيز على تشخيص القضايا المفصلية التي تؤرق المستثمرين، وتعوق الاستثمار بيئة الاستثمار، التشريعات والأنظمة والقضاء والتحكيم التجاري، سوق العمل والبطالة، البنية التحتية. فتقدم الأوراق التي تشدد على تشخيص وتقويم تطور هذه القضايا من الناحية العملية، ومن واقع البيانات الميدانية مثل ورقة "بيئة الاستثمار في المملكة الواقع والتحديات" التي شخصت بيئة الاستثمار من وجهة نظر المستثمرين المستفيدين والمتضررين منها، وعرضت تصورات المستثمرين تجاه الاستثمار في المملكة. وأجمع الحاضرون على أنها أفضل دراسة عملية قدمت عن الاقتصاد الوطني والتحديات التي تواجهه.... رابعاً - يلاحظ ان فرص المداخلات وطرح الأسئلة توجه للشخصيات المعروفة لدى رئيس الجلسة، ويختارها بالاسم، ويتم تهميش الآخرين. وهذا لا يثري مناقشة الموضوع محل الطرح. لذلك قد يكون من الأجدى أن يطلب من الحضور كتابة السؤال، أو ملخص للمداخلة، ويختار رئيس الجلسة ما يراه جديراً بالعرض والمناقشة. خامساً - لوحظ غياب المسؤولين المختصين في وزارة العدل في عرض ورقة "البيئة التشريعية والقضائية في المملكة". ومن المفيد الإصرار على حضور المسؤولين في القطاع العام للمشاركة، وإثراء النقاش، وتصحيح الانطباعات. سادساً - كان هناك خلط في بعض الأوراق بين أهداف وسياسات ومكاسب التخصيص، وعدم وضوح أدوات وأساليب التخصيص. فاعتبرت ادوات تنفيذ عقود مشاريع القطاع العام من أدوات التخصيص، وهي ليست كذلك. سابعاً - بعض المداخلات تطلب بشكل عام إنشاء هيئات وتنظيم برامج وآليات وكأن الوضع العام للمؤسسات المدنية مهلهل. صحيح، هناك اختلالات وهذا ليس عيباً، بل راجع الى تيبس وتخشب المجتمع، وانغلاقه في مراحل سابقة. ويدفع المواطن الثمن الآن عجزاً في الميزانيات، وبطالة بين الشباب وركوداً في الاستثمار. وإذا تأخرنا أو تباطأنا في الاستفادة من الانفتاح، في الجوانب السياسية والاقتصادية والمشاركة الشعبية، فسوف يدفع المواطن الثمن مضاعفاً. تاسعاً - لوحظ أن هناك مقعداً شاغراً على المنصة باسم الدكتورة إلهام بنت منصور الدخيل التي قدمت ورقة تحت عنوان "واقع وتحديات مشاركة المرأة في التنمية وقطاع الأعمال". وقدمت ورقتها من قاعة أخرى عبر النقل السمعي، ما كان له تأثير سالب على التفاعل مع محتوى الورقة. لماذا لا تشارك المرأة بالحضور، طالما أنها غير متبرجة، ويتوفر في القاعة شرط عدم الخلوة المنهي عنه في الحديث؟ عاشراً - أقترح عقد المنتدى القادم في مكةالمكرمة تحت شعار "نحو اقتصاد من دون نفط". وأخيراً، المستثمر مهووس بالعقار والأسهم، والمجتمع يعاني من موروثات فيها أخطاء وتجاوزات وتطرف وسوء استغلال وقصور في استيعاب الموقف. وجاءت القضايا والمحن لتكشفها. فإذا أردنا إصلاح الاقتصاد الوطني علينا أن نحلم بمصلحة الوطن قبل أن نحلم بالمصالح الشخصية، وتكون اجتهاداتنا وطنية خالصة. نريد مواقف جريئة من الدولة ومن رجال الأعمال تفتح الأبواب للاستثمار الأجنبي، ولا تسمح للعادات وكوابيس الليل أن تقف عائقاً في مجال الاستثمارات الأجنبية. ولا بد أن ندرك ان التغيرات في العالم تؤثر علينا، وتشكل اقتصادنا. وإذا لم نبدأ التصحيح الآن وتأخرنا عن الركب سنخسر كثيراً. الرياض - مهندس صالح بن محمد علي بطيش [email protected]