استمر نزيف الدم الفلسطيني امس ايضا، اذ اسقطت رصاصات الاحتلال أربعة شهداء، في يوم دامٍ آخر، في الضفة الغربية هذه المرة. وعلى جبهة اخرى، واصلت قوات الاحتلال حملات الدهم والتفتيش والاعتقال واقتحام المدن والقرى والمخيمات وفرض الحصار والاغلاق المشدد. في غضون ذلك، قام وزير الامن الداخلي الاسرائيلي تساهي هنغبي بجولة استفزازية في الحرم القدسي الشريف تحت حراسة مشددة من الشرطة الاسرائيلية. في مشهد أعاد الى الأذهان زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون للحرم القدسي الشريف، جال وزير الامن الداخلي الاسرائيلي اليميني المتطرف تساهي هنغبي امس في باحات المسجد الاقصى تحت حراسة مشددة من الشرطة الاسرائيلية. وتمت الزيارة المفاجئة من دون تنسيق مع دائرة الاوقاف الفلسطينية المسؤولة عن المقدسات الاسلامية. وتهدف الزيارة الى محاولة اثبات ان مدينة القدسالمحتلة خاضعة لسيطرة اسرائيل وانها مدينة موحدة تحت سيادتها، الأمر الذي تنفيه الوقائع على الأرض، خصوصاً اندلاع الانتفاضة الحالية قبل اكثر من ثلاث سنوات بسبب زيارة شارون في عهد حكومة حزب العمل ايهود باراك. واستنكر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية رئيس الهيئة الاسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري زيارة هنغبي الى المسجد الاقصى، ووصفها بانها"مس بحرمة المسجد واستفزاز لمشاعر المسلمين وتصعيد للتوتر في مدينة القدس". وقال: "كان هذا الاقتحام مفاجئاً لم يعلن عنه خشية ان يتصدى المسلمون له كما حصل مع شارون سابقا". وأضاف ان "الاقتحام جاء قبل ايام قليلة من حلول شهر رمضان المبارك بهدف التشويش على الصائمين وافتعال تبرير لمنع المسلمين من الوصول الى الاقصى"، محملا هنغبي "مسؤولية اقتحامه المسجد". في غضون ذلك، استقبل الرئيس ياسر عرفات زعيم حركة "ناطوري كارتا" الدينية اليهودية المناهضة لقيام دولة اسرائيل، ومساندة قيام دولة فلسطين فوق أراضيها التاريخية الحاخام موشيه هيرش في مقره في مدينة رام الله امس. واطلع عرفات الحاخام الذي ينكر قيام الدولة العبرية لأسباب دينية، على آخر التطورات السياسية والاوضاع في الاراضي الفلسطينية. أربعة شهداء واستشهد أربعة فلسطينيين أمس في أحداث يومٍ دامٍ آخر في الضفة الغربية. وسقط آخر الشهداء، الذي لا يزال مجهول الهوية، بعد ظهر امس في منطقة تل الرميدة وسط مدينة الخليل التي تسيطر عليها قوات الاحتلال وتوجد فيها بؤرة استيطانية يهودية.وقالت مصادر فلسطينية ان فلسطينيين حاولا تنفيذ عملية فدائية في المنطقة فاستشهد أحدهما برصاص قوات الاحتلال فيما تمكن الآخر من الفرار. وأضافت المصادر ان قوات الاحتلال شرعت فور ذلك في اطلاق النار عشوائيا ما أدى الى اصابة مواطنين بجروح نقلا الى مستشفى عالية في المدينة لتلقي العلاج اللازم. وفي مدينة الخليل ايضا استشهد عبدالهادي النتشة 40عاما من كتائب شهداء الاقصى برصاص قوات الاحتلال فجر امس. وقالت مصادر فلسطينية ان قوات الاحتلال التي تلاحق النتشة منذ ثلاث سنوات قتلته واعتقلت ستة كانوا برفقته. وأضافت ان قوات الاحتلال نسفت منزل الأسير شادي ابو شحذم الذي يقضي سبعة أحكام بالسجن المؤبد في احد السجون الاسرائيلية، المكون من طبقتين. وتنسب اجهزة الامن لابي شحذم ارسال الاستشهادية عندليب طقاطقة لتنفيذ عملية استشهادية اسفرت عن مقتل واصابة عشرات الاسرائيليين. وفي مدينة قلقيلية، اعدمت قوات الاحتلال بدم بارد قائد كتائب الشهيد ابو علي مصطفى الذارع العسكرية التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بعد اصابته بجروح طفيفة في قدمه. وقالت مصادر في عائلة احمد خميس عطية 29 عاما الملقب "عسكر" انه اصيب في قدمه قبل ان تعتقله قوات الاحتلال في عملية اقتحام للمدينة صباح امس وتطلق عليه النار بدم بارد في عملية إعدام خارج نطاق القانون.واصيب مواطنان آخران في عملية اطلاق النار، اعتقلتهما قوات الاحتلال، مع جثة عطية التي اختطفها الجنود وانسحبوا من المدينة، قبل ان يعودوا لاجتياحها بعد ظهر امس. وتعهدت كتائب ابو علي مصطفى في بيان ب"مواصلة طريق الانتفاضة والمقاومة حتى كنس الاحتلال نهائياً عن أرضنا الطاهرة"، مُقسمة ان "يدفع الاحتلال وأعوانه ثمنا لم يتوقعوه". وكان الشهيد الرابع سقط في مدينة رام الله في ساعة متقدمة من ليل الثلثاء - الاربعاء متأثرا بجروح اصيب بها في عملية اجتياح مدينتي رام الله والبيرة مساء اول من امس بنحو 40 آلية وسيارة عسكرية إسرائيلية. واستشهد الشاب رمزي احمد جرادات 23 عاما واصيب 23 آخرون في الاجتياح المفاجئ للمدينتين وقرى وبلدات عدة مجاورة لهما بحجة البحث عن منفذي عملية عين يبرود مساء الاحد الماضي، والتي اسفرت عن مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين والاستيلاء على سلاحهم. وحاصرت قوات الاحتلال المصلين في مسجد جمال عبدالناصر وسط رام الله وفتشت المبنى الذي يوجد فيه مبنى قناة "الجزيرة" الفضائية القطرية التي منع صحافيوها من التحرك. وتوقفت الآليات العسكرية الاسرائيلية على بعد نحو 100 متر من مقر الرئيس عرفات. وساد اعتقاد بأن هدف العملية إبعاد الرئيس عرفات في وقت تشهد فيه الاراضي الفلسطينية حرباً حقيقية وعدواناً إسرائيلياً كبيراً، وذلك تنفيذاً لقرار سابق اتخذته الحكومة الإسرائيلية بإبعاده. لكن الاجتياح انتهى بعد نحو أربع ساعات من دون إبعاد الرئيس او إلقاء القبض على منفذي عملية عين يبرود. وكشف اطباء فلسطينيون ان قوات الاحتلال أعدمت رميا بالرصاص شابين فلسطينيين سقطا ليل الاثنين - الثلثاء شمال شرقي مخيم البريج للاجئين وسط القطاع، قرب خط الهدنة. وقالت مصادر طبية في مستشفى شهداء الاقصى بمدينة دير البلح وسط القطاع انه تبين من الفحص الطبي على جثتي الشهيدين هادي سليم عياش 22 عاما وعلي مصطفى ابو طه 20 عاما ان النار اطلقت عليهما من مسافة لا تتجاوز مترين، ما يعني انهما اعتقلا وقتلا بدم بارد. وتبين ان الشهيدين، وهما من مدينة رفح جنوب القطاع، ينتميان لكتائب الشهيد أبوعلي مصطفى. ونعت الكتائب الشهيدين وقالت انهما اشتبكا مع قوات الاحتلال بعدما زرعا عبوة ناسفة على طريقها. وكان الشهيدان مع عشرة شهداء آخرين سقطوا جميعا الاثنين الماضي الذي شنت فيه الطائرات الحربية الاسرائيلية خمس غارات جوية على مناطق مختلفة في القطاع، كانت اكثرها دموية في مخيم النصيرات حيث سقط سبعة شهداء. الى ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال ليل الثلثاء - الاربعاء 18 فلسطينيا من مناطق مختلفة في الضفة والقطاع، التي اجتاحتها، من بينهم فتاتان.كما اصابت عشرات الفلسطينيين بجروح في رام الله وبلاطة والخليل وقلقيلية وقرية جبع.