سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
جنود الاحتلال يرغمون مئات الفلسطينيين على نزع ملابسهم تحت المطر ويعيقون عمل الصحافيين . عرفات باقٍ في بلاده على رغم "استعداد" شارون لإعطائه تذكرة باتجاه واحد والجيش الإسرائيلي يعد لاجتياح نابلس وجنين ويقصف "الأمن الوقائي" في الضفة
سخر نبيل ابو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني امس من تصريحات رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون التي قال فيها انه على استعداد "لاعطاء تذكرة باتجاه واحد" للرئيس ياسر عرفات لمغادرة ما تبقى من مقره المحاصر لليوم الخامس على التوالي، وذلك في الوقت الذي شبه فيه كاتب اسرائيلي معروف موقف عرفات الصامد في حصاره بأسطورة "مسادا" اليهودية. وقال ابو ردينة المحاصر الى جانب رئيسه وعدد من المرافقين في رام الله في اتصال هاتفي مع "الحياة" ان عرفات "لم يلتفت حتى الى هذه التصريحات التي تؤكد ان شارون فقد عقله". واضاف ان "الرئيس سيبقى في وطنه وعلى ارضه يقود شعبه وعلى شارون ان يوقف عدوانه ومجازره ضد الشعب الفلسطيني". ونفى ابو ردينة ان يكون المبعوث الاميركي الخاص انتوني زيني طلب لقاء عرفات. قال شارون خلال جولة في صفوف قوات الاحتلال الاسرائيلي في مدينة قلقيلية انه على استعداد للسماح لديبلوماسيين اوروبيين ب"اخراج عرفات على متن مروحية من هنا شرط ان لا يرجع أبداً ومن دون ان يصطحب معه أحداً". وأضاف ان المبعوث الاوروبي ميغيل انخيل موراتينوس طرح عليه سؤالاً بهذا الشأن. غير ان مسؤولين فلسطينيين اكدوا ل"الحياة" ان تصريحات شارون تأتي في اطار "الحرب النفسية" التي يشنها الى جانب حربه العسكرية على الفلسطينيين. وكان الجيش الاسرائيلي شرع في ساعات ليل الاثنين بإحاطة مقر عرفات بسياج لتحويله الى سجن حقيقي امعانا في اهانته ولمنع اي من نشطاء السلام الاوروبيين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني وقائده من الوصول اليه بعد نجاح عدد منهم في الوصول والبقاء هناك حتى اللحظة. وفي هذا الاطار، قال شارون ان عرفات "يجب ان يعزل تماماً"، مضيفاً ان وجود المتضامنين الاجانب معه لا يحقق هذا الهدف ولذا فإنه بصدد اتخاذ اجراءات لاخراجهم من المقر، من دون ان يعطي مزيداً من التفاصيل. وكان أحد معاوني شارون قال انه لن يسمح لعرفات بالاجتماع مع ديبلوماسيين غربيين. وقال شارون لضباطه انه لا يكترث بالعامل الزمني وانه سيواصل عملياته العسكرية الى ان يتم "تدمير الارهاب". وكشف ان المؤسسة الاسرائيلية "تدرس الآفاق القانونية لمعاقبة عائلات" الاستشهاديين وستفحص كيفية التعامل مع من تم ضبطهم وهم في الطريق لتنفيذ هذه العمليات. واتخذت الحرب الشاملة التي يشنها الجيش الاسرائيلي على الفلسطينيين منحى اشد خطورة خلال الساعات الأخيرة، إذ بدا واضحاً أن الحملة العسكرية "لا تستثني أحداً ولا منطقة"، تماماً كما أعلن شارون في وقت سابق، فضربت القذائف الاسرائيلية كنيسة في مدينة المهد بيت لحم ومسجداً في مدينة طولكرم واصابت الكاهن جاك اماتيس بجروح بالغة الخطورة واصابت ست راهبات بجروح داخل الدير في بيت لحم، ودمرت تمثال السيدة مريم العذراء وقصفت بشدة محيط ساحة المهد. وفي طولكرم اقتحمت المسجد بعد قصفه. وتستمر اشتباكات عنيفة جداً في محيط ساحة كنيسة المهد التي يحاول الجيش الاسرائيلي اقتحامها وسط أوامر للمقاتلين الفلسطينيين بتسليم انفسهم. وارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين في بيت لحم حتى ساعات المساء الى اربعة جميعهم من المدنيين من بينهم أم وابنها وجنين ورجل كهل. وفي الوقت الذي تستعد فيه مئات الدبابات الاسرائيلية لاجتياح مدينتي نابلس وجنين، أحكمت القوات الاسرائيلية احتلالها لمدن طولكرم وقلقيلية وبيت لحم لتتعرض لنفس ما تعرضت له مدينتا رام الله والبيرة من دمار وقتل وحصار وتجويع وتخريب طاول حتى المؤسسات الثقافية. ونجحت اسرائيل في اشغال الصحافيين بأنفسهم وأمنهم بعدما تم حصارهم، شأنهم شأن مئات الآلاف من المواطنين في المدينتين، وكثفت اعتداءاتها وجرائمها ضد الانسانية في مختلف المدن الفلسطينية. واضطر المسؤولون في مستشفى رام الله الى حفر قبور لدفن جثث الشهداء الذين اكتظت بهم ثلاجات الموتى في الساحة الخلفية للمستشفى خوفاً من وقوع اوبئة صحية. وأمام مبنى مستشفى رام الله، اطلق الجنود النار باتجاه سيدة فلسطينية وأردوها قتيلة. وكانت وداد يحيى وصلت الى المستشفى لتبديل ضمادات جرح اصيبت به في وقت سابق، واصابت الرصاصة رقبتها فتوفيت على الفور. ووجهت الحكومة الاسرائيلية صفعة جديدة للمجتمع الدولي، إذ رفضت نداءاته كافة لرفع الحصار وسحب الجيش من المدن الفلسطينية وذلك عندما أرغمت ممثلي الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الامن الدولي على العودة على اعقابهم ورفضت السماح لهم بدخول رام الله والبيرة. وفي البلدة القديمة من مدينة رام الله، ارغمت قوات الاحتلال جميع الذكور الذين تراوح اعمارهم بين 16 و40 عاماً على التجمع خارج منازلهم وتركتهم على قارعة الطريق تحت المطر الغزير والاجواء العاصفة التي تعيشها المنطقة. وواصلت تلك القوات اهانتها المنهجية للفلسطينيين بإجبار المعتقلين على خلع ملابسهم و"الركوع" وهم معصوبو الأعين ومقيدو الأيدي. واعتقلت اسرائيل حتى مساء الاثنين 700 فلسطيني، وفقاً لمصادر الجيش الاسرائيلي من بينهم 50 من أفراد قوات الأمن الوطني والشرطة رحلوا إلى غزة. وأعلنت منظمة يهودية مسؤوليتها عن جريمة قتل مزدوجة بحق فلسطينيين كانا داخل سيارة شحن على طريق نابلس ولم تعرف هويتهما بعد، غير ان مصادر اسرائيلية قالت إن احدهما في العشرين من العمر والثاني الذي توفي متأثراً بجروحه في الاربعين. "حرب حقيقية على مقر قيادة الأمن الوقائي الفلسطيني" وفي المشارف الغربية لمدينة رام الله حيث التلة التي يقع فيها مقر قيادة جهاز الامن الوقائي الفلسطيني الذي صمم وشيد بمساعدة وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية سي اي ايه، بدأت مروحيات "أباتشي" وعشرات الدبابات الاسرائيلية بقصف مكثف على مجمع المقر الذي يضم 400 فلسطيني من بينهم 60 سيدة وفتاة يعملن في الجهاز واطفالهن الموجودين داخل الحضانة في المقر منذ الساعة الثالثة من فجر امس الثلثاء. وهزت القذائف والصواريخ التي تساقطت بشدة وكثافة على بنايات المجمع الذي اندلعت فيه النيران ودمرته بشكل شبه كامل، مدينتي رام الله والبيرة. وبقي المواطنون يسمعون دوي عشرات الانفجارات حتى الساعة السادسة والنصف صباحاً. وبعد مرور ساعات على اعلان رئيس الجهاز العقيد جبريل الرجوب عن التوصل عبر وساطة السي اي ايه عن وقف لاطلاق النار للسماح لطواقم الاسعاف باخلاء عدد كبير من الشهداء والجرحى، أعلن في الساعة الرابعة بتوقيت فلسطين عن بدء تنفيذ اتفاق "وقف اطلاق النار"، ولم يعرف بعد هل تم السماح لممثلي الصليب الأحمر والهلال الأحمر من الوصول الى الموقع او انقاذ الجرحى واخلاء القتلى. وقالت مصادر اسرائيلية ان الاتفاق شمل اخراج الموظفين وافراد الأمن الوقائي من المبنى والتحقق من أنهم من غير المطلوبين لدى اسرائيل. وقالت المصادر ذاتها ان الجيش سيحتجز هؤلاء لمدة 24 ساعة للتاكد من هذا الأمر. وكانت القوات الاسرائيلية احجمت في اجتياحاتها واعتداءاتها السابقة على المقار الأمنية الفلسطينية عن المساس بمقر قيادة الامن الوقائي الذي يترأسه الرجوب الذي يقود الاتصالات الفلسطينية مع ممثلي "سي اي ايه" والذي لم يشارك جهازه في أعمال المقاومة في الانتفاضة الفلسطينية. وتقول مصادر عسكرية اسرائيلية ان 35 من المقاتلين والمطلوبين الفلسطينيين لديها، من بينهم قياديون عسكريون في "كتائب عزالدين القسام" محتجزون في سجن المقر وتطالب بتسليمهم اليها. ونفى الرجوب من جانبه وجود أي من المطلوبين لديه، علماً أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية المختلفة اعتقلت عدداً كبيراً من الفلسطينيين. ويقول الجيش الاسرائيلي ان المعتقلين الفلسطينيين الذين يريد القبض عليهم يتوزعون بين مقر عرفات ومقر قيادة جهاز الأمن الوقائي. البرغوثي المطلوب الرقم واحد وبعد خمسة أيام من عمليات المطاردة الساخنة السرية لأمين سر اللجنة الحركية لتنظيم "فتح" التنظيم الرئيس في منظمة التحرير الفلسطينية، أعلن قائد ما يسمى بالمنطقة الوسطى في الجيش الاسرائيلي الجنرال يتسحاق ايتان ان اسرائيل تطارد البرغوثي وتعتبره "المطلوب الرئيس لها". وفشلت عمليات البحث المتواصلة التي تقوم بها قوات كبيرة من الجيش في الوصول الى البرغوثي الذي قلبت قريته ومسقط رأسه كوبر رأساً على عقب بحثاً عنه فيما اعتقل نحو 25 شخصاً من أفراد عائلته. وعلمت "الحياة" أن البرغوثي توارى عن الانظار قبل ايام عدة من الاجتياح الاسرائيلي ليقود المقاومة الفلسطينية سراً، وفقاً لما أكدته مصادر فلسطينية. ووصفت مصادر عسكرية إسرائيلية البرغوثي بأنه قائد كتائب الأقصى، الذراع العسكرية للحركة. وقالت إنه كثيراً ما يوصف بأنه "خليفة عرفات". وأعلنت مصادر عسكرية إسرائيلية أنها بصدد مطاردة واعتقال "الحلقة السياسية المحيطة بعرفات". ونقل عن ضابط اسرائيلي قوله إن "خطأنا الأكبر كان عندما احترمنا اكثر من اللازم بطاقة "شخصية مهمة جداً" مشيراً إلى أنه كان من المفروض ان نعتقلهم قبل ذلك بكثير. طواقم الصحافيين وباتت طواقم الإعلام القليلة التي تمكنت من البقاء في رام الله والبيرة أسيرة مكاتبها المتناثرة في المنطقة، وسجلت أحداث عدة لمن تجرأ من الصحافيين والمصورين من فلسطينيين وعرب وأجانب، وخرج لتغطية الأحداث المتسارعة. إذ أرغم الجنود الاسرائيليون أحد أفراد طاقم تصوير تلفزيون "ام بي سي" الى خلع ملابسه تحت المطر فيما تم تمريغ جسد مصور آخر بالوحل، ومنعا من تصوير مقر قيادة جهاز الأمن الوقائي في بيتونيا.