اعتقلت الشرطة العراقية يساندها جنود "التحالف"، عدداً من انصار الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر في كربلاء، بينهم مدير مكتبه، في حين تمكن انصاره من استعادة مقر لهم في البصرة. وأثارت عمليات التفتيش بمشاركة الكلاب البوليسية عند مداخل الوزارات غضب آلاف الموظفين العراقيين الذين انطلقوا أمس في احتجاج عفوي ندد بالاحتلال. أعلن ناطق باسم التحالف الاميركي - البريطاني امس ان الشرطة العراقية معززة بقوات التحالف اعتقلت عدداً من الذين كانوا تحصنوا في مسجد في كربلاء. وقال الكابتن ايفان مورغان انه بدأ استجواب المعتقلين لمعرفة ما اذا كانوا على علاقة بالزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر الذي انخرط عدد من أنصاره في مواجهة مع زعيم شيعي آخر معتدل. وفي ليل 13 الى 14 تشرين الاول اكتوبر حاول انصار الصدر السيطرة على ضريحي الامامين الحسين والعباس في كربلاء، غير ان انصار آية الله علي السيستاني منعوهم من ذلك. واعقبت ذلك مواجهات مسلحة اوقعت قتيلاً واحداً على الاقل و24 جريحاً. وأشار الى ان الشرطة العراقية وقوات حماية الاماكن المقدسة التي أسست حديثاً مدعومة من قوات التحالف "رصدت المجرمين في مسجد في كربلاء وحددت مهلة لهم لمغادرته. واستسلم هؤلاء بشكل سلمي حوالي منتصف الليل" من دون ان يحدد عددهم. وقال الكابتن مورغان: "نعرف انهم جزء من مجموعات اجرامية غير انه لا يمكننا تأكيد علاقتهم بالصدر. ولا يمكن التأكد من ذلك ما لم ينته التحقيق". وأكد مساعد للصدر ان المعتقلين من انصاره وبينهم الشيخ خالد الكاظومي رئيس مكتب الصدر في كربلاء. وقال الشيخ محمد الغاوي: "وصلت مروحيات اميركية واعتقلت انصار الصدر بمن فيهم رئيس مكتبه في كربلاء الذي تم اعتقاله في الوقت نفسه في بيته". وكان مسؤولو "التحالف" قالوا انهم يتابعون تحركات مقتدى الصدر الذي اعلن في الآونة الأخيرة عزمه على تأسيس حكومة موازية للحكومة التي عينها مجلس الحكم الانتقالي. واتهم الصدر الاميركيين بالعمل على تقسيم الشيعة، مشيراً إلى ان الولاياتالمتحدة تحمله مسؤولية الاضطرابات الأخيرة لاتخاذ ذلك مبرراً لاعتقاله. وفرضت قوات "التحالف" حظر تجول ليلي في كربلاء اثر صدامات الاسبوع الماضي. وتجددت الصدامات الجمعة عندما قتل ثلاثة جنود اميركيين في هجوم مسلح نسبه الجنود الاميركيون الى رجل الدين الشيعي محمود الحسني الذي لا يملك نفوذاً واسعاً في كربلاء. وفي المقابل تمكن نحو مئة من انصار الصدر امس من استعادة مقر كانت قوات الشرطة العراقية سيطرت عليه بمساعدة الجنود البريطانيين. وقال الشيخ مرتضى الحجاج معاون رئيس مكتب الصدر ان "القوات البريطانية كانت اقتحمت مكتب الصدر في قضاء شط العرب 3 كلم جنوبالبصرة اول من امس وطردت العاملين فيه ووضعت مكانهم عناصر من الشرطة العراقية من دون انذار سابق او وجه حق". وأضاف ان "تظاهرة انطلقت اليوم امس احتجاجا بمشاركة نحو مئة من انصار الصدر واتجهت الى المقر الذي استولت عليه الشرطة العراقية". وأوضح انه "ما ان رأى افراد الشرطة المتظاهرين حتى لاذوا بالفرار ما دفعنا الى اعادة السيطرة على مقرنا بصورة سلمية واعادة العاملين فيه". من جهته، اعتبر اية الله علي السيستاني ان حوادث كربلاء مردها الى "غياب سلطة مركزية فعالة" في العراق. وقال في بيان نشر في النجف ان "المصادمات المسلحة التي وقعت في كربلاء بين بعض المواطنين ومجموعات مسلحة وقعت بسبب غياب سلطة مركزية فعالة". واضاف ان هذه الحوادث حصلت "لأنه يوجد بين أيدي عناصر مخربة كميات كبيرة من الاسلحة". وأوضح البيان ان السيستاني ارسل مساعده حسين الشهرستاني الى كربلاء وتوصل الى "اتفاق لنزع الاسلحة كليا من محيط الاماكن المقدسة ... وانشاء لجنة لتطبيق هذه الاجراءات". وأشار البيان الى ان السيستاني "شدد مراراً خلال اجتماعاته مع اعضاء مجلس الحكم الانتقالي ومع مسؤولين آخرين على ضرورة اتخاذ اجراءات سريعة وفعالة من اجل جمع الاسلحة غير الشرعية ودعم الشرطة العراقية بعناصر كفؤة وتزويدها بتجهيزات تساعدها على القيام بمهمتها على اكمل وجه". واضاف: "لكن للأسف، فإن هذه الاجراءات لم تتخذ او لم يسمح بتبني اي من الاجراءات الضرورية"، وحذر من ان "مشاكل جديدة قد تندلع" في حال لم تطبق هذه الاجراءات. وأخيراً، اوضح البيان ان السيستاني "ليس طرفاً في أي نزاع قد يندلع هنا او هناك، وان رعايته الابوية تشمل جميع العراقيين". في هذا الوقت، اصيب جنديان اميركيان بجروح امس اثر تعرض رتل عسكري اميركي لانفجار عبوة ناسفة في الفلوجة. وقال شاهد: "بينما كان رتل عسكري اميركي يمر في الطريق العام في عامرية الفلوجة، انفجرت عبوة ناسفة تحت احدى العجلات ما ادى الى اصابة جنديين بجروح وتدمير احدى الشاحنات". واضاف ان "القوات الاميركية اغلقت الطريق العام على الفور ونقلت سيارة الجنديين الجريحين بينما وصلت تعزيزات عسكرية ومروحيتان الى مكان الحادث" وفي بغداد، أطلق جنود اميركيون أعيرة نارية فوق رؤوس آلاف الموظفين الذين احتشدوا امس بعدما سمعوا أن الاميركيين احتجزوا زميلة لهم لأنها رفضت أن يفتش كلب بوليسي حقيبة يدها التي تحتوي قرآناً. وقال صحافيون ان الجنود أطلقوا بضعة أعيرة في الهواء لتفريق الحشد الغاضب الذي تجمهر في مجمع يضم مباني حكومية بينها وزارات النفط والكهرباء والتجارة والري. ولم ترد أنباء عن اصابة أحد. وقالت سعدية أحمد المهندسة في وزارة النفط: "أحضر الى هنا منذ 27 عاماً ثم يجيئون الآن ليفتشونا بالكلاب. نحن مسلمون". وقال رجل ان الجنود قيدوا وثاق موظفة وأرغموها على أن تقف ساعة تحت الشمس لأنها رفضت تفتيشها باستخدام كلب بوليسي. وقال آخرون ان الموظفة كانت تحمل مصحفاً في حقيبتها لذا ازداد اصرارها على رفض السماح للكلب بتفتيشها. وتستخدم الكلاب البوليسية عادة في تفتيش الموظفين عند الوزارات كاجراء وقائي تحسباً لأي هجمات بقنابل أو عبوات ناسفة. وقالت زينب عاصم الموظفة في وزارة النفط انها حاولت التدخل عندما رفضت زميلتها المحجبة آمال كريم التفتيش. وتابعت: "طلبت منهم أن يتوقفوا فصفعتني جندية على وجهي. كل يوم تزج الكلاب بأنوفها داخل حقائبنا ويسيل لعابها على متعلقاتنا". وسرى نبأ الحادث كالنار في الهشيم بين الموظفين القادمين للعمل. وأخذ الحشد يهتف "تسقط أميركا" بينما لوح أحدهم بعلم عراقي. وأخذ الجمع يردد: "ارفعي رأسك عالياً... أنت عراقية". وعندما ظهر وزير النفط العراقي ابراهيم بحر العلوم على درجات سلم وزارته استقبله الحشد مردداً "ارجع ارجع يا عميل". وطالب المتظاهرون برحيل الجنود الاميركيين ليحل محلهم عناصر من الشرطة العراقية. وقالت زينب عصام: "سنتظاهر كل صباح حتى يغادر الجنود مدخل الوزارة". واستمرت النار مشتعلة امس في خطوط انابيب شمال العراق بعد يوم من هجوم بالمتفجرات. وقال المقدم محمد راشد الذي يعمل في قوة لحماية المنشآت انه وقع انفجار بعد ظهر الاثنين على بعد كيلومترات من مصفاة بيجي للنفط التي تبعد نحو 190 كيلومترا شمال بغداد.