تقول أوساط مطلعة في الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الولاياتالمتحدة إن العلاقة بين الحزبين تضررت جداً نتيجة تصعيد عضو مجلس الشيوخ الديموقراطي السناتور إدوارد كنيدي هجومه على الرئيس جورج بوش، واتهامه بأنه "يكذب المرة تلو المرة تلو المرة" دفاعاً عن سياسته في العراق، وقال إن "الأسباب التي قدمها بوش لإعلان الحرب تساقطت". جاء ذلك في خطاب لكنيدي أمس أمام مجلس الشيوخ عبّر فيه عن معارضته الطلب الذي تقدم به بوش لتخصيص 87 بليون دولار لدعم العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستانوالعراق وإعادة إعمار البلدين. وحصلت صحيفة "بوسطن غلوب" على نسخة من الخطاب قبل موعد إلقائه، واعتبرته دليلاً على مدى التدهور في العلاقة بين كنيدي والرئيس بوش بعد إقامة علاقة عمل متينة بينهما منذ وصول بوش إلى البيت الأبيض. وقالت إن استطلاعات الرأي تشير إلى أن الانتقادات الشديدة التي يوجهها كنيدي إلى بوش منذ تموز يوليو الماضي أدت إلى إضعاف شعبية الرئيس في الشارع الأميركي. وتجدر الإشارة إلى أن كنيدي صوّت في الكونغرس في آذار مارس الماضي ضد إعلان الحرب على العراق، وأعلن في أيلول سبتمبر أن الحرب مجرد "عملية تزوير كبيرة جرت في تكساس" في إشارة للرئيس ومساعديه في البيت الأبيض، ما دفع بوش إلى الرد عليه ووصف كلامه بأنه "غير حضاري". وقال السناتور الديموقراطي إن إدارة بوش "ما زالت ترفض مواجهة الحقيقة أو أن تقولها"، واتهم البيت الأبيض بتضليل الرأي العام في كل نواحي الحرب، ابتداء من كلفتها المالية، مروراً بدوافعها وانتهاء بنتائجها. وأضاف ان "البيت الأبيض في المقابل يرد بالتستر على الفشل ويحاول تسويق روايته المتفائلة للأحداث وترديدها بوتيرة متسارعة وصاخبة من دون أدنى حد من الاهتمام بالواقع على الأرض". وقال: "إن شباننا وشاباتنا في الجيش حاربوا ببسالة ومهنية عالية، لكن تبين أن حرب الرئيس جرت بلا تفكير وبلا حاجة وبلا إحساس وعشوائية". وأضاف: "إذ كان ينبغي ألا نذهب إلى العراق وألا تكون الحرب بالطريقة التي تمت بها وبالأسباب الكاذبة التي قدمت لنا". واعتبر توم ديلاي زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ أن كنيدي هبط في خطابه إلى "أدنى درك". وكان أندرو كارد رئيس ديوان الموظفين في البيت الأبيض اتصل بكنيدي عقب تعليقاته الشهر الماضي وعاتبه، معتبراً أن الهجوم على الرئيس كان "شخصياً". ويذهب بعض الجمهوريين إلى اعتبار هجوم كنيدي على الرئيس محاولة للتكفير عن ذنوبه القديمة تجاه الحزب الديموقراطي منذ كان يتعاون بشكل علني مع إدارة بوش، فالهجوم الحالي على بوش، وفقاً لهؤلاء، ليس إلا محاولة من كنيدي لاستعادة شعبيته داخل حزبه التي اهتزت نتيجة لذلك التعاون. ويشيرون إلى أن علاقة الصداقة عندما كانت في أوجها بين الرجلين وصلت إلى مستوى عال من الحميمية إلى درجة أن كنيدي كان يصطحب أفراد أسرته إلى البيت الأبيض لمشاهدة الأفلام السينمائية مع الرئيس وأفراد عائلته، وعربونا لهذه الصداقة أطلق بوش اسم روبرت كنيدي، شقيق إدوارد الذي اغتاله سرحان بشارة سرحان عام 1968، على مقر وزارة العدل في واشنطن. ويقول الجمهوريون إن سبب التدهور في العلاقة ليس الحرب على العراق، إنما تراجع إدارة بوش عن الدعم الذي وعد به الرئيس لموازنة التربية والتعليم والحملة التي تبناها كل منهما تحت شعار "لا طفل خارج موازنة التعليم". ورداً على سؤال عن هجوم كنيدي على بوش، قال الناطق باسم البيت الأبيض ترينت دافي ان "العالم اليوم بلا شك أكثر أمنا بسبب الحرب التي خضناها في العراق، لأن أحداث 11 أيلول علمتنا أننا بحاجة لمواجهة الأخطار قبل أن تصل إلى شواطئنا". لكن كنيدي في خطابه يقول: "الجميع يعرف أن العراق لم يكن مفقسة حاضنة للإرهاب، لكن حملتنا عليه جعلته هكذا". وأضاف: "قالوا للشعب الأميركي إن صدام كان ينتج أسلحة نووية، ولم يكن. أبلغونا أنه يكدس أسلحة الدمار الشامل، ولم يكن. قالوا لنا إنه كان متورطاً في هجمات 11 أيلول، في حين لم يكن. وقالوا لنا إن العراق يجتذب الإرهابيين من تنظيم القاعدة، ولم يكن. وقالوا لنا إن جنودنا سينظر إليهم كمحررين، وهذا لم يحصل. وقالوا لنا إن العراق سيكون قادراً على إعادة بناء نفسه بنفسه، في حين أنه ليس قادرا على ذلك. وقالوا لنا إن الحرب ستجعل أميركا أكثر أمناً. وهذا أيضاً غير صحيح".