غدا كشف ملفات نهب روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أمراً طبيعياً، اذ لا يكاد يمر يوم من دون الاعلان عن قضية فساد، وثمة قاسمان مشتركان بين معظمها هما زمانها وابطالها. ففي حين ان تفاصيل اكثر القضايا بدأت مطلع التسعينات فإن اللافت ان أهم رموزها حملوا جنسيتين: واحدة روسية والأخرى... اسرائيلية. آخر القضايا تفجرت قبل أيام عندما أعلن عن اعتقال نائب رئيس بورصة الماس في اسرائيل ابراهام تراوب، وقد احتجزته السلطات الهنغارية في أحد الفنادق الراقية وسط بودابست بطلب من النيابة العامة الروسية. وتتهم موسكو رجل الاعمال الاسرائيلي الروسي بالتورط في عمليات تهريب الماس الخام الى اسرائيل. كان تراوب، الذي يعد من أبرز الشخصيات العاملة في مجال صناعة الماس، بدأ نشاطاً واسعاً في موسكو منذ مطلع التسعينات، وأسس شركات عدة عقدت صفقات بريئة المظهر مع واحدة من كبريات شركات الماس الروسية، وكان يمكن لنشاطه ان يبقى مستتراً لولا المصادفة، اذ اتجهت أنظار المحقق الروسي رسلان تامايف الى شركة "تالماس ال تي دي" التي يملكها تراوب عندما دلت التحقيقات الى ان الشركة التي يبلغ رأس مالها نحو ثمانية ملايين دولار انفقت زهاء ثلاثة ملايين على شكل "هدايا"، ودفع هذا الكشف المحقق الروسي الى فتح ملف نشاط رجل الماس الاسرائيلي في روسيا. واللافت ان وسائل الاعلام الروسية التي "تغض الطرف" عادة عن نشاط الاسرائيليين في روسيا لئلا تتهم باللاسامية اضطرت هذه المرة الى كشف تفاصيل عن نشاط تراوب. وقال مصدر أمني ان "الأمر زاد عن حده"، اذ اظهرت التحقيقات في قضايا الفساد تورط حملة الجنسيتين الاسرائيلية والروسية. وأضاف المصدر ان كثيرين من رجال الاعمال الروس "يعودون" الى اسرائيل من اجل الحصول على جنسيتها التي توفر لحاملها حصانة. واشار الى حادثة اخرى تزامنت مع الضجة التي اثيرت حول نشاط تراوب، فقد أعلن عن طلب تقدم به واحد من "حيتان المال" الروس هو ليونيد نيفزلين للحصول على جواز سفر اسرائيلي. وذكرت مصادر اعلامية انه قرر الافادة من قانون "العودة" الاسرائيلي لتسهيل طلبه. لكن ذلك تزامن مع تحقيقات للسلطات الروسية حالياً في نشاط شركة "يوكوس" النفطية التي يعد نيفزلين أحد أكبر المساهمين فيها، وهو يعتبر الذراع اليمنى للبليونير اليهودي ميخائيل خودوركوفسكي الذي ساءت علاقته بالكرملين. ورأت مصادر اعلامية روسية ان ظاهرة لجوء شخصيات جمعت ثروات باهظة خلال فترة قياسية الى اسرائيل، لم تعد تلفت الأنظار.ونشرت صحيفة "غازيتا" الروسية "قائمة سوداء" ضمت اسماء أبرز حيتان المال وزعماء تشكيلات الجريمة المنظمة الذين فروا الى اسرائيل، وبينهم بوريس بيريزوفسكي وفلاديمير غوسينسكي صاحبا أكبر نفوذ خلال عهد الرئيس السابق بوريس يلتسن وكذلك غيورغي ليرنير وميخائيل تشورني وسيرغي ميخائيليوف وهم من زعماء "المافيا" الروسية قبل انتقالهم الى "وطنهم" الجديد.