كأس العالم للرياضات الإلكترونية يضم "FATALFURY" إلى قائمة بطولات الأندية لنسخة 2025    «حصوة وكرة غولف» في بطنك !    لأول مرة.. مبيعات التجارة الإلكترونية عبر «مدى» تتجاوز 1.000.000.000 عملية    أمانة المدينة تدشّن نفق تقاطع سعد بن خيثمة مع "الدائري الأوسط"    أدريان ميرونك يتصدر منافسات الأفراد في أول أيام بطولة "ليف جولف الرياض"    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    ما العلاقة بين لقاحات كورونا وصحة القلب ؟    أضرار الأشعة فوق البنفسجية من النافذة    لصوص النت.. مجرمون بلا أقنعة    «مجمع الملك سلمان» مسمى منطقة صناعة السيارات في مدينة الملك عبدالله    إنترميلان يسقط بثلاثية أمام فيورنتينا بالدوري الإيطالي    أرض الحضارات    «قيصر» السوري يكشف عن هويته بعد أعوام من تسريب صور التعذيب    ترمب يوقع أمراً تنفيذياً يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية    الأردن: إخلاء 68 شخصاً حاصرهم الغبار في «معان»    سبق تشخيصه ب«اضطراب ثنائي القطب».. مغني راب أمريكي يعلن إصابته ب«التوحد»    دور وزارة الثقافة في وطن اقرأ    يا بخت من زار وخفف    لماذا لا يجب اتباع سنة الأنبياء بالحروب..!    العالم الصلب تسيل قواه.. والمستقبل سؤال كبير !    فقط في المملكة العربية السعودية !    لا تحسد الثور على كُبر عيونه    كيف كنا وكيف أصبحنا    أمانة القصيم تُقيم برنامجًا في الإسعافات الأولية مع هيئة الهلال الأحمر    وكيل وزارة الداخلية يرأس اجتماع وكلاء إمارات المناطق    خلال مشاركتها في مؤتمر ليب 2025.. «السعودية الرقمية».. بوابة الابتكار الحكومي للعالم    القادسية يتغلّب على الرائد بثنائية في دوري روشن للمحترفين    خادم الحرمين وولي العهد يعزّيان رئيس الجزائر في وفاة رئيس الحكومة الأسبق    «أخضر 20» يخسر ودية إيران    "الرياض للجولف" يحتضن أبرز البطولات العالمية للرجال والسيدات    الملك وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    جسر حضاري يربط المملكة بالعالم    العلي يقدم قراءات ونماذج في أدب السيرة    الصناعات الثقافية والإبداعية ومستهدفات التحول الوطني    مصر: سنعمل مع الشركاء لإعادة إعمار غزة دون مغادرة الفلسطينيين لأرضهم    تفقد المرافق العدلية في الأحساء.. الصمعاني: خدمة المستفيدين أولوية    الحميدي الرخيص في ذمة الله    نيمار: سأرد على جيسوس في الملعب    وزارة الرياضة تعلن فوز مصرف الإنماء بعقد استثمار حقوق تسمية ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة    ولي العهد يطلق تسمية "مجمع الملك سلمان" على منطقة صناعة السيارات بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية    القتل تعزيراً لمهرب الإمفيتامين في مكة    تغيير مسمى ملعب الجوهرة إلى ملعب الإنماء حتى عام 2029م بعد فوز المصرف بعقد الاستثمار    ثبات محمد بن سلمان    «8» سنوات للأمير سعود في خدمة المدينة المنورة    الرديني يحتفل بعقد قران نجله ساهر    لبلب شبهها ب «جعفر العمدة».. امرأة تقاضي زوجها    رعي الحفل الختامي لمسابقة التحفيظ .. أمير الرياض: القيادة تهتم بالقرآن الكريم وحفظته والقائمين عليه    النزاهة مفهوم عصري    مفتي عام المملكة يستقبل المشرف على وحدة التوعية الفكرية بجامعة الملك فيصل    آدم ينير منزل شريف    الشريف والمزين يزفان محمد    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    محمود عباس: مواقف السعودية شجاعة ومشرفة    سبعة مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى عالميًا    قاعدة: الأصل براءة الذمة    ألما يعرض 30 عملا للفنانة وفاء الشهراني    خادم الحرمين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية والرئيس الألماني    الرئيس السوري أحمد الشرع يغادر جدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زيارة لذاكرة الأمين العام لحركة "الجهاد الإسلامي في فلسطين". شلح : لم نؤيد قتل المدنيين في 11 أيلول وشعرت بالشماتة والشفقة قرأ الظواهري حديثي عن اليهود في "الوسط" فبعث إلي برسالة عتاب 3
نشر في الحياة يوم 09 - 01 - 2003

حظ الفلسطينيين سيئ أصلاً. وتضاعف سوء الحظ مع هجمات 11 أيلول سبتمبر 2001 ووجود ارييل شارون في السلطة. وحتى قبل "الضربات المباركة" التي وجهها أسامة بن لادن إلى برجي مركز التجارة العالمي والبنتاغون، كانت الانتفاضة الفلسطينية الحالية تحولت حرباً مفتوحة. ربما لم يستطع الإسلاميون الفلسطينيون العودة فور وقوع 11 أيلول من هذه الحرب. وغالب الظن أنهم لم يريدوا، فالحرب المفتوحة على مصراعيها جزء من برنامجهم حتى زوال الاحتلال، وافتراق حساباتهم عن حسابات السلطة الفلسطينية ليس تفصيلاً ولا سراً.
كان الدكتور رمضان عبدالله شلّح الأمين العام ل"الجهاد الإسلامي" يتحدث عن 11 أيلول حين تزاحمت في ذهني صور كثيرة. قليلة جداً الأماكن التي تجرؤ على استضافة هذا الرجل، وقليلة جداً المطارات التي يستطيع دخولها. العالم يضيق من حوله. صحيح أن كثيرين من الفلسطينيين والعرب يصفقون لدوي العمليات الاستشهادية. لكن الصحيح أيضاً أن هناك من يحمل هذه العمليات مسؤولية دفع الرأي العام الإسرائيلي نحو المزيد من التشدد ومسؤولية اعطاء إسرائيل فرصة شطب السلطة الفلسطينية.
كان الحوار مع الأمين العام ل"الجهاد" ممتعاً. فالرجل الذي جاء من غزة ودرس في مصر ثم بريطانيا وأقام في الولايات المتحدة موصول بحقائق اليوم وإن اختلفت أحياناً قراءته لها عن قراءة زائره. لا يستهل الحوار بالاشارة إلى المناطق المحظورة ولا ينفعل إذا تضمن السؤال اتهاماً. وحين تتعذر عليه الاجابة عن سؤال يصارحك بمخاطر الاجابة على الحركة أو عدد من أعضائها.
سألته عن 11 أيلول وموقفه من قتل المدنيين هناك؟ وعن علاقته بأسامة بن لادن ومساعده زعيم "الجهاد" المصري الدكتور أيمن الظواهري. قال إنه لم يؤيد قتل المدنيين في 11 أيلول، وان لم يلتق بن لادن أو الظواهري، لكنه كشف أن زعيم "الجهاد" المصري قرأ في 1996 حديثاً له نشرته الشقيقة "الوسط" فبعث إليه برسالة لوم وعتب على موقفه من اليهود المقيمين في فلسطين.
سألته عن السيارة التي كانت مفخخة ب600 كيلوغرام من المتفجرات ومعدة للتفجير في هدف غير مدني في حيفا. فرد بحذر قائلاً: "ادركت حكمة الله في تعطيل هذه العملية". وكان لا بد لي من العودة إلى آخرين لمعرفة بعض التفاصيل عن هذه العملية التي كان من شأن نجاحها أن يسبب شهر أيلول فلسطينياً وحرباً اقليمية، كما قال شمعون بيريز. وهنا نص الحلقة الثالثة:
أين كنت في 11 أيلول عندما ضرب مركز التجارة العالمي والبنتاغون؟ ومن أخبرك بوقوع العمليات؟
- كنت في البيت أجلس في غرفة مكتبي. والذي أخبرني بذلك زوجتي.
ماذا كان شعورك ورد فعلك الأول؟
- في البداية ظننت أن اصطدام الطائرة الأولى مجرد حادث عرضي، ولكن عندما حدثت الثانية قلت حتماً هذا عمل مدبر، ثم بدأت القصة تتطور. في الحقيقة أنني أصبت بالذهول، وبدأت الاتصالات تتوالى من الأصدقاء والإخوان. الجميع يسأل من بتقديرك يفعل هذا؟ وكان هذا السؤال هو مصدر دهشتي وحيرتي ولم تكن لدي اجابة.
هل توقعت أن يكون الفاعلون مسلمين؟
- في البداية استبعدت الأمر وتذكرت حادثة أوكلاهوما وكيف اتهم الإعلام المسلمين، وكنت في أميركا يومها، ثم تبين أن الفاعل أميركي مسيحي. ولم يتحدث أحد عن "الإرهاب المسيحي" كما يتحدثون عن "الإرهاب الإسلامي".
ما هو شعورك كأمين عام ل"الجهاد" يومها بصراحة؟
- كان شعوراً مختلطاً من الشماتة بالإدارة الأميركية ومن الإشفاق على حالنا كعرب وكمسلمين إذا كان الفاعل مسلماً.
هل تدين هذا العمل؟
- لقد دانته الغالبية العظمى من علماء المسلمين وقادة الرأي والفكر في العالم العربي والإسلامي، ولكن في المقابل هل تدين الإدارة الأميركية جرائم العدو الصهيوني التي ترتكب بحق شعبنا في فلسطين. بالعكس العدو الصهيوني يأخذ الضوء الأخضر من الإدارة الأميركية.
أنت شخصياً هل توافق على قتل مدنيين في الولايات المتحدة كما حدث؟
- طبعاً لا أوافق. ونحن في حركة "الجهاد" أعلنا هذا الموقف. لأن موقف الولايات المتحدة المعادي لشعبنا وأمتنا لا يكفي كمسوغ شرعي وأخلاقي لقتل الناس الأبرياء بهذه الطريقة، وإلا فإننا سنجد أنفسنا في حرب مع العالم كله.
لماذا تسمحون لأنفسكم بقتل المدنيين في إسرائيل؟
- الأمر في صراعنا مع إسرائيل مختلف. أولاً، ان مجرد وجود الإسرائيلي أو الصهيوني على أرض فلسطين، وهي أرض مغتصبة، هو استمرار للعدوان الذي وقع علينا بإقامة هذا الكيان على أنقاض شعب اقتلع من أرضه وقذف به في الشتات. ثانياً، الكيان الإسرائيلي كيان صغير وليس فيه مدني وعسكري بمثل هذه التفرقة. المجتمع الإسرائيلي ثكنة عسكرية والرجال والنساء يخدمون في الجيش. على رغم ذلك نحن لا نستهدف المدنيين في كل الظروف، نحن نرد على قتلهم للمدنيين من شعبنا على قاعدة المعاملة بالمثل "فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم". وفي كل الأحوال نحن لا نستهدف الأطفال لأنهم غير مكلفين وغير كاملي الأهلية، ربما عندما يكبرون يختارون الهجرة أو الرحيل عن أرضنا. ولكن إذا وقعت اصابات في الأطفال فهذه حرب وهم يستهدفون أطفالنا. ونسبة كبيرة من شهداء الانتفاضة هم من الأطفال بعضهم لا يتجاوز عمره شهوراً.
هل تعتقد أن الغرب اليوم متدين ويتصرف بمرجعية الكتاب المقدس؟
- هناك هوس في الغرب اليوم. و"الأصولية" تجتاح الغرب أكثر مما هي في بلادنا، ولكن لا أحد يتحدث عنها. الجميع مشغول بالحرب على ما يسمى "الأصولية الإسلامية". الصهيونية - المسيحية في أميركا أتباعها أكثر من 60 مليوناً. ورؤساء الولايات المتحدة مثل ريغان وبوش الأب وبوش الإبن هم من أتباع المسيحية - الصهيونية وإلا لماذا يتحدث بوش الإبن عن "الحرب الصليبية" هل هي زلة لسان؟ من يقول زلة لسان أو من تنطلي عليه هذه الكذبة لا يعرف شيئاً عن الغرب ولا أميركا.
في الغرب يقولون إن مصطلح Crusade له مدلول مختلف عن مدلول "الحرب الصليبية" في العربية؟
- تسمية "الحرب الصليبية" اختراع غربي أصلاً. نحن لم نسمها كذلك. المؤرخون المسلمون سموّها حروب الفرنجة. والقصة ليست بحاجة إلى طول شرح ومعاجم وقواميس، لأن الحاصل اليوم أسوأ من الحرب الصليبية. لماذا؟ لأن الحرب الصليبية يومها استنفرت الغرب تحت راية الصليب "لاسترجاع الأرض المقدسة" يعني أرض فلسطين.
اليوم الأرض المقدسة فلسطين في قبضتهم، وبوش يقرع طبول الحرب للمحافظة على الأرض المقدسة تحت نجمة داود، يعني تحت رمز ديني يهودي. وبوش وشارون وأمثال هؤلاء مصابون اليوم بهوس وهستيريا العداء للإسلام والعرب لأنهم مصابون بجنون العظمة. بوش مريض، وشارون مريض بجنون العظمة، ومكانهما يجب أن يكون في المصحات النفسية. وليس عجيباً أن يصاب فرد أو زعيم بهذا المرض، ولكن هل يمكن أن تصاب الجماعات والأمم بجنون العظمة؟ الغرب يقول إن هتلر كان مصاباً بجنون العظمة، إلى أين أخذ الأمة الألمانية؟ وإلى أين أخذ العالم؟! إلى الحرب العالمية. الفريق الجالس في البيت الأبيض اليوم كله مريض ومصاب بجنون العظمة، ولكن هل يمكن أن تصاب الأمة الأميركية بجنون العظمة؟ للأسف نعم. وهذه هي حال أميركا في السياسة الدولية فإلى أين ذاهبة بالعالم؟
إلى الحرب؟
- نعم، إلى الحرب، وليس الحرب على العراق فقط، بل الحرب على العالم.
ألا تعتقد بأن بن لادن أعطاهم السبب لهذه الحرب في هجمات 11 أيلول؟
- أنا أعتقد بأن الإدارة الأميركية كانت فعلاً تبحث عن ذريعة لإعلان الحرب على الإسلام والعالم تحت عنوان "مكافحة الإرهاب" ووجدت في أحداث 11/9 ضالتها المنشودة.
هل التقيت أسامة بن لادن؟
- لا.
هل هناك اتصال أو تعاون بينكم وبين "القاعدة"؟
- أيضاً لا. نحن تنظيم فلسطيني يقاتل الاحتلال الصهيوني في فلسطين.
لم تنفذوا أي عمليات خارج فلسطين؟
- أبداً.
لكن بعد اغتيال الشقاقي هددتم بضرب اليهود في كل مكان في العالم؟
- هذا الخطاب كان متأثراً باللحظة القاسية والضربة المفجعة التي تلقتها الحركة باغتيال أمينها العام. ولكن عملياً بقيت الحركة ملتزمة استراتيجيتها وسياستها بحصر عملياتها داخل فلسطين.
يقال إن هذا كان قرارك أنت ورغبتك كأمين عام جديد للحركة؟
- في ظل الأمين العام السابق أيضاً لم تنفذ الحركة عمليات في الخارج، وسياسة الحركة لا يرسمها فرد بعينه. القرار كان قرار الحركة كلها.
غريب أن ليست لديك عقدة الزعيم السابق والمؤسس للحركة كما هي العادة في الساحة الفلسطينية والسياسة العربية، وتتحدث عن الشقاقي بارتياح؟
- أنا فخور بأنني تلميذ للشقاقي رحمه الله.
تلميذ؟
- نعم، تلميذ. ولولا خشيتي من أن أبدو كمن يمدح نفسه لقلت لك تلميذ نجيب. وأقصد انني نجيب في التزام خط الشقاقي والوفاء له ولمشروعه، وهو وفاء للشهداء وللإسلام.
هل التقيت أيمن الظواهري؟
- لا لم ألتقه.
ألا تعرفه؟
- أعرف عنه.
الظواهري كان على علاقة بالشقاقي، ألم يتصل بك من بعده؟
- أولاً من أين جئت بعلاقة الشقاقي والظواهري؟
علاقة "الجهاد" بالجماعات الإسلامية ك"الجهاد" المصري و"الجماعة الإسلامية" معروفة. وكثيرون ممن كانوا في هذه الجماعات تحدثوا في الإعلام عن علاقة الشقاقي بهم وبأيمن الظواهري؟
- أنا سأوضح هذه المسألة، لكن دعني أعد لسؤالك إن كان هناك اتصال حدث بيني وبين الظواهري أم لا. أولاً الدكتور أيمن الظواهري شخصية إسلامية معروفة ومن المؤسسين لتنظيم "الجهاد" المصري وله اجتهاده الخاص الذي يعرفه الجميع الآن. وقد سبق أن أرسل إليّ رسالة يعلق فيها على حوار صحافي أجرته معي عام 1996 مجلة "الوسط" ولم أرد على تلك الرسالة.
لماذا؟
- هو كان يعترض على كلام قلته في الحوار مفاده أن معركتنا مع اليهود ليست لأنهم يهود بل لأنهم احتلوا أرضنا. لم يعجبه هذا الكلام وتحدث عن العداوة بين اليهود والمسلمين على أساس ديني فلم أرد أن أدخل معه في سجال وجدل حول هذا الموضوع.
ولكن بقيت العلاقة مع آخرين من "الجهاد" المصري؟
- بالنسبة إلى "الجهاد" المصري أو الجماعة الإسلامية سواء في مصر أو الجزائر أو غيره، نعم هناك علاقات كان هدفها التناصح مع هؤلاء الأخوة ولكن بعد ذلك انقطعت.
متى؟
- بعد استشهاد الدكتور فتحي الشقاقي.
لماذا؟
- بصراحة لأن المراجعات التي أجراها الأخوة في هذه الجماعات في مصر عام 2002 نحن سبقناهم إليها منذ سنوات، وإن كانت بالنسبة إلينا ليست مراجعات لأننا لم نكن نؤمن بنهجهم في ممارسة العنف داخل البيت، ولكن المراجعة عندنا كانت حول جدوى استمرار التواصل معهم. لأننا حتى قبل استشهاد الدكتور فتحي هناك من كان يعترض على هذه العلاقة أو يشعر بعدم جدواها.
وأنت كنت من هؤلاء المعترضين؟
- أنا وغيري.
لذلك حُسم الأمر بعدما أصبحت سلطة القرار في يدك؟
- ليست لدينا سلطة. هي مسؤولية وأمانة. والمسألة لم تكن شخصية، هناك قناعة فكرية لدينا بالموضوع. نحن لا نؤمن بالعنف الذي مارسته تلك الجماعات، لا ضد الأنظمة ولا ضد المجتمع الأهلي وفئاته. ماذا يفيد الإسلام قتل السياح الأجانب أو قتل كاتب أو صحافي أو شرطي غلبان؟
العنف الوحيد المشروع من وجهة نظرنا هو العنف ضد الاحتلال الأجنبي وهو ما نمارسه في فلسطين. لأن لا أحد في العالم يستطيع أن يقول أن مقاومة الاحتلال هي استخدام غير عادل للقوة ويلحق الأذى والضرر بالآخرين… إلا أمريكا وإسرائيل طبعاً. الاستخدام الوحيد العادل للقوة في عالمنا العربي والإسلامي من وجهة نظرنا هو ما يفعله المجاهدون والمقاومون في فلسطين.
متى كانت أول عملية عسكرية ل"الجهاد الإسلامي"؟
- "الجهاد" بدأت تعد للعمل العسكري منذ بداية الثمانينات. لكن العمليات بدأت من عام 1984 وتكثفت عام 1985، وكانت عبارة عن كمائن وإطلاق نار ضد جيش الاحتلال. لذلك عندما اعتقل الدكتور فتحي في 2/3/1986 كان هذا على خلفية اعتقالات لشباب من الجهاز العسكري كانوا قبل أسبوعين من هذا التاريخ قد نفذوا هجوماً في ميدان فلسطين بغزة على تجمع للجنود الصهاينة بالقنابل والأسلحة الرشاشة. وقد كشفت اعتقالات المجاهدين يومها على تنفيذ عمليات منذ عام 1984، ثم جاءت عمليات الطعن الشهيرة التي نفذها مجاهدو "الجهاد" وأبرزهم المجاهد خالد الجعيدي الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد.
هل تعتبر "الجهاد" نفسها أول من بدأ العمل العسكري في الحركة الإسلامية الفلسطينية؟
- هذه حقيقة. ونحن لسنا في مجال التباهي لنعدد أولاً وثانياً، لأن قائمة السبق لحركة "الجهاد" طويلة. فهي أول من نفذ عملية استشهادية، وأول من نفذ عملية استشهادية مزدوجة في بيت ليد، وأول من نفذ عملية استشهادية في الانتفاضة الحالية، الشهيد نبيل العرعير في 26/10/2000، وأول من نفذ عملية تفجير بسيارة مفخخة داخل الخط الأخضر في الانتفاضة الحالية في 2/11/2000، التي قتلت فيها ابنة اسحق ليفي، رئيس حزب المفدال مع آخرين. ولو أردت أن أعدد فالقائمة تطول لكن المجال لا يتسع.
لكن "الجهاد الإسلامي" ليست أول من نفذ عملية استشهادية تقوم بها امرأة؟
- الحقيقة من حيث المبادرة لعملية استشهادية تنفذها امرأة ف"الجهاد الإسلامي" كان لها سبق أيضاً عام 1987 عندما اعتقل الصهاينة الأخت المجاهدة عطاف عليان من "سرايا الجهاد" يومها بتهمة التخطيط لعملية استشهادية تستهدف مباني الحكومة الإسرائيلية في القدس، وحكمت الأخت عطاف على إثر ذلك وأمضت في السجن حوالى 13 سنة. أما من حيث التنفيذ، نعم فأول عملية استشهادية لإمرأة كانت من تخطيط الأخوة في حركة "فتح - كتائب شهداء الأقصى"، في عملية الاستشهادية وفاء إدريس بالقدس.
هناك نقطة دعنا نتوقف عندها. "سرايا الجهاد" هل هي نفسها "سرايا القدس
- لا. "سرايا الجهاد" كانت عبارة عن إطار تحالف بين حركة "الجهاد الإسلامي" وبين أخوة آخرين بعضهم إسلاميون في "فتح" وبعضهم خارجها. لكن الجهد الأساسي كان فيه لمجموعتين، "الجهاد" من جهة ومجموعة إسلامية في "فتح" كانت مقربة فكرياً من الأستاذ منير شفيق من جهة أخرى، وشفيق مفكر إسلامي فلسطيني كنا نطبع كتبه في فلسطين، وكان أبرز الاخوة الشهيد أبو حسن قاسم محمد البحيص، والشهيد باسم التميمي حمدي اللذين اغتالهما الموساد في ليماسول - قبرص في شباط فبراير 1988، وكان معهما الشهيد مروان كيالي. و"سرايا الجهاد" نفذت عمليات ناجحة عدة كان أشهرها عملية حائط البراق في 15/10/1986 التي نفذها المجاهدان الأخوان طارق وعبدالناصر الحليس، وكانت هجوماً بالقنابل والرشاشات على وحدة جنود من لواء قفعاتي في الجيش الإسرائيلي عند حائط البراق قرب باب المغاربة.
يعني شهداء ليماسول لم يكونوا يعملون مع "أبو جهاد" لمصلحة "فتح"؟
- رسمياً، كانوا في "فتح" في القطاع الغربي. لكن ولاءهم ومشروعهم وعملهم كانت في إطار "سرايا الجهاد" بالشراكة مع "الجهاد الإسلامي". والسرايا في بيان عملية حائط البراق أو باب المغاربة قالت إنها غير مرتبطة بأي طرف غير إسلامي على الساحة الفلسطينية.
الوضع بالنسبة إلى "سرايا القدس" مختلف، فهذا الاسم أطلق على الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي" منذ بداية الانتفاضة الراهنة، ف"سرايا القدس" تابعة بالكامل لحركة "الجهاد".
وماذا كان اسم الجناح العسكري قبل "سرايا القدس
- كان اسمه "القوى الإسلامية المجاهدة" ويعرف اختصاراً باسم "قسم". لكننا لاحظنا أن خلطاً يحدث أحياناً بين اسم قسم والقسام في الصحافة العبرية والانكليزية، إضافة ان الاسم ليس مميزاً حتى يحفظ ويتداول بسهولة فتم تغييره إلى اسم "سرايا القدس".
هل نفهم من قصة عطاف عليان أن حركة "الجهاد" ليس لديها مانع لإرسال بنات لتنفيذ عمليات استشهادية؟
- من حيث المبدأ أو الحكم الشرعي ليس لدينا مانع. لكن لنا تحفظات تتعلق بالوضع الاجتماعي والإنساني وطبيعة مجتمعنا وظروف العمليات. يعني أنت عندما ترسل شاباً لتنفيذ عملية استشهادية يمكن أن يكتشف في الطريق ويعتقل. نحن لسنا بحاجة إلى إرسال فتاة إلى المعتقل، وما يمكن أن تتعرض له من ضغوط في تجربة الاعتقال. كذلك الشاب قد يحدث معه خلل فني فتنفجر فيه العبوة قبل أن يصل إلى الهدف، لو حدث هذا مع فتاة فقد يفتح باباً للقيل والقال ويسبب إحراجاً لنا ولعائلة الشهيدة. وقد حاول العدو أن يلعب هذه اللعبة، لكنه لم يفلح، وتبقى الاستشهاديات فخراً لهذا الشعب وتاج رأسنا ورأس أمتنا.
إذا بادر أحد شباب "الجهاد" في الداخل بإرسال فتاة لتنفيذ عملية استشهادية هل توقفه؟
- إذا استشارني فلا بد من أن أعرف الظروف وبناء عليها أقرر.
يعني الجناح العسكري لا يأخذ قراره من الأمين العام؟
- في الاستراتيجيا الأمين العام هو المرجعية العليا للحركة. في التفاصيل الأمر متروك للجناح العسكري فهو الذي يقرر حسب ظروفه.
في 5/9 من العام الماضي، "الجهاد الإسلامي" أرسل سيارة مفخخة ب600 كيلوغرام متفجرات لتفجيرها في حيفا، حسب المصادر الإسرائيلية، لكن إسرائيل ضبطتها وشمعون بيرز قال لو نجحت العملية لنشبت حرب في المنطقة. ماذا كان الهدف؟ وهل كانت الجهاد تريد أن تصنع 11 أيلول اقليمياً؟
- حسب كلام الإسرائيليين، يبدو أن السيارة كانت ذاهبة لتفجير مبنى في حيفا. وإذا صح هذا الهدف فالإسرائيليون هم الذين بدأوا بسياسة تدمير البيوت، وبخاصة بيوت الاستشهاديين.
لكنهم يفجرونها بعد إخلاء أهلها وسكانها؟
- في غزة، عندما اغتالوا الشهيد صلاح شحادة، قصفوا حياً سكنياً بطائرات "اف 16" ومسحوا بيوتاً وسووها بالأرض فوق رؤوس السكان.
يعني لو وصلت السيارة وفجرت مبنى سكنياً فيه مدنيون، كنت ستفرح لأن "الجهاد" نفذ عملية كبيرة كهذه؟
- أنا لا أفرح لقتل أي إنسان. وعندما اكتشفت السيارة وفجرت ورأيت المنظر على التلفزيون الإسرائيلي تنفست الصعداء وأدركت حكمة الله في تعطيل هذه العملية.
ماذا تقصد؟
- أقصد أن جهادنا ليس أعمى ولا نجهل ماذا يدور في العالم حولنا، لكن فظاعة وبشاعة ما يقوم به الإسرائيليون هو الذي دفع الشباب إلى التفكير بهذا المستوى.
غداً حلقة رابعة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.