لندن، باريس - "الحياة"، رويترز، أ ف ب - قال اقتصاديون ان استمرار ارتفاع اسعار النفط، نتيجة عوامل عدة من بينها استمرار اضراب فنزويلا وتوقعات شن الولاياتالمتحدة حرباً على العراق وموجة البرد المتوقعة في الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الاوربية، سيشكل ضربة قاسية للاقتصاد العالمي الذي يمر بظروف صعبة تهدد بانحداره في الركود. وبدأت اسعار النفط ارتفاعها منذ اسابيع تحت تأثير ازمتي العراقوفنزويلا واستمرت في الارتفاع الاسبوع الماضي على رغم اعلان منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك انها قادرة على زيادة انتاجها. وتعاني اليابان ومنطقة اليورو من شبه ركود يصعب تكهن نهايته، في حين ترسل بيانات الاقتصاد الاميركي اشارات متناقضة، في انتظار خطة بوش لتحقيق الانتعاش التي سيكشف عنها يوم الثلثاء المقبل. ويعود الخبراء الى حرب الخليج في 1991 في محاولة لتحديد انعكاسات هجوم اميركي على العراق، مع اقرارهم بأن نقطة الانطلاق مختلفة اليوم عما كانت عليه في الماضي. ويرى فيليب دارفيزيني الخبير الاقتصادي في شركة "بي ان بي باريبا" ان "الولاياتالمتحدة كانت في عام 1991 في طور الخروج من ركود عادي. اليوم الوضع مختلف تماماً. فالوضع الاقتصادي مخيب جداً للآمال منذ تدهور البورصة الذي بدأ قبل نحو ثلاثة أعوام. لقد تم ايجاد قدرات اكبر من اللازم والخروج منها اكثر صعوبة". ويبقى الاقتصاد الآسيوي معتمداً بشكل كبير على وارداته النفطية. وتخشى دول الشرق الاوسط من زعزعة في الاستقرار العام. وقد حذر وزير الاقتصاد الاردني من عواقب "كارثية" على بلاده في حال شن حرب على العراق. وفي الاطار نفسه، رأت وكالة "ستاندرد آند بور" المالية ان اجتياحاً اميركياً للعراق سيؤدي الى "فقدان الثقة وارتفاع كلفة الدين. وستهجر رؤوس الاموال الخاصة اسرائيل وعدداً من الدول العربية". وحذر صندوق النقد الدولي اخيراً من ان ارتفاعاً مستمراً بقيمة خمسة دولارات لسعر برميل النفط الخام سيكلف الاقتصاد العالمي تراجع نموه 0.3 نقطة مئوية. وسيؤثر خصوصاً في الولاياتالمتحدة ومنطقة اليورو، مع خسارة 0.4 نقطة في اجمالي الناتج المحلي. ويبدو ان المسؤولين الاوروبيين لم يدركوا حتى الآن حجم الخطر. وراى وزير الاقتصاد اليوناني نيكوس كريستودولاكيس ان الاقتصاد الاوروبي "قادر على تجاوز كل انعكاسات" حرب في العراق. وأعلن رئيس المصرف المركزي الاوروبي فيم دويزنبرغ عن نهوض في النمو الاقتصادي في 2003، "وربما حتى في الشهور الستة الاولى من السنة". وأقر عدد كبير من الخبراء بأنهم اعدوا سيناريوهات عدة لنهاية النزاع في العراق، الا انهم يرجحون عموماً حلاً سريعاً يصب في مصلحة الولاياتالمتحدة. النفط ارتفعت اسعار النفط في نهاية اسبوع التعامل الاخير فوق 30 دولاراً للبرميل لخام القياس البريطاني "برنت" والخام الاميركي الخفيف. وقفزت الاسعار في يوم التعامل الاخير أكثر من دولار في اواخر التعامل بسبب استمرار الاضراب في فنزويلا واقتراب موجة برد شديدة في الولاياتالمتحدة وتراجع مخزون الخام الاميركي، في الوقت الذي تخطط فيه واشنطن لشن حرب على العراق للاطاحة بالرئيس صدام حسين، ما يهدد بوقف صادرات النفط العراقية واحتمال عرقلة الصادرات النفطية من عدد من دول المنطقة. وعزز ارتفاع اسعار النفط تحذير الرئيس الاميركي جورج بوش للرئيس العراقي صدام حسين يوم الخميس الماضي من ان "يوم الحساب آت" بالنسبة له، اذ من الممكن ان يؤدي اي وقف في صادارات بغداد النفطية نقص المخزونات الاميركية. وارتفع سعر خام "برنت" للعقود الآجلة تسليم شباط فبراير في بورصة النفط الدولية في نهاية الاسبوع الماضي الى 30.70 دولار للبرميل، بزيادة مقدارها 1.34 دولار على سعر الاقفال السابق. وارتفع خام القياس الاميركي "غرب تكساس الوسيط" في بورصة "نايمكس" في نيويورك تسليم الشهر نفسه الى 33.08 دولار، بزيادة مقدارها 1.23 دولار للبرميل. وتقل الاسعار في السوقين بنحو نصف دولار عن اعلى مستوياتها في عامين بعد ان قفزت بنسبة 30 في المئة منذ منتصف تشرين الثاني نوفمبر الماضي وبنسبة 70 في المئة تقريباً منذ كانون الثاني يناير عام 2002. وقال بول هورسنيل من بنك الاستثمار "جي بي مورغان" ان اسواق النفط العالمية ستعاني من تراجع حاد في حجم المخزونات وستدخل ما قد يكون اشد الفترات غموضاً على الصعيد السياسي منذ نحو عشرين عاماً. وأظهرت بيانات رسمية اميركية الاسبوع الماضي تهاوي المخزونات النفطية في الولاياتالمتحدة اكبر سوق للطاقة في العالم بنحو 16 مليون برميل في الاسبوع الماضي فيما تعطلت الصادارات النفطية الفنزويلية. وأضاف هورسنيل: "سيهوي اي تراجع آخر بهذا الحجم بالمخزونات الى ادنى مستوياتها منذ عام 1976"، موضحاً ان المستويات الحالية لاسعار النفط، وهي المستويات المرتفعة فعلاً بصورة تكفي لالحاق الضرر بالنمو الاقتصادي في الدول الصناعية، لم تعكس بعد الحجم الحقيقي لأزمة الامدادات. وفنزويلا هي خامس اكبر مصدر للنفط في العالم وعادة ما تزود الولاياتالمتحدة بنحو 13 في المئة من وارداتها النفطية. وتوقفت الصادرات النفطية الفنزويلية تقريباً منذ اوائل كانون الاول ديسمبر الماضي بسبب اضراب يرمي لإطاحة الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز ولا يبدو في الافق اي حسم له. وقال هورسنيل: "مبعث القلق الاساسي هو ان هذا النقص ليس كبيراً فقط وانما متنام". وفي الوقت الذي تتقلص فيه الامدادات فإنه من المنتظر ان يشهد الاستهلاك في الولاياتالمتحدة ارتفاعاً بسبب برودة الطقس المتوقعة.