أحيي الكاتب والشاعر عبده وازن على مقالته المهمة "الحياة" في 15 كانون الأول/ديسمبر بعنوان "كفى!!"، وطالب فيها بالكف عن استثمار نجيب محفوظ والمتاجرة به. وذلك لأن كل ما جاء في هذه المقالة من رصد لحال استثمار صداقة او معرفة عميد الرواية العربية، هو صحيح مئة في المئة. وإن كان كاتب المقال تعفف عن الخوض في الحقيقة المأسوية كاملة، لأن المتحلقين حول نجيب محفوظ اصبحوا فعلاً من محترفي المتاجرة باسمه، ومعرفتهم به وتقربهم إليه، بل ان بعض هؤلاء اصبحوا يدعون اصدقاءهم ومعارفهم الى التفرج على شخص نجيب محفوظ، بعدما هدّته السنون وأثقلت كاهله الأمراض. ومن يرى كيف يستثمر هؤلاء - الذين يسمون انفسهم مبدعين وكتّاباً وروائيين - شخص نجيب محفوظ وتقربهم إليه، يشعر انهم ليسوا إلا مجموعة من المرتزقة الذين يدركون ان وجودهم في ظل هذا العملاق سيفيدهم إعلامياً، وربما يجعل منهم صفوة الكتّاب والروائيين من دون ان يشعروا بأنهم ليسوا إلا كومبارساً رديئاً يحاول سرقة بعض الأضواء المطلوبة على "النجم" الذين يحيطون به. نعم يا سيدي كاتب المقال! حان الوقت كي يخلد نجيب محفوظ الى الراحة بعيداً من فضول الصحافة والصحافيين، ومن وقاحة الكاميرات التلفزيونية والصحافية، والمتنطعين حوله من دعاة الأدب والثقافة وأشباه الروائيين! ذلك لأن هؤلاء اصبحوا يستثمرون صداقة نجيب محفوظ في شكل مادي. وأصبحوا يسودون الصفحات في المجلات والدوريات العربية من حين الى آخر لرصد "المجالس المحفوظية"، وما يحدث فيها من طرائف ونكات، ويملأون صفحات هذه المجلات والدوريات بصورهم الفوتوغرافية، وهم يهمسون في اذن الكاتب العالمي، اعلاناً عن مدى تقربهم منه، وثقته فيهم. وإذا كانت تجارتهم بنجيب محفوظ حققت لهم بعض ما يصبون إليه، وأصبحت كتابتهم الرديئة والكاسدة تترجم فور صدورها من العربية الى اللغات المختلفة، فإنهم في النهاية، ما هم إلا محض متنطعين على قامة محفوظ الأدبية العملاقة. ولن يذكرهم تاريخ الإبداع العربي إلا بصفتهم "الحاشية" التي كانت تحيط بعبقري الرواية العربية في يوم من الأيام. وإذا كان بعض هؤلاء "الكومبارس" استثمروا تقربهم من نجيب محفوظ للحصول على مناصب ثقافية او صحافية، وأصبحوا يتربعون على عرش بعض الصحف التي تدعي تخصصها "الأدبي" والتي تصدر اصلاً من باب ذر الرماد في العيون، فإنهم في النهاية فشلوا في ان يجاوزوا قامة نجيب محفوظ الأدبية. وسيفشلون دوماً، ما داموا فقراء الموهبة والإبداع، اثرياء في المتاجرة واستثمار الآخرين! القاهرة - عماد فؤاد