لم يقصر الاكاديميون الاسرائيليون في درس نجيب محفوظ. ليس لي علم بما يكتبون وينشرون بالعبرية داخل اسرائيل أو ما يشرفون عليه من رسائل البحث في جامعاتها. إلا ان جهدهم في الدراسات المحفوظية المكتوبة بالانكليزية والمنشورة في انكلترا أو اميركا متواصل في عدد من الدراسات التي بدأت في أوائل السبعينات ولا تزال متصلة حتى اليوم. أما أول هذه الدراسات فهي تلك التي كتبها ساسون سوميخ ونشرتها دار "بريل" الهولندية سنة 1973 بعنوان "الإيقاع المتغير"، وهي دراسة منهجية جيدة تتسم بالتوازن في معالجتها مسائل الشكل والمضمون وتتناول أعمال محفوظ حتى آخر الستينات وكانت في الأصل أطروحة دكتوراه أجيزت من جامعة اكسفورد. وينبغي ان نذكر، احقاقاً للحق، ان هذه الدراسة كانت أول كتاب على الإطلاق ينشر عن نجيب محفوظ بالانكليزية. أما ثاني دراسة فكانت من وضع منتياهو بيليد، السياسي الاسرائيلي وداعية السلام الشهير الذي توفي قبل عامين أو نحوها. صدر كتاب بيليد بعنوان "دين لي وحدي: الأعمال الأدبية لنجيب محفوظ" Religion My Own عن دار نشر صغيرة في "نيوبرنزويك" في الولاياتالمتحدة سنة 1983. والكتاب يعالج أعمال محفوظ حتى أواخر الستينات مثل سابقه إلا انه يهتم بالمحتوى الفكري أكثر من اهتمامه بالتقنيات الفنية ويحاول ان يفسر أعمال محفوظ على ضوء بعض المفاهيم الاسلامية الاساسية، كذلك يولي اهتماماً خاصاً بروايات محفوظ التاريخية المبكرة التي يدرسها باعتبارها نماذج من الرواية الطوباوية أو رواية المدينة الفاضلة، وهي نظرة ينفرد بها بين دارسي محفوظ. وجدير بالذكر ان كتاب بيليد كان أيضاً في الأصل رسالة دكتوراه أجيزت من جامعة كاليفورنيا في لوس انجليس، التي ذهب بيليد للدراسة فيها عقب خروجه من الجيش الاسرائيلي بعد حرب 1967. ننتقل الى ثالث دراسة وهي كتاب لأكاديمي آخر هو حاييم غوردون، عنوانه "مصر نجيب محفوظ: الموضوعات الوجودية في كتاباته" Naguib Mahfouz's Egypt: Existential Themes in his Writings الذي صدر عن مطبعة غرينوود في نيويورك عام 1990. بهذا الكتاب ننتقل الى نوعية مختلفة من الدراسات الاكاديمية، فإذا كانت الدراستان السابقتان تتسمان بالموضوعية وتصدران عن الرغبة في فهم فن محفوظ وفكره وتستخدمان لذلك المعايير النقدية المعروفة، فليس الأمر كذلك في هذا الكتاب الذي لا يمكن وصفه بأنه دراسة أدبية، ويعترف كاتبه بأنه لا يعرف العربية وان دراسته لذلك اقتصرت على أعمال محفوظ المترجمة. هذه دراسة سوسيولوجية أنثروبولجية تصدر عن روح كولونيالي استعلائي مكرسة لرصد نواقص الشخصية المصرية القومية من وجهة نظر الكاتب وطبقاً لملاحظاته الشخصية التي كونها من خلال عدد من الزيارات القصيرة الى مصر. فما علاقة محفوظ بهذا كله؟ يستخدم المؤلف أعماله المترجمة ولقاءاته الشخصية معه للتدليل منها عن طريق التفسير المتعسف المفروض فرضاً من الخارج على انطباعاته الذاتية العدائية المباشرة عن المجتمع المصري. لست أسعى الى ان أخلص الى نتائج معينة من هذا العرض الموجز، بل الى رصد ظاهرة واقعة قد لا تكون معلومة لكل المهتمين بهذه الامور. كان للاكاديميين الاسرائيليين عن طريق الكتابين الأول والثاني أعلاه فضل السبق في التعريف نقدياً بنجيب محفوظ في الغرب، ومما يجدر ملاحظته ان الدراستين انجزتا في فترة ذروة العداء بين مصر واسرائيل في اعقاب حرب 1967 فحتى الدراسة الثانية التي نشرت في 1983 كانت انجزت قبل ذلك بعشر سنوات في شكل أطروحة جامعية. أما أول دراسة شاملة بالانكليزية يضعها أستاذ مصري مغترب عن محفوظ فلم تصدر الا عام 1993 بعنوان "نجيب محفوظ: البحث عن المعنى" The Pursuit of Meaning عن دار "روتلدج" في لندنونيويورك لكاتب هذه السطور. ولا يزال الاكاديميون الاسرائيليون يواصلون اهتمامهم بمحفوظ، اذ صدر في 1998 كتاب جديد بالانكليزية لمناحيم ميلسون الاستاذ في الجامعة العبرية في القدس، عنوانه "نجيب محفوظ: روائي القاهرة الفيلسوف" The Novelist Philosopher of Cairo، والكتاب صادر عن "دار سانت مارتين" في نيويورك وان كان مطبوعاً في اسرائيل. سأتناول الكتاب فيما يلي في شيء من التفصيل بعدما وضعته في سياقه العام، وسيرى القارئ انه ينتمي الى مجال الدراسات الجادة مثل دراستي سوميخ وبيليد، وأن كتاب حاييم غوردون السقيم يبقى الاستثناء لا القاعدة في مقاربات الاكاديميين الاسرائيليين للروائي الكبير. ينقسم الكتاب الى خمسة أجزاء تضم في ما بينها 23 فصلاً. اما الجزء الأول المعنوان "الروائي وأعماله وعالمه"، ويضم ثلاثة فصول فلا يعلمنا شيئاً جديداً عن محفوظ. أما الفصل الأول فيقدم عرضاً سريعاً لتطور الرواية المصرية قبل محفوظ، وهو جهد مكرر لم يكن له لزوم لأن المصادر الانكليزية التي تتناول نشأة الرواية العربية عموماً وفي مصر خصوصاً كثيرة ومتنوعة. وأما الفصل الثاني، "نجيب محفوظ وقاهرته" فيلجأ الى قائمة المقابلات والحوارات المعروفة مع محفوظ وايضاً الى رواياته المنطوية على عناصر من السيرة الذاتية لكي يرسم صورة لحياة الروائي والبيئة التي نشأ فيها، وليس ثمة جديد تضيفه هذه الصورة الى علمنا في هذا الشأن. فإذا ما انتقلنا الى الفصل الثالث وجدنا انه يقدم مسحاً سريعاً لانتاج محفوظ هو في معظمه تلخيص لحبكات الروايات تشفع له ما بين الحين والآخر لمحة تحليلية عابرة. ومن اغرب ما يقوله ميلسون في هذا الفصل مما يستحق التوقف عنده اقتراحه ان رواية "ثرثرة فوق النيل" المنشورة سنة 1966 انما كتبت سنة 1957 ولم تنشر الا بعد عشر سنوات من كتابتها. هذه الرواية تمثل قمة المرحلة الوجودية الميتافيزيقية عند محفوظ كما تمثل قمة التجريب الشكلي الذي بدأ عنده مع رواية "اللص والكلاب" في بداية الستينات، الى جانب كونها تحفل بإشارات تاريخية لا تنطبق الا على الستينات. ان مجرد التفكير في ان هذه الرواية كتبت في الخمسينات قبل "اولاد حارتنا" التي تمثل آخر المرحلة الواقعية لمحفوظ لمما يستغرب من أي دارس لمحفوظ يزعم انه يعرف ما يقول. ومن المدهش ايضاً ان الكاتب يزعم ان محفوظ لم يكتب حتى اليوم عملاً يضارع في مستواه "اللص والكلاب" المكتوبة منذ حوالى أربعين عاماً، وكتب محفوظ بعدها أكثر من نصف مجمل انتاجه. ان كان هذا مبالغة حماسية للتعبير عن مدى حماسه لتلك الرواية، فلا بأس، وان كان يجب ان نقول ان التعبير خانه، ففترة السبعينات والثمانينات شهدت نشر روايات مثل "ملحمة الحرافيش" و"ليالي ألف ليلة وليلة" التي لا يمكن ان تخلو منها أي قائمة مختصرة بأفضل أعمال نجيب محفوظ. أما الجزء الثاني من الكتاب فعنوانه "صور معاودة وأفكار ملحة" وهو ينقسم الى أربعة فصول تتناول بعض "التيمات" والافكار الاساسية التي تتكرر في أعمال الروائي وما يستخدمه من مجازات فنية ثابتة للتعبير عنها. ولا يتبع المؤلف الترتيب الزمني للنشر وانما يتنقل بحرية جيئة وذهاباً، بين قصص محفوظ وروايته عبر المراحل المختلفة. وعلى رغم ان هذا الاسلوب في التناول يكفل رصد الصور المعاودة في أعمال الكاتب، الا انه لا يتيح للدارس ان يرصد عنصر التطور المرحلي في فكره وأدواته التعبيرية. في الفصل الرابع يناقش المؤلف توظيف محفوظ ثنائية الجنون أو العاطفة الجامحة في مواجهة العقلانية لتجسيد موضوع التمرد على النظام الاجتماعي في عدد من اعماله القصصية والروائية. بينما يتناول الفصل الخامس استخدام محفوظ المتواتر في أعمال الستينات لموقف التشرد أو النفي الاختياري أو القسري من بيت الأسرة أو مدينة المعاش المعتادة، ويربط ميلسون ربطاً لماحاً بين هذه الصور المتكررة وبين "تيمة" الاغتراب الوجودي عن المجتمع المتواترة في روايات الستينات، بحيث يصبح الاغتراب الجسدي عن البيت أو المدينة كناية عن الضياع المعنوي. اما الفصل السادس فيعرض لثنائية اخرى متداولة في أعمال محفوظ: الأب والأم، فيستدعي الى انتباهنا بعض مشاهير الآباء والأمهات لدى الكاتب مثل السيد أحمد عبدالجواد في "الثلاثية" والجبلاوي في "أولاد حارتنا" من الفئة الأولى، وأمينة من "الثلاثية" أيضاً وسنية من "الباقي من الزمن ساعة" من الفئة الثانية، على سبيل المثال لا الحصر. يصل ميلسون من تحليله لهذه الثنائية الى استنتاج لا نملك إلا أن نوافقه عليه، مؤداه ان محفوظ يصور شخصياته من النساء والأمهات تصويراً يحمل من الصفات الايجابية ودلائل تعاطف الكاتب مع الشخصية ما لانجده في تصويره لشخصياته من الرجال والآباء بصورة عامة. ويمضي ميلسون خطوة أبعد فيحاول ان يخلص من ذلك الى بعض الافتراضات عن طفولة محفوظ وعلاقته مع أبيه. ولسنا ندري ما جدوى هذا الضرب من التفسير، فنحن نفهم ان يلجأ الناقد لبعض الحقائق المعلومة عن حياة كاتب ما لتفسير جوانب معينة من أعماله، أما ان يلجأ الى الاعمال لإضاءة الحياة فهو ما قد يفيد منه كاتب السيرة لا النقد الادبي. أما في الفصل السابع فيحاول الكاتب ان يعود فيلقي نظرة شاملة على اعمال محفوظ من زاوية مرحلية تطورية لموازنة المقترب غير الزماني الذي تبناه في الفصول الثلاثة السابقة، فيطرح ان أعمال الروائي تطورت من التعليمية الأليغورية الكنائية في مرحلته المبكرة الى التمثيل المحاكي للواقع في مرحلته الوسيطة، الى ان انتهت الى التمثيل الاسطوري لعالم الظواهر في مرحلته المتأخرة. ونعقب بأن هذا التقسيم قد يصلح اطاراً عاماً لرصد تطور محفوظ، إلا أن المسألة ليست بهذه البساطة، فالمراحل تتداخل فنجد على سبيل المثال روايات كنائية مثل "قلب الليل" و"عصر الحب" و"الباقي من الزمن ساعة" في عمق المرحلة الاسطورية، بينما نجد عناصر اسطورية قوية في ذروة المرحلة الواقعية كما في شخصية الأب/ الإله في "الثلاثية". بل ان العناصر المتناقضة تتجاور داخل الرواية الواحدة ناهيك عن المراحل المتعاقبة. لا شك ان التصنيف المرحلي لاعمال محفوظ مفيد في فهم تطوره العام، إلا أنه يبقى اقتراحاً لا لأن ميلسون لا يحاول ان يضعه موضع التطبيق في تحليله لأعمال محفوظ الذي يبقى غير ممنهج مرحلياً كما أوضحت فيما سلف. ننتقل الى الجزء الثالث من الكتاب وعنوانه "محفوظ ناقداً سياسياً" وهو ينقسم الى فصلين مكرسين لمناقشة عدد من روايات محفوظ وقصصه القصيرة ومسرحياته أحادية الفصل المكتوب أكثرها في الستينات والسبعينات، وتركز على انتقاد مثالب عصري عبدالناصر والسادات وان كانت تركز على انتقاد عبدالناصر في المقام الأول. يناقش ميلسون في هذا السياق استخدام محفوظ للحكاية الكنائية كوسيلة لاتقاء غضب النظام ان لجأ للتصوير الواقعي الصريح، كما يطرح بعض الأسئلة في ما يتعلق بالتشفير من ناحية الكاتب وحل الشفرة من ناحية القارئ، والذي ينطوي بالضرورة على خطر ضياع العبرة المقصودة في حال خطأ القارئ في فك الرموز المشفرة، أو عجزه الكامل عن الانتقال بالنص من المستوى الكنائي الى المستوى الواقعي المستهدف به. على ان ثمة سؤالاً اخر ذا صلة في هذا السياق كان يجدر بميلسون ان يطرحه، وهو الى أي حد تكون عملية التشفير الكنائي في ظل الانظمة الشمولية ضرورة انتقائية، فالكتابة الكنائية أو الرمزية قد تكون ضرورة أو خياراً فنياً أيضاً، وفي حال محفوظ نجد الكثير من كتاباته الاتقائية ذات جمال فني عال، مما يمكن معه القول بأن خوف الرقيب لم يضر الفن، وان كان من الممكن ان نقول بعد بأنه حرم القارئ الذي استعصى عليه الرمز من تلقي الدرس المعنوي المطلوب. أما الجزء الرابع الذي يستلهم عنوانه بيتاً شكسبيراً شهيراً من مسرحية "روميو وجولييت" يقول "كل الأسماء سيان"، والجزء الخامس الذي عنوانه "أقنعة الواقع ولغز الاسماء" فيضمان بينهما الفصول الأربعة عشر المتبقية من الكتاب، والتي تركز على دراسة استخدام محفوظ لاسماء العلم. يعرف دارسو محفوظ ميل الروائي في كثير من الاحيان الى اطلاق اسماء على شخصياته تشير الى صفاتهم المعنوية، إما عن طريق التأكيد أو المفارقة، وهي نازعة محفوظية غذتها شفافية الأصول الاشتقاقية للمفردات التي تميز اللغة العربية من غيرها من اللغات، إذ يندر جداً ان نعثر باسم عربي لا يشي فوراً بمعناه. وقد تناول بعض الباحثين دلالة الأسماء عند محفوظ على نحو عابر، واستهجن البعض منهم، مثل عبدالمحسن طه بدر في كتابه "الرؤية والأداة" هذه النزعة المحفوظية باعتبار ان الاسماء في الواقع المعاش قلما تكون ذات دلالة على أخلاق حامليها أو أمزجتهم. إلا ان ميلسون وحده يجعل من االاسماء عند محفوظ مجالاً رئيسياً للبحث ويكرس لها مئة صفحة ونيف، أي ما يربو على ثلث الكتاب الذي نحن بصدده، يفحص فيها الظاهرة في عدد كبير من أعمال الروائي. ولا يلبث الباحث ان ينجرف وراء مسعاه فيتحول استقصاءه الى غاية تطلب لذاتها عوضاً عن ان تكون وسيلة اضافية لفهم النص. ولا يلبث ان يتسلل الى التحليل العديد من التفسيرات البعيدة عن الإدراك، ان لم نقل المقحمة. مثال ذلك ان الصحافي "بدير" في "القاهرة الجديدة" لأنه ليس له آراء أو معتقدات خاصة به وانما بطبيعة عمله ينقل كل الآراء، فإن محفوظ يسميه بهذا الاسم، كونه تصغيراً ل"بدر" الذي هو اسم آخر للقمر الذي هو كوكب غير منير بذاته وانما يعكس ضوء جسم سماوي آخر هو الشمس. ومثال آخر قول المؤلف ان محفوظ يسمي العديد من شخصياته من الذكور ذوي العلاقات النسائية الكثيرة ب"سليمان" وان في هذا استيحاء ضمنياً لشخصية النبي العبري سليمان الذي عرف في المصادر الاسلامية بحريمه الكبير. وحتى حين لا يكون هناك شطط في التفسير، فإنه من الصعب ان نرى أي فائدة ترتجى من هذا التقصي سوى ان نقول بأنه في بعض الحالات يختار محفوظ اسماء شخصياته بحيث تصبح تأكيداً لصفاتها. الا ان تصوير الشخصية هو المحك بغير شك، ونجاح محفوظ في ذلك هو الذي يجعلنا نفكر احياناً بعد القراءة ان هذه الشخصية أو تلك كان لها اسم على مسمى أو يهدينا الى التناقض بين مدلول الاسم وسلوك صاحبه. ولست أظن ان القراء الذين لا يعرفون العربية فيقرأون محفوظ مترجماً يفوتهم شيء بعدم فهمهم لمدلول اسماء الشخصيات في العربية. في النهاية أود ان أقول ان هذا الكتاب بما فيه من اعادة انتاج لما قيل في دراسات سابقة على نجيب محفوظ، وبما فيه من استغراق في درس قضايا هامشية مثل استخدام الاسماء يبدو وكأنه يشير الى أزمة تواجهها الدراسات المحفوظية حالياً، وكأن الجيل الراهن من النقاد والباحثين المعاصرين للكاتب استنفد القول فيه، وان من يكتب اليوم يفعل ذلك للتعبير عن افتنانه الشخصي بالكاتب وعالمه وليس لأن عنده شيئاً جديداً يفصح عنه. وكأن علينا ان ننتظر ظهور جيل جديد من النقاد تبعد الشقة بينه وبين محفوظ بعض الشيء، فيأتي بنظرة طازجة وربما أيضاً بأدوات جديدة فيكشف لنا عن أشياء أخرى في عالم الروائي لا بد أنها هناك ولكننا لم نعد نستطيع ان نرى من طول التحديق. * استاذ كرسي الأدب العربي الحديث في جامعة اكستر البريطانية.