"هل وصل حزب "مباي" التاريخي العمل الى نهاية الطريق؟ بهذا السؤال افتتحت الاذاعة العبرية برامجها الاخبارية امس لدى قراءتها نتائج استطلاعات الرأي التي نشرتها الصحف العبرية الثلاث الكبرى، وابرزها تراجع شعبية "العمل" على نحو غير مسبوق واحتمال حصوله على 18 - 19 مقعداً في الكنيست الجديد التي سيتشكل غداة الانتخابات التشريعية التي ستجري الثلثاء المقبل. نقلت وسائل الاعلام العبرية اجواء اليأس والاحباط التي تعصف بحزب "العمل" العريق الذي قاد الدولة العبرية في العقود الثلاثة الاولى من قيامها. وقالت ان ثمة قلقاً جدياً يساور اقطاب الحزب من امكان ان يبلغ تدهوره "ذروة" جديدة تتمثل بنجاح حزب يمين الوسط "شينوي" التغيير في احتلال المكان الثاني على لائحة الاحزاب الاسرائيلية الكبرى. وتابعت ان الايام الاربعة المتبقية على خط النهاية قد تنزل ب"العمل" ضربات اخرى تحوله الى شظايا يصعب ترميمها. وفيما حاول رئيس الكنيست ابراهام بورغ بث التفاؤل بالقول ان المعركة ليست محسومة بعد، وان الفارق بين تكتل اليمين والمتدينين من جهة وتكتل الوسط واليسار ليس جدياً وبالامكان جسره في الايام المتبقية، جاء قرار المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية الياكين روبنشتاين فتح ملف تحقيق مع زعيم "العمل" عمرام متسناع بشبهة تلقيه الرشوة بصفته رئيساً لبلدية حيفا، ليصبّ الزيت على النار التي تهدد بالتهام ما تبقى من هذا الحزب. واتهم قريبون من متسناع المستشار بتعمّد الاساءة الى زعيم "العمل" باعتماده على شكوى قدمها ناشط يميني يدّعي ان متسناع منح امتيازات لأحد المقاولين في مقابل تلقيه رشوة مالية. واضاف هؤلاء ان المستشار ابدى حماسة وتلهفاً لفتح التحقيق وهو القائل، مع تفجّر فضائح الفساد في "ليكود" التي طاولت رئيس الحكومة ارييل شارون، ان التحقيق مع شخصيات رسمية في الشبهات المنسوبة اليها سيُرجأ الى ما بعد الانتخابات. واشار هؤلاء الى الضجة التي افتعلها المستشار نفسه بعد الكشف عن محامية في النيابة العامة اعترفت بتسريب المعلومات عن قيام رجل اعمال يهودي من جنوب افريقيا بتمويل المعركة الانتخابية لشارون، لصحافي من صحيفة "هآرتس" أُخضع لتحقيق الشرطة اول من امس. واتفق ابرز المعلّقين على ان روبنشتاين يكيل بمكيالين وانه لا يحترم منصبه في شأن تطبيق القانون على الجميع من دون تمييز. وكتب احدهم ان المستشار بتقديمه لوائح اتهام ضد ناشطين في "ليكود" من الصف الثاني والتحقيق مع صحافي بهدف التهويل وكمّ الافواه انما بحث عن "الاسماك الصغيرة"، تاركاً الكبيرة تتمتع بنعيم السلطة، في اشارة الى "شارون المحظوظ" بحسب تعبير ناحوم بريناع في صحيفة "يديعوت احرونوت" الذي سيضيف الى رصيده مقاعد اضافية على خلفية ظهوره "ضحية" للمحامية التي سرّبت المعلومات وقالت انها اقدمت على فعلتها لاسباب ايديولوجية واخلاقية لانها لا تريد رؤية شارون يواصل الجلوس على كرسي رئيس الحكومة "بينما ابني مجنّد في الجيش ليذهب الى الضفة الغربية". تعاظم قوة اليمين وتوقعت الاستطلاعات الثلاثة التي نشرتها "هآرتس" و"يديعوت احرونوت" و"معاريف" فوز تكتل احزاب اليمين والمتدينين المتزمتين ب63 - 66 مقعداً في مقابل 54 - 57 لاحزاب الوسط واليسار والاحزاب العربية. وافادت ان حزب "ليكود" سيتجاوز 31 مقعداً ما يثبت مجدداً انه تعافى من الفضائح المالية والرشاوى التي هددت بخسارته الانتخابات. واشار المعلقون الى ان شارون ما زال يستثمر قضية "اغلاق المايكروفون" في بث مباشر ما أثار مشاعر انصار "ليكود"، خصوصاً اولئك الذين ترددوا في انتخابه. في المقابل، يبدو ان متسناع، فضلاً عن الصراعات الداخلية التي احدثت شرخاً عميقاً في اعقاب تبادل الاتهامات بينه وبين سلفه بنيامين بن اليعيزر، "دفع ثمن" التزامه العلني عدم الدخول في حكومة "وحدة وطنية" بزعامة شارون، وهي الحكومة التي تنشدها غالبية الاسرائيليين. ويحافظ حزب "شينوي" على تقدمه الكبير واحتمال مضاعفة تمثيله بأكثر من ضعفين وحصوله على 15 - 17 مقعداً في مقابل 6 مقاعد في الكنيست المنتهية ولايته. ويقوم برنامج الحزب على معاداة المتدينين المتزمتين حركتا شاس ويهدوت هتوراة ويشترط دخوله الحكومة الجديدة باستثنائهم منها وهو استثناء غير مقبول على شارون نظراً الى التحالف التاريخي بين حزبه والمتدينين. الى ذلك، افاد استطلاع "هآرتس" ان ثلثي الاسرائيليين يقدّرون ان الحكومة الجديدة لن تعمر اكثر من عامين. اذ قال 23 في المئة ان الانتخابات الجديدة ستجري بعد عامين، فيما قال 40 في المئة انها ستجري في غضون عامين. وجاء في استطلاع اذاعة الجيش الاسرائيلي ان 44 في المئة من الاسرائيليين يرون في "وقف الارهاب" القضية الاولى في سلّم اهتمامات الحكومة الجديدة، ورأى 24 في المئة في الازمة الاقتصادية المسألة الملتهبة لكن 68 في المئة قالوا ان برامج الاحزاب المختلفة لا تقدم الحلول لهاتين الازمتين. ولخص معد الاستطلاع النتائج بالقول انها تدل على ان "الشعب منهك ومخذول ومرتبك وان الانتخابات مضيعة للوقت والمركبة تسير في طريق متخمة بالشارات الضوئية لكنها لا تعرف الى اين المسير".