دخلت الاجتماعات المستمرة في ماركوسي ضاحية باريس بين الأطراف المتنازعة في ساحل العاج مرحلة حرجة امس، مع بدء المفاوضات حول روزنامة الانتخابات التي تشكل النقطة الأساسية المطروحة على المفاوضين، فيما انسحب رئيس البرلمان العاجي وعضو الوفد الحكومي الى الاجتماعات ممادو كوليبي وعاد الى ابيدجان. وكان المفاوضون الذين يمثلون النظام العاجي وأربعة احزاب سياسية، اضافة الى منظمات المتمردين الثلاث، واصلوا اجتماعاتهم حتى ساعة متأخرة من ليل اول من امس، من دون ان يتمكنوا من تقريب وجهات نظرهم بشأن الروزنامة الانتخابية. واعترض كل من الجبهة الشعبية العاجية التي يتزعمها رئيس ساحل العاج لوران غباغبو وتجمع الجمهوريين الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق الحسن وتارا، بشدة على مطالب الانتخابات المبكرة التي رفعها المتمردون. واعتبرت الجبهة الشعبية ان غباغبو منتخب بشرعية تامة وباعتراف المجتمع الدولي، وليس هناك ما يدعو الى اعادة النظر بولايته التي تنتهي مدتها سنة 2005. وفي المقابل اعتبر المتمردون ان غباغبو لا يسيطر على اكثر من ثلث اراضي البلاد، مما لا يخوله الحكم، واقترحوا اجراء انتخابات رئاسية مبكرة في غضون ستة اشهر مقبلة. لكن مصادر مطلعة توقعت امكان تسوية هذا الموضوع، على رغم صعوبته والتصلب الذي تبديه الأطراف، وذلك عبر تنازلات متبادلة لم تحددها. وأعربت المصادر عن اعتقادها بإمكان الانتقال الى النقاط الأخرى التي لا تزال مطروحة على المفاوضين ومن بينها تشكيل حكومة انتقالية وتحديد اجراءات تجريد المتمردين من اسلحتهم. ووصل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان الى باريس حيث من المقرر ان يشهد توقيع اتفاق السلام الى جانب فرنسا ورؤساء دول غرب افريقيا الذين يجتمعون في العاصمة الفرنسية، ومن بينهم غباغبو الذي سيلتقي الرئيس الفرنسي جاك شيراك غداً الجمعة. وصرح أمس، رئيس الجمعية الوطنية في ساحل العاج مامادو كوليبالي الذي انسحب فجأة من المفاوضات بأن الوسيط الفرنسي في المفاوضات بيار مازو "بصدد القيام بانقلاب دستوري". وقال كوليبالي وهو الرجل الثاني في ساحل العاج ومن المقربين الى غباغبو: "لاحظت ان بيار مازو كان بصدد القيام بانقلاب دستوري. ما لم ينجح المتمردون في تحقيقه عسكرياً، يتولى هو القيام به في ماركوسي". وأكد كوليبالي ان مازو "بدل ان يذكر بالاجراءات التي ينص عليها الدستور وان يدين استخدام الاسلحة، قلب المسألة: ليجد شعب ساحل العاج نفسه في قفص الاتهام عوضاً عن المتمردين". وشهدت الاجتماعات بعض الصخب الاثنين الماضي، عندما اعلن ممثلو المتمردين انهم فوجئوا بأحد اعضاء الوفد الحكومي يوزع عليهم مغلفات مملوءة بأوراق نقدية من فئة اليورو. وذكر هؤلاء انهم سلموا كل المغلفات الى ممثل فرنسا في الاجتماعات عضو المجلس الدستوري بيار مازو، طالبين منه العمل على وقف محاولة الرشوة هذه. لكن الناطق باسم الوفد الحكومي اشار الى ان المغلفات لم تكن تحتوي على اكثر من بدلات إنفاق يومية للمشاركين، وأن ليس في الأمر اي رشوة.