أكدت تركيا امس ان اللقاء الوزاري السداسي للبحث في شأن الحل السلمي في العراق سيعقد في اسطنبول غداً الخميس، وأعلن في سورية ان الاجتماع التالي للوزراء سيعقد في دمشق. وأجمعت التصريحات الصادرة أمس في شأن المبادرة التركية على ان يترك موضوع عقد قمة الى ما بعد اجتماع اسطنبول. واكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل عقب لقائه الرئيس حسني مبارك في القاهرة امس ان جدول أعمال اجتماع اسطنبول يتألف من بند واحد هو "محاولة تجنيب العراق أي عمل عسكري في الفترة المقبلة". أعلن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن جدول أعمال اجتماع اسطنبول السداسي غداً الخميس يتألف من بند واحد، ووصف الاجتماع بأنه "محاولة لتجنيب العراق أي عمل عسكري في الفترة المقبلة"، وقال ان "هذا ما ترغب فيه شعوب المنطقة ودولها. وهو ليس في مصلحة العراق فقط وإنما في مصلحة دول المنطقة ودول العالم، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة". وقال الأمير سعود الفيصل في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره المصري السيد أحمد ماهر عقب اجتماع في القاهرة أمس مع الرئيس حسني مبارك، إن الاجتماع جاء في إطار محاولات "تجنيب الشعب العراقي شبح الحرب". وأكد أن "هذه ستكون الفكرة الرئيسية للاجتماع الاقليمي في تركيا"، وأن هذه الجهود "مستمرة والمحاولة جادة لتوصيل وجهة نظرنا الى مجلس الأمن والولاياتالمتحدة". ونفى ان تكون المحادثات مع مبارك تطرقت إلى أفكار عن رحيل الرئيس العراقي صدام حسين، وقال: إن "سياسة مصر والمملكة هي أن تغيير النظام يجب أن ينبع من داخل الدولة وليس من خارجها". ونفى الأمير سعود الفيصل أيضاً ما يتردد عن جهود مصرية - سعودية لإصدار عفو عام عن بعض القادة العراقيين، مشيراً إلى "تخمينات كثيرة" في الصحافة "لست مسؤولاً عنها". ورفض الحديث عما إذا كان الاجتماع الوزاري في تركيا سيمهد لقمة، وقال إن وزراء الخارجية سيجتمعون ويدرسون الوضع وما يتطلبه أما القمة فهي أمر يعود الى القادة. ورداً على سؤال عما إذا كان القادة مارسوا ضغطاً على الرئيس العراقي من أجل تسوية الأزمة سلمياً قال الأمير سعود الفيصل "إنه إذا كانت هناك حاجة لممارسة ضغط على صدام حسين فالضغط موجود بالفعل". ومن جهته، صرح ماهر بأن الأمير سعود الفيصل نقل رسالة الى مبارك من ولي العهد السعودي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، وأوضح أن المحادثات بدأت موسعة اذ ضمت وزراء المال والاقتصاد والتجارة من الجانبين وبحثت في سبل دعم التبادل التجاري والاقتصادي وتفعيل ما تم الاتفاق عليه في قمة الرياض الأخيرة. وأشار ماهر إلى أن الجزء الثاني من المحادثات ناقش المواضيع السياسية وخصوصاً المسألة العراقية والوضع في الأراضي الفلسطينية. وقال: "نتحرك في ثلاثة اتجاهات، أولها دعوة العراق إلى التعاون الكامل مع المفتشين الدوليين، والثاني مطالبة المفتشين بالعمل في إطار من الحيدة والموضوعية وتجنب أي عمليات استفزازية. والثالث مطالبة المجتمع الدولي أن يكون التحرك من خلال مجلس الأمن". وأكد ماهر "التوافق التام في وجهات النظر بين مصر والمملكة، ورغبتهما الأكيدة على العمل من أجل أن نضع العمل العربي على الطريق الصحيح الذي يحقق مصالح الأمة العربية ويجنبها الكثير من الأخطار". ونفى ماهر بدوره وجود مبادرة مصرية - سعودية في شأن العراق وإنما "محاولة جادة لتجنيب العراق وشعبه مخاطر عملية عسكرية". وقال ماهر إن هدف اجتماع الدول الست في اسطنبول غداً "ليس التدخل في الشؤون الداخلية العراقية"، وأن مواضيع "العفو العام عن القادة وتنحية صدام ليست ضمن جدول الأعمال". واتفق ماهر مع الأمير سعود الفيصل على أن "هذه مسائل يقررها الشعب العراقي، فهو الذي يختار قيادته، نحن مشغولون بالمساعدة في إيجاد الظروف التي تجنب الشعب العراقي مخاطر ضربة عسكرية والعمل في إطار الشرعية ومجلس الأمن". وكان ماهر صرح قبل المحادثات المصرية - السعودية بأن القاهرة وافقت على عقد اجتماع لوزراء الخارجية في المكان الذي يُتفق عليه و"أنها لا ترى داعياً لاجتماع قمة إلا إذا اتفق الوزراء على رفع توصية بذلك الى الزعماء ووافقوا عليها وعلى موعدها". الى ذلك، بثت وكالة الأنباء السورية ان الرئيس السوري بشار الأسد ورئيس الوزراء التركي عبدالله غل اتفقا خلال اتصال هاتفي مساء الاثنين على "عقد اجتماع اقليمي". وأوضحت الوكالة ان الأسد وغل "بحثا خلال الاتصال في الاجتماع المقبل لوزراء خارجية سورية ومصر والسعودية وايران والأردن وتركيا على ان يعقد الاجتماع المقبل في دمشق لمتابعة الجهود الاقليمية والدولية من اجل ايجاد حل سلمي للمسألة العراقية". وكان الشرع لفت في كلمة ألقاها السفير ميخائيل وهبة في مجلس الامن اول من امس الى "الأوضاع الخطيرة التي تعيشها منطقتنا الآن" مشيراً الى "الجهود التي تبذلها سورية وبعض دول المنطقة الجارة للعراق للتوصل الى حل سلمي لموضوع العراق". وأشار الى ان "قرار مجلس الأمن الرقم 1373، يشكل حجر الزاوية في جهودنا من أجل مكافحة الارهاب الدولي". وأشاد ب"الجهود التي بذلتها لجنة مكافحة الارهاب برئاسة السفير جيريمي غرينستوك، وتعاون سورية مع هذه اللجنة". ولفت الى "ازدياد الهواجس لربط الإرهاب بأسلحة الدمار الشامل". ودعا الى "عقد مؤتمر دولي بإشراف الأممالمتحدة لتعريف الإرهاب والتمييز بينه وبين نضال الشعوب من أجل الحرية ... وجعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل". وأشار الى "رفض اسرائيل الانضمام الى معاهدة حظر الانتشار النووي". ولفت الى "انه من الصعب جداً مكافحة العنف بوجود احتلال واستيطان اسرائيليين". وخلص الى ان "ايجاد حل عادل وشامل للصراع العربي - الاسرائيلي سيسهم في الجهود المبذولة لمكافحة الارهاب الدولي". من جهته نفى وزير الخارجية الاردني مروان المعشر امس معرفة عمان "بأي جهد سياسي يبذل في سبيل الاقتراح على الرئيس العراقي صدام حسين التخلي عن الحكم ومغادرة بغداد" وشكّك في ان "يكون هذا الامر قد خضع لتداول عربي" مؤكداً ان اجتماعات اللجنة السداسية التي ستلتئم في اسطنبول غداً للدول المعنية بالقضية العراقية "مخصصة لايجاد حل سياسي" للازمة بين بغدادوالولاياتالمتحدة. وفي تصريحات وزعتها وكالة الانباء الاردنية بترا اكد المعشر ان "ترحيل الرئيس العراقي عن بلده أمر غير مطروح ايضاً على جدول اعمال اجتماعات اللجنة السداسية" التي ستعقد على مستوى وزراء الخارجية بمشاركة الاردن والسعودية ومصر وسورية وايران وتركيا لتقرير مدى الحاجة لاجتماع قمة يحضره قادة الدول الست في انقرة، بل ان "المطروح هو ايجاد مخرج سياسي للأزمة" العراقية. وفي بيروت، نقل المبعوث الخاص للرئيس العراقي علي حسن المجيد رسالة شفوية من الرئيس صدام حسين الى نظيره اللبناني اميل لحود ركزت على موقف العراق من التطورات، خصوصاً الموقف من عمل المفتشين الدوليين. وحمّل لحود المبعوث العراقي رسالة جوابية جدد فيها تأكيد دعم لبنان التحركات القائمة من اجل تغليب الخيار السلمي، وذكّر بضرورة رفع الحصار عن الشعب العراقي. واستمر اللقاء ثلاثة ارباع الساعة ولم يدلِ المسؤول العراقي بأي تصريحات، في حين وزع المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية كلاماً للرئيس لحود اكد فيه ان لبنان يواصل اتصالاته من اجل ايجاد حلول سلمية للأزمة العراقية ترتكز الى ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية. وفي انقرة، افادت وكالة انباء الأناضول ان وزير الخارجية التركي يشار ياكش صرح أمس لصحافيين بأن "القمة" في شأن العراق ستعقد الخميس في اسطنبول. ولم يؤكد الوزير التركي مستوى المشاركين في هذا الاجتماع الذي قال مصدر ديبلوماسي تركي انه سيضم وزراء خارجية الدول الست. واكتفى ياكش بالقول ان الاجتماع سيعقد في 23 كانون الثاني يناير في اسطنبول. وأضاف ان المشاركين سيقررون ما إذا كان هذا الاجتماع يشكل مقدمة للقاء قمة على مستوى رؤساء الدول أو الحكومات. ويستخدم الاتراك عادة تعبير "قمة" في الإشارة الى الاجتماعات الديبلوماسية رفيعة المستوى، اضافة الى اجتماعات رؤساء الدول والحكومات. ويتوقع ان يعقد اللقاء في قصر جيراغان العثماني القديم المطل على البوسفور الذي تحول الى فندق فخم. وقال وزير الخارجية التركي ان الاتصال الهاتفي بين غل والأسد وضع النقاط على الحروف في شأن مكان وتاريخ عقد اول اجتماع لوزراء خارجية هذه الدول، بعدما كانت دول عربية أبدت رغبتها في ان يعقد الاجتماع الأول في عاصمة عربية. الا ان الحكومة التركية أصرت على ان يكون أول اجتماع في مدينة اسطنبول نزولاً عند رغبة الدولة صاحبة المبادرة. وعلمت "الحياة" ان الاتصالات الديبلوماسية المكثفة التي جرت بين البلدان الستة خلال الأيام الماضية اسفرت عن رغبة في تطوير الاقتراح التركي واقتراح آلية لعقد اجتماع دوري ومنتظم لوزراء خارجية هذه الدول ليشكل نواة لتعاون اقليمي دائم. وعلى هذا الاساس تم الاتفاق على ان يتبع اجتماع الخميس اجتماع آخر لم يحدد موعده في دمشق. وسيحدد وزراء الخارجية في اسطنبول إذا ما كانت هناك حاجة لعقد قمة يحضرها رؤساء الدول أم تكتفي الدول بإعلان بيان مشترك يدعو العراق الى الالتزام بقرارات الأممالمتحدة ويدعو الولاياتالمتحدة ايضاً الى ضرورة احترام القانون الدولي والشرعية الدولية والعدول عن فكرة توجيه ضربة للعراق خارج اطار الأممالمتحدة وقراراتها. وحسب مصادر مطلعة، فإن وزراء الخارجية سيحاولون رسم اطار قانوني يؤكد ضرورة التعامل مع العراق من خلال قرارات الأممالمتحدة من دون الخروج عنها أو المطالبة بأمور لم ينص عليها القرار 1441، واطار سياسي يجمع من خلاله الحاضرون على عدم تقديم أي دعم عسكري أو سياسي لضربة عسكرية اميركية ضد العراق خارج قرارات الأممالمتحدة. ومن المحتمل ان يدرس اجتماع غد الخميس اقتراح توسيع العمل الاقليمي ليضم مستقبلاً عدداً آخر من دول المنطقة. واكدت وزارة الخارجية التركية ان البيان المشترك وجدول أعمال الاجتماع يخلوان من أي اشارة الى اقتراح بتنحي الرئيس العراقي صدام حسين أو نفيه. وقالت: "ان هذا الأمر يعود للشعب العراقي والحكومة العراقية". ورأت مصادر ديبلوماسية عربية وتركية ان السعي الاقليمي هذا قد ينجح في تجنيب المنطقة الحرب ويخلص واشنطن من الحرج بعد ارسالها حشوداً عسكرية الى المنطقة، ويؤكد سيادة الشرعية الدولية. واكدت ان هذه المبادرة تتم بعلم واشنطن ولكن من دون تدخل الإدارة الاميركية فيها، كما انها لا تشكل جبهة عمل ضد واشنطن، وانما محاولة لكبح جماح بعض المتطرفين في الادارة الاميركية.